مصر السيسي تستفز المغرب
"المصريون المسيحيون لن يكـونـوا كبش الفداء"، هذه إحدى تغريدات أماني الخياط، في أغسطس/آب 2013. لم تدرك هذه المذيعة أنها ستصبح كبش فداء في أقل من عام. تصريحاتها ضد المغرب لم تكن أول الاستفزازات المصرية تجاه البلد الشقيق، إذ سبقتها مناوشات حكومية وإعلامية، أثارت سخط الشعب المغربي، وكانت إهانات هذه الفتاة النقطة التي أفاضت الإناء بما فيه، فانفجر المغاربة في الداخل والخارج. أولى الاستفزازات المصرية تجاه المغرب، كانت زيارة رئيس الانقلاب المصري، عبد الفتاح السيسي، الجزائر، إذ أثارت هذه الرحلة مخاوف لدى المغاربة، من إمكانية حدوث تقارب مصري جزائري، شبيه بالذي حدث في حرب الرمال 1963، وهي الحرب التي اتحد فيها النظامان المصري بقيادة جمال عبد الناصر، والجزائري تحت زعامة أحمد بن بلا، ضد الملك الحسن الثاني. حيث يخشى المغاربة أن يؤدي التقارب المصري الجزائري إلى أن يعترف المصريون بدولة الصحراء، الأمر الذي إذا ما حدث سيكون بمثابة قطع العلاقات المصرية المغربية.
لمخاوف المغرب ما يبررها، من وجهة نظرهم، لأن النظامين المصري والجزائري يديرهما العسكر. كما أنهما يحاربان ما يسمى بالإسلام السياسي، وهو ما تتبناه المغرب الآن، حيث توجد فيه حكومة ذات توجه إسلامي. زيارة السيسي للجزائر هدفت إلى الحصول على دعم مالي واقتصادي منها، حيث أمل المشير في الحصول على مساعدة مالية جزائرية، خصوصاً بعد إقراض الأخيرة خمسة مليارات دولار لصندوق النقد الدولي.
أما ثاني الاستفزازات المصرية للمغرب، فحدث نتيجة زيارة وفد إعلامي مصري مخيمات اللاجئين الصحراويين، في مدينة تندوف جنوب الجزائر. والاستفزاز الثالث، كان في الصورة التي جمعت بين محمد عبد العزيز، رئيس جمهورية الصحراء، والمشير عبد الفتاح السيسي، في القمة الأفريقية التي عقدت في غينيا الاستوائية، والتي تغيب عنها الملك محمد السادس، بسبب انسحاب المغرب من الاتحاد الافريقي، عقب اعتراف الأخير بدولة الصحراء.
زيارة السيسي للجزائر والسماح للإعلام المصري بالحديث عن البوليساريو، بعد تجاهل دام أكثر من نصف قرن، كل هذه التحركات أشعرت المغاربة، حكومة وشعباً، بالسوء. وتصريحات الخياط كانت رأس سنمة الاستفزاز، إذ انتهزتها الأحزاب السياسية، ونجحت في دفع الشارع المغربي إلى تظاهراتٍ، توجهت للسفارة المصرية. ولم تقتصر أحداث الرفض المغربي على الداخل، بل أيضاً في القاهرة، سمعنا صوت السيدة زهرة أقصبي، زوجة السفير المغربي لدى مصر، التي دافعت عن النساء المغربيات، وأشارت إلى انجازاتهن الغزيرة.
حاولت الخياط باساءاتها، أن تضرب عدة عصافير بحجر؛ فالهجوم على حماس من شأنه إرضاء السلطة في مصر، واستكمال مسلسل الاستفزاز المصري للمغرب، وربما أرادت ان تختلق مشكلة مع المغرب، لتلهي بها المصريين عن المجازر في غزة، ولكن، لسوء حظها، فشل تخطيطها، وخرجت بمظهر كبش الفداء على الملأ، في ظل تنصل من تناصرهم منها.