وأصدر الرئيس المصري قراراً، اليوم الخميس، بإقالة إبراهيم وبعض الوزراء من مناصبهم، وتعيين، اللواء مجدي عبد الغفار، وزيراً للداخلية، وكان سابقاً يعمل مديراً لقطاع الأمن الوطني (مباحث أمن الدولة في عهد مبارك) عقب ثورة يناير.
وظهرت إرهاصات الاستغناء عن الشريك، مع استمرار وتعدد الانتقادات الموجهة إلى سياساته منذ الإطاحة بمرسي من الحكم، خصوصاً وأنه كان أحد الأضلع الرئيسية في الانقلاب باستخدام الأذرع الإعلامية، التي كانت تسريبات مكتب السيسي كفيلة بالكشف عن تفاصيلها.
ولعب إبراهيم دوراً خفيّاً في الترتيب للانقلاب مع السيسي والمجلس العسكري، فالرجل يعد "صندوقاً أسود" للفترة التي سبقت الإطاحة بمرسي، فضلاً عن الفترة الحالية.
ويعد وزير الداخلية السابق، العقل المدبر لجرائم وانتهاكات جهاز الشرطة في مواجهة معارضي النظام الحالي.
ورغم حالة الغضب من إبراهيم وإقالته من منصبه، بدا أن شريكه مضطر لتعيينه في منصب مستشار رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، بدرجة نائب رئيس وزراء، وهو منصب شرفي دون صلاحيات.
ويعكس القرار -على الرغم من إخفاقات الرجل وتوريط النظام مع كل الأطراف- خوفاً شديداً من إفلات لسان إبراهيم بما يورط أكثر وأكثر خلال الفترة المقبلة.
ويبدو أن السيسي بقرار تعيين وزير الداخلية السابق نائب رئيس وزراء، رغب في حمايته من الملاحقات القضائية، لتورطه في عشرات من حوادث القتل والتعذيب في السجون وأقسام الشرطة.
ودفع إبراهيم بأفضل ما لديه من قدرات للحفاظ على النظام الحالي، بيد أن رياح التغيير التي قادها السيسي أطاحته.
وحاول الرئيس المصري -ربما- احتواء غضب الرجل من تأثير قراره، بالإبقاء عليه أطول فترة ممكنة في التشكيلة الرسمية للنظام الحالي، لضمان بقاء أسرار المرحلة الانتقالية في "الصندوق الأسود"، وهو وزير الداخلية السابق.
وفي خلفية المشهد الحالي والتعديل الوزاري، يتردد كثيراً إسم مستشار الرئيس المصري للشؤون الأمنية اللواء أحمد جمال الدين، كأحد أبرز الأسباب التي دفعت إلى إطاحة إبراهيم من منصبه.
وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، تصاعدت حدة الخلافات والصراعات بين جمال الدين وإبراهيم، وهي تفاصيل بات يتداولها بعض الأوساط، ولكنها لم تخرج إلى الإعلام.
وعلى ما يبدو فإن جمال الدين أراد إطاحة الرجل على خلفية اعتراضات على أدائه وسياساته، وفضّل أن يأتي، بدلاً منه، بشخص يدين بالولاء له، ولا يخفى على أحد أن وزير الداخلية الحالي جاء باختيار مستشار الرئيس ذاته.
ويمكن فهم طبيعة الصراعات بين الطرفين خلال الفترة الماضية، في ضوء الصراعات داخل أجنحة النظام الحالي، والرغبة في تمكين بعض الأشخاص من توطيد وضعهم في النظام الوليد، باعتبارهم مراكز قوى وثقلاً داخل أروقته.
وتصاعدت حدة الهجوم الإعلامي على وزير الداخلية السابق، خصوصاً عقب مقتل عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي شيماء الصباغ، وأحداث استاد الدفاع الجوي بما تعرف بـ"مجزرة أولتراس الزمالك".
اقرأ أيضاً: مذبحة "وايت نايتس" في ذكرى بورسعيد: فرضية الجريمة المدبرة
وبدا أن الهجوم الإعلامي على إبراهيم، بمثابة ضوء أخضر للبدء في تصفية الرجل إعلاميّاً، تمهيداً لإقالته وحرقه عند الشعب.
وإقالة إبراهيم من منصبه، لا يمكن فهمها إلا في إطار نظرية "كبش الفداء"، بموجبها يتم تقليل حدّة الانتقادات للنظام بسبب سياسات الوزير المقال، وامتصاص الغضب الشعبي.
وفي السياق ذاته، تعددت "المعارك" بين ضباط الجيش والشرطة خلال الأشهر القليلة الماضية، منها ما حدث في الإسكندرية من هجوم قوات من البحرية على أحد أقسام شرطة على خلفية مشاجرة بين ضباط جيش وشرطة.
وفي واقعة أخرى، تعدى ضابط وأمين وأفراد تابعون للشرطة في أحد الكمائن على عقيد جيش، وتعديهم عليه لفظيّاً هو وزوجته.
وما كان إلا أن تحركت قوات الشرطة العسكرية إلى المكان المتواجد فيه عقيد الجيش، وتم اقتياد الضابط والأفراد من الكمين، وتكديرهم في أحد المعسكرات التابعة للجيش.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال، إغفال التسريبات التي خرجت للوزير السابق، وكانت سبباً في إطاحته، حيث أذاعت إحدى القنوات الفضائية المعارضة للنظام الحالي من الخارج، والتي تحدث فيها عن استخدام الرصاص الحي في مواجهة التظاهرات المعارضة.
وفي عهد وزير الداخلية السابق، رصدت منظمات حقوقية مقتل ما يزيد عن ألفي مواطن، أغلبهم خلال تظاهرات وفعاليات سياسية، واجهتها وزارة الداخلية بالعنف والقمع.
فيما يتجاوز عدد المصابين عدد القتلى، ويقدر عدد المعتقلين بما يزيد عن 30 ألف مواطن، وهؤلاء فقط هم حصيلة بعض عمليات الرصد وليس العدد الفعلي للمعتقلين.
ويعد إبراهيم صاحب قرار فض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، في ميداني رابعة العدوية والنهضة، في أغسطس 2013.
فيما حدثت في عهده "محرقة" جديدة معروفة إعلاميّاً بـ"عربة الترحيلات"، حين أطلق ضباط شرطة من قوة الترحيلات الغاز المسيل للدموع داخل العربة وهي مغلقة.
وخلال الشهرين الماضيين، وقعت حادثتان كانتا السبب الرئيسي فيها وزارة الداخلية، وهي مقتل شيماء الصباغ برصاص الشرطة في ميدان طلعت حرب عشية إحياء ذكرى ثورة يناير الرابعة.
وأعقب واقعة الصباغ، مقتل ما يزيد عن 30 شاباً من أولتراس نادي الزمالك، خلال عملية تدافع نتجت عن إطلاق قوات الشرطة المكلفة تأمين استاد الدفاع الجوي خلال إحدى مباريات كرة القدم الغاز المسيل للدموع على بضعة آلاف من الشباب.