أعلن "مجلس عائلات جزيرة الوراق" -الجزيرة النيلية الريفية التي تسعى الحكومة للسيطرة عليها وتحويلها لمشروع استثماري-اعتقال ناصر أبو العينين، أحد كبار ورموز الجزيرة والناشط في الدفاع عن أهاليها، من مطار القاهرة أثناء عودته من أداء فريضة الحج.
وحسب ما أكده أحد أهالي الجزيرة، فإن أبو العينين ألقي القبض عليه بموجب قرار ضبط وإحضار ضمن 25 آخرين من أهالي الجزيرة على خلفية تظاهراتهم المعارضة للحكومة ومخططاتها للاستيلاء على الجزيرة وطرد سكانها، مشيرًا إلى تخوف الـ24 الآخرين الصادر بحقهم قرارات الضبط والإحضار، من تنفيذها، بعدما ظنوا أن القرار حُفظ وانتهى، لمرور كل تلك السنوات دون تنفيذه.
يشار إلى أنه في 13 يونيو/حزيران الماضي، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على 4 من عائلة واحدة من عائلات جزيرة الوراق، بسبب رفضهم مغادرة منازلهم وهدمها على خلفية مسيرة احتجاجية نظمها أهالي الجزيرة في أرجائها، طالبوا فيها بحرية المحبوسين والكف عن تهجير الأهالي، ورددوا هتافات "سيبوا إخواتنا المحبوسين... إحنا عليها ليوم الدين".
أزمة جزيرة الوراق كانت قد بدأت عندما قامت قوات من الجيش والشرطة بتاريخ 16 يوليو/تموز 2017 بإزالة وهدم عدد حوالي 18 منزلًا من منازل جزيرة الوراق، مما أدى إلى اشتباكات ما بين الأهالي وقوات الأمن التي قامت بإطلاق الأعيرة النارية "الخرطوش" وقنابل الغاز المسيلة للدموع، وهو ما أدى إلى وفاة أحد أهالي الجزيرة وهو سيد الغلبان وإصابة العديد، وهو ما صدر معه قرار من وزير الداخلية بوقف حملة الإخلاء القسري لأهالي جزيرة الوراق.
وعلى أثر ذلك، تم تحرير محضر بالواقعة واتهام 22 من أهالي جزيرة الوراق باتهام التظاهر وتمت إحالة القضية إلى محكمة الجنح وحددت أول جلسة لنظرها في 30 يوليو/تموز 2018 وﻻ تزال القضية منظورة أمام المحكمة.
ومطلع العام الماضي 2018، أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري، قرارًا بنقل تبعية الجزيرة إلى هيئة المجتمعات العمرانية وتعيين رئيس لها من أجل إتمام خطة ما تسميه الحكومة، بخطة التطوير التي أعلنتها منذ شهر مايو/أيار 2017، والتي يرفض سكان جزيرة الوراق أن تكون على حساب حياتهم ومنازلهم.
ومنذ ذلك الحين توالت اﻻستدعاءات الأمنية لأهالي جزيرة الوراق من أجل الضغط عليهم لبيع أراضيهم ومنازلهم للبدء في تطبيق خطة التطوير والتهجير التي تتبناها الحكومة، وهو الأمر الذي دفع بالعديد من أهالي الجزيرة – تحت تهديد الحصار والقمع الأمني – إلى التنازل فعلياً عن أراضيهم لهيئة المجتمعات العمرانية.
وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، تجدَّد الصراع من جديد على أرض جزيرة الوراق، إذ حاصرت قوات الشرطة، صباح يوم الثلاثاء 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، معدية دمنهور، وهي أهم المعديات التي تربط الجزيرة بشبرا الخيمة من الناحية الشرقية، وأمرت أصحاب المعدية بإخلاء المرسى لإزالته من أجل تشغيل عبَّارة تابعة للجيش مكانها، وما إن علم الأهالي حتى تصدَّوا للشرطة لوقف عملية الإزالة، وتبع ذلك حضور قوات أكبر من الأمن المركزي والقوات الخاصة، ثم حضر مدير أمن القليوبية الذي أمر بسحب القوات خشية تطوُّر الأحداث.
وتُعَد جزيرة الوراق هي الأكبر في نهر النيل، إذ تبلغ مساحتها 1850 فدانا، ويصل عدد سكانها إلى ما يقرب من 200 ألف مواطن. تحتل الجزيرة موقعًا متميِّزًا حيث تمثِّل الرابط بين محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، وتُعَد كذلك من أهم المناطق الزراعية، إذ تشغل الأراضي الزراعية أكثر من نصف مساحتها، وتنتج هذه الأراضي أجود أنواع المحاصيل، بينما يعمل معظم سكانها بالزراعة والصيد.
وكانت الوراق تُعتَبَر، هي و16 جزيرة نيلية أخرى، محميات طبيعية وفقًا لقرار رئيس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998، حتى أصدر شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق، يوم 19 يونيو/حزيران 2017، قرارًا مُفاجِئًا باستبعاد 17 جزيرة وعلى رأسها الوراق من هذا القرار.
وحسب "حركة الاشتراكيين الثوريين"، فإن الشركتين المسؤولتين عن عملية تطوير الجزيرة، بجانب اللجنة الهندسية للقوات المسلحة، هما شركة "آر إس بي" الإماراتية السنغافورية للتخطيط المعماري، التي تم التعاقد معها عام 2013، وشركة "كيوب" للاستشارات الهندسية التي تعاقَدَت معها حكومة نظيف عام 2010، وقد أعلنت شركة "آر إس بي" عن التصميم الذي تود أن تُنفِّذه على موقعها الإلكتروني، لكنها حذفته بعد توجيه انتقاداتٍ شديدة لها.