رحّبت "قوة العمل المناهضة لختان الإناث"، وهي مبادرة حقوقية مصرية، بقرار النيابة الإدارية بإحالة الطبيب، مفتش الصحة المتهم بختان فتاة والتسبّب في عاهة مستديمة لها، بسوهاج إلى المحكمة الإدارية. وقالت إنّ ذلك إيماناً منها بأهمية الدور المؤسسي والهيكلي الذي من المفترض أن تقوم به مؤسسات الرعاية الصحية في التصدي للانتهاكات في حق الفتيات والنساء، وإقراراً بالمسؤولية الأخلاقية والمهنية للمؤسسات العامة ومقدمي الرعاية الصحية كعاملين في القطاع الصحي.
وفي 6 أغسطس/ آب 2020، أحالت النيابة الإدارية طبيب مفتش صحة إلى المحكمة الإدارية بعد تحقيق موسّع فتحته، بعد تلقيها إخطاراً من مديرية الصحة ومديرية الأمن بمحافظة سوهاج في مايو/أيار 2018، ومن بعد إتمام تحقيقات النيابة العامة، في واقعة الختان التي أجراها الطبيب الجاني في منزل الفتاة المجني عليها.
ترجع الوقائع إلى عام 2018، عندما قام طبيب بوزارة الصحة، وهو يعمل مفتشاً للصحة ومديراً بوحدة صحية بقرية كوم الصعايدة، بمركز جرجا، في محافظة سوهاج، بإجراء ختان لفتاة يعمل والدها في الوحدة الصحية نفسها مع المفتش. ونتج عن الختان نزيف حاد استمر لأيام وسبّب للفتاة عاهة مستديمة، أجبرتها على الإقامة في مستشفى سوهاج الجامعي لمدة تزيد على عام ونصف.
وبعد أن أخلت محكمة جرجا الجزئية سبيل مفتش الصحة الجاني، ووالد الفتاة المجني عليها بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه لكل منهما، قضت محكمة جنايات جنوب سوهاج، في القضية رقم 5331 لسنة 2018 جنايات جرجا، والمقيدة برقم 1504 لسنة 2018 كلي سوهاج، بجلسة 20 يناير/كانون الثاني 2020 بمعاقبة مفتش الصحة حضورياً وغيابياً، ووالد الفتاة بالحبس سنة واحدة مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات. امتدت إقامة الفتاة المجني عليها في مستشفى سوهاج الجامعي مدة تزيد على تلك التي قضاها الطبيب الجاني محتجزاً على ذمة التحقيقات، ومكّنه وقف التنفيذ من المضي قدماً في حياته.
وبينما رحّبت "قوة العمل المناهضة لختان الإناث" بإحالة الطبيب الجاني إلى التأديب، فإنّها أعربت أيضاً عن قلقها تجاه الإفراط في استخدام المادة 17 من قانون العقوبات واستخدام الرأفة لصالح الطبيب المتهم بجريمة الختان.
وأخيراً، ومن أجل تحقيق العدالة للفتيات والنساء فيما وقع على أجسادهن جرّاء سنوات من تمرير الختان عبر الأجيال، أكّدت "قوة العمل المناهضة لختان الإناث" ضرورة محاسبة مقدمي الرعاية الصحية الذين يرتكبون تلك الجرائم في حق الفتيات إدارياً وجنائياً.
وطالبت "قوة العمل المناهضة لختان الإناث" بـ"عدم استخدام المادة 17 من قانون العقوبات، والتي تنصّ على: "أنه يجوز في مواد الجنايات، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية، رأفة القضاة بتخفيف العقوبة، في القضايا المقامة ضد الأطباء لإجرائهم ختانًا للفتيات والنساء، أسوة بعدم استخدامها في قضايا المخدرات".
كما طالبت "نقابة الأطباء اتخاذ إجراءات تأديبية تجاه أعضائها الميسرين والممارسين لختان الإناث مع إعلان تلك الإجراءات ونتائجها"، وقالت إنه "على وزارة الصحة والسكان تشديد الرقابة على مفتشي الصحة وتدريبهم للتصدي لممارسة جريمة ختان الإناث داخل وخارج المنشآت الصحية".
وطالبت كذلك بـ"تفعيل فوريّ للسياسات الخاصة، بتدريب وتأهيل الأطباء عن طريق إدماج مواد تعليمية في مناهج كليات الطب تُعرف بجرائم ختان الإناث وأضراره وعواقبه القانونية".
يُشار إلى أنّه تمّ تدشين "قوة العمل المناهضة لختان الإناث"، في 6 فبراير/شباط 2018 وهي مبادرة حقوقية تجمع عدد من المؤسسات والمنظمات والائتلافات، منها: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مؤسسة المرأة الجديدة، مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، مبادرة الحب ثقافة، مبادرة المحاميات المصريات، مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، الائتلاف المصري لحقوق الطفل، الجمعية المصرية للتنمية الشاملة، مؤسسة سالمة لتنمية النساء، الاتحاد النوعي للجمعيات العاملة لمناهضة الممارسات الضارة ضد المرأة والطفل، ائتلاف الجمعيات الأهلية لمناهضة ختان الإناث.