ولم تستجب حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمطالب أعضاء البرلمان باستثناء الشريحتين الأولى والثانية من الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء، كونهما يرتبطان بالشرائح الدنيا من المجتمع، والأقل استهلاكاً لاستخدام الكهرباء، بل على النقيض أقرت وزارة الكهرباء أعلى نسبة زيادة في سعر الشريحة الأولى للاستهلاك المنزلي (حتى استهلاك 50 كيلووات) بواقع 70%، بعد رفع سعر استهلاك الكيلووات من 0.13 جنيه إلى 0.22 جنيه.
وعانت الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر في العامين الأخيرين من ارتفاع حاد في أسعار جميع السلع والخدمات. وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، انتشرت شاحنات الجيش في أنحاء البلاد لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة وزادت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.
وأعلن وزير الكهرباء المصري محمد شاكر عن زيادة أسعار الكهرباء المنزلية والصناعية بنسب تراوح ما بين 26% و70%، كما أعلن عن الزيادات الجديدة التي فرضتها الوزارة على أسعار الكهرباء المخصصة للاستهلاك المنزلي والصناعي.
وأكد شاكر، في مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء، أن الزيادات الجديدة في الأسعار سيتم تطبيقها اعتبارا من فاتورة يوليو/تموز المقبل، وهو موعد بدء تطبيق الموازنة الجديدة للدولة والتي تنتهي في 30 يونيو/حزيران 2019. وأضاف أن مجلس الوزراء وافق على الأسعار الجديدة للكهرباء في 30 مايو/أيار الماضي، ولكن كنا ننتظر الوقت المناسب للإعلان.
وفي ما يتعلق بالقطاع الصناعي، قال وزير الكهرباء والطاقة إنه ستتم زيادة أسعار الكهرباء لمصانع الجهد الفائق بنسبة تصل إلى 41.8% فى العام المالي 2018-2019.
وأضاف شاكر أن رسوم الكهرباء في الجهد الفائق الذي يستخدم عادة في مصانع الحديد والصلب ستزيد بمتوسط نحو 41.8% في السنة المالية المقبلة التي تبدأ في الأول من يوليو/تموز. وتابع أن رسوم الكهرباء في الجهد المنخفض الذي يستخدم في المنازل والمتاجر والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر ستزيد بمتوسط نحو 20.9%.
وحسب الوزير المصري، فإن إعادة هيكلة دعم الكهرباء أمر ضروري وحتمي للاستمرار في توليد الكهرباء... وكان من المفترض انتهاء خطة الدعم في 2019، ولكن حدث تأجيل نتيجة للإصلاح الاقتصادي الضروري ورفع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف.
وتنفذ الحكومة المصرية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي برنامجًا للإصلاح الاقتصادي لمدة ثلاث سنوات يشمل تحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة والمياه سنويًا وزيادة إيرادات الدولة وإقرار عدد من القوانين الجديدة المحفزة للاستثمار.
وفي ما يتعلق بأسعار الكهرباء الجديدة المخصصة للاستهلاك المحلي، أعلن الوزير عن زيادة أسعار جميع شرائح الكهرباء التي حددها بسبع شرائح، قائلاً إن الخطوة تأتي في إطار خطة الحكومة لرفع الدعم عن قطاع الكهرباء بصورة تدريجية حتى عام 2021.
ووفقًا للزيادات الجديدة والتي تمسّ بشكل كبير الطبقة الوسطى من المصريين، فإنّ الشريحة الأولى تبدأ من صفر إلى 50 كيلووات، حيث تمت زيادة سعر هذه الشريحة بنسبة 70% حيث كان سعر الكيلووات 13 قرشًا وأصبح 22 قرشًا.
أما الشريحة الثانية فتبدأ من 51 إلى 100 كيلووات وأصبحت بسعر 30 قرشا من 22 قرشا وبزيادة 36%. والشريحة الثالثة تبدأ من 101 إلى 200 كيلووات أصبحت بسعر 36 قرشا بدلاً من 27 قرشا وبزيادة 33%.
وتبدأ الشريحة الرابعة من 201 إلى 350 كيلووات، وأصبحت بسعر 70 قرشا بدلا من 55 قرشا وبزيادة 27%، والشريحة الخامسة تبدأ من 351 إلى 650 كيلووات وأصبحت بسعر 90 قرشا للكيلووات بدلا من 75 قرشا وبزيادة 27%.
وجاءت الشريحة السادسة والتي تبدأ من استهلاك 651 إلى 1000 كيلووات، حيث ارتفعت إلى 135 قرشا بدلا من 125 قرشا وبزيادة 8%، بينما الشريحة السابعة أكثر من 1000 كيلووات زادت إلى 145 قرشا من 135 قرشا وبارتفاع 7.5%.
وبرر وزير الكهرباء المصري خلال المؤتمر الصحافي الزيادة الأعلى لشرائح الاستهلاك الأقل، بالقول إن "مستهلكي الشريحة الأولى، والبالغ عددهم 3.5 ملايين مواطن، لن يتحملوا سوى 18% من قيمة الفاتورة، لأن المواطن سيدفع 12 جنيهاً بفاتورته الشهرية، بينما تصل الكلفة الفعلية إلى 65 جنيهاً"، حسب زعمه، متابعاً "من يستهلك كهرباء أقل من المواطنين، سيحصل على دعم أعلى، ومن يستهلك كهرباء أعلى، سيحصل على دعم أقل".
وبحسب شاكر، فإن عدم تعديل (زيادة) أسعار الكهرباء قد يكبد الدولة خسائر تصل إلى 109 مليارات جنيه (ما يعادل 6.1 مليارات دولار)، نتيجة ارتفاع السعر العالمي للوقود، علماً أن مشروع الموازنة الجديد أظهر انخفاضاً في مخصصات دعم الكهرباء من 30 مليار جنيه إلى 16 ملياراً، بما يعادل نسبة 47%، نتيجة مضي الحكومة في خطة رفع الدعم نهائياً عن القطاع، ارتباطاً ببرنامجها الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وأدعى شاكر أن الشريحة الأولى ستحصل على دعم قيمته مليار جنيه، والشريحة الثانية على دعم قيمته 3 مليارات و300 مليون جنيه، والشريحة الثالثة على دعم قيمته 19 ملياراً ونصف المليار جنيه، والرابعة على دعم قيمته 14 ملياراً و800 مليون جنيه، والخامسة على دعم قيمته 7 مليارات جنيه، والسادسة على دعم قيمته ملياراً و182 مليون جنيه، بينما تحقق الشريحة الأخيرة فائضاً يقدر بمليار و121 مليون جنيه.
وأضاف شاكر أنه "لا يمكن تثبيت أسعار الكهرباء، لأن سعر الطاقة الكهربائية المباع للمصانع المحلية حالياً (قبل الزيادة) يعد أقل من سعرها للمنافس الأجنبي في الخارج، وخاصة في قطاع صناعة الحديد"، معتبراً أن حكومة بلاده راعت محدودي الدخل، وذلك بمد فترة رفع (تحرير) الدعم عن الكهرباء إلى العام المالي (2020/2021)، عوضاً عن العام المالي (2018/2019).
وتابع أن "متوسط زيادة تعرفة الكهرباء في الجهد الفائق، الذي يستخدم عادة في مصانع الحديد والصلب، يبلغ نحو 41.8% في السنة المالية المقبلة، بينما زاد متوسط تعرفة الكهرباء في الجهد المنخفض، الذي يستخدم في المنازل والمحلات التجارية والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، بنحو 20.9%"، حسب قول الوزير.
واعترف شاكر بوجود انقطاعات جزئية في الكهرباء بعدد من مناطق البلاد، من جراء عمليات الصيانة و"المناورات" التي تقوم بها شركات التوزيع والنقل بمختلف المحافظات، مشيراً إلى وجود خطة بشأن تطوير شبكات النقل والتوزيع، ومن المقرر الانتهاء منها منتصف العام المقبل، علاوة على توفير نحو المليار دولار (كلفة الوقود) عقب الانتهاء من إنشاء ثلاث محطات كهرباء جاري تنفيذها.
وأشار إلى شروع وزارته حالياً في إنشاء محطة لتوليد الكهرباء من الفحم، ومحطة للضخ والتخزين بجبل عتاقة، ومشروع للطاقة الشمسية بمنطقة "بنبان" بمحافظة أسوان، لافتاً إلى تطلع الحكومة نحو خفض الدعم الذي تستخدمه لإبقاء أسعار الطاقة للمستهلكين منخفضة في إطار جهود رامية لتحسين الأوضاع المالية العامة.
وزاد شاكر قائلاً: "الوزارة نجحت في إضافة 25 ألف ميغاوات للشبكة الكهربائية منذ العام 2015، من بينها 14 ألف ميغاوات لمحطات سيمنس (العملاقة)"، مستطرداً "ما تحقق في مجال توليد الكهرباء هو إنجاز كبير، ويعطي رسائل طمأنة للمستثمرين بتوافر الطاقة الضرورية لأي صناعة، وانتظامها بالشكل المطلوب".
وختم وزير الكهرباء بالقول إن "الوزارة تعمل على تعدد مصادر وقود توليد التيار الكهربائي، لتصل إلى نسبة 30% من الطاقة المتجددة، في ضوء إنشاء 4 مفاعلات بمحطة الضبعة النووية، بطاقة تبلغ 4800 ميغاوات. وفي حال انخفاض سعر الدولار في مقابل الجنيه، أو انخفاض سعر الوقود عالمياً في العام المالي المقبل، سيتم خفض سعر بيع الكيلووات للمستهلكين المحليين".
كان السيسي قد قال في 16 مايو/أيار الماضي، خلال فعاليات مؤتمر الشباب الخامس، إن جهود الحكومة والأجهزة التنفيذية نجحت فى رفع إنتاج شبكة الكهرباء بنسبة 100% خلال عامين ونصف العام، مستدركاً "الدكتور شاكر (وزير الكهرباء) معذبنا، ومعذب وزير المالية ورئيس الوزراء معاه في الحساب.. ورفع إنتاج الكهرباء بنسبة 100% جه بالسلف (الدين)".
يذكر أن وزارة الكهرباء المصرية تطبق خطة لرفع الدعم كلية عن الكهرباء تستمر حتى عام 2020، حيث من المتوقع رفع الدعم نهائياً وبيع الكهرباء بالسعر العالمي بداية من عام 2021.