قال متعاملون في سوق الصرف بمصر، إن الحكومة بدأت تحركات فعلية لسحب الدولار من السوق السوداء، عبر سياسة تحريك سعر صرف العملة الأميركية بشكل تدريجي من قبل البنك المركزي وحث البنوك على شراء العملة الأميركية من المتعاملين بهوامش سعرية أعلى.
وتزامنت تحركات "المركزي" مع عودة قوية للسوق السوداء للعملة بعد انحسار كبير استمر أكثر من ثلاث سنوات، إثر حملات أمنية واسعة استهدفت شركات الصرافة والمتعاملين في النقد الأجنبي.
وانخفض الجنيه، أمس الاثنين، إلى 16.21 جنيها للدولار الواحد، بينما يقترب سعر العملة الأميركية في السوق السوداء من حاجز 17 جنيها، وكانت قد بلغت قبل ظهور تداعيات جائجة كورونا في مصر نحو 15.51 جنيه للدولار في الأسبوع الأخير من فبراير/ شباط الماضي.
وأضرت الجائحة بشكل حاد ببعض أهم موارد النقد الأجنبي لمصر في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وبخاصة السياحة، التي تشكل حوالي 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت عائداتها العام الماضي نحو 13 مليار دولار.
كما تراجعت تحويلات المصريين في الخارج وانخفضت عائدات قناة السويس، ونزحت نحو 21.6 مليار دولار استثمارات الأجانب في أسواق الدين المحلية خلال مارس/آذار وإبريل/نيسان، وفق البيانات الرسمية.
وتراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، للشهر الثالث على التوالي بنهاية مايو/أيار، رغم القروض المكثفة التي حصلت عليها الدولة من صندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية عدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لمواجهة تداعيات كورونا، التي أجهزت على الاقتصاد.
ووفق البنك المركزي، انخفضت الاحتياطيات الأجنبية إلى نحو 36 مليار دولار نهاية الشهر الماضي، مقابل نحو 37 مليار دولار في نهاية إبريل/ نيسان، لترتفع بذلك قيمة ما سُحب من الاحتياطي خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 9.5 مليارات دولار.
وتوقع مسؤول مصرفي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن يواصل الجنيه تراجعه خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى وجود عجز كبير في الأصول الأجنبية لدى البنوك، بعد الطلب المتزايد من الأجانب على العملة الأميركية.
وتعيد أجواء سوق الصرف حاليا الأذهان إلى ما قبل تعويم الجنيه رسمياً في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، حيث لجأت البنوك إلى رفع سعر الدولار بشكل كبير لجذب جانب من السيولة الأجنبية لدى السوق السوداء ومكتنزيها.
وقال عدد من المتعاملين في سوق الصرف، لوكالة "رويترز"، إن السوق السوداء شهدت خلال الأيام الماضية مضاربات عنيفة على الدولار، حيث وصل سعر العملة الأميركية إلى 17.15 جنيها مطلع الأسبوع، قبل أن يعاود التراجع وسط انسحاب الطلبات ويسجل بنهاية أمس 16.90 جنيها.
وقال هاني توفيق، الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر: "أتوقع استمرار تراجع الجنيه حتى يصل إلى مستوى 18 جنيها بنهاية العام في السوق الرسمية"، مؤكدا أن السوق الموازية (السوداء) للدولار عادت من جديد مع نقص العملة.
وتوقعت مذكرة بحثية لبنك "إتش. إس. بي. سي"، الأسبوع الماضي، أن يسجل سعر صرف العملة رسمياً 16.5 جنيها للدولار في الأسابيع المقبلة و17.5 جنيها بنهاية العام، بدلا من 17 جنيها في التوقعات السابقة.