بدا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واثقاً من إتمام القروض الدولية التي تحاول الحكومة الحصول عليها خلال الفترة الحالية، وعلى رأسها قرض من صندوق النقد الدولي، يُقدّر بـ12 مليار دولار على ثلاث سنوات. وكان السيسي قد وعد، يوم الاثنين، خلال لقائه شباب البرنامج الرئاسي للتأهيل، بحلّ أزمة الدولار، وعبّر عن ذلك بالقول: "بفضل الله الناس اللي مخزنة الدولار هتجري بكره على البنوك تفكّه"، في إشارةٍ إلى اقتراب الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، ورسالة فحواها ألا بديل عنه. مع العلم أن الحكومة المصرية تجري حالياً، وحتى نهاية اﻷسبوع المقبل، مشاورات مع وفد صندوق النقد الدولي المتواجد في القاهرة، لمعرفة إصلاحاتها ورؤيتها في اﻹصلاح الاقتصادي، تمهيداً للموافقة على منحها القرض.
تصريحات السيسي، مع تأكيدات الحكومة على لسان المسؤولين والوزراء، بعدم المساس بمحدودي الدخل وضعف تأثير القروض على أوضاعهم المعيشة، لم تجد صدىً واسعاً لدى رافضي القرض باﻷساس، بيد أنها أسهمت في تعديل مواقف بعض اﻷحزاب لناحية الموافقة بعد رفضها المبدئي. وتطرّق الرئيس المصري، إلى وجود مزيد من اﻷوضاع الصعبة خلال الفترة المقبلة، بقوله: "هل الشعب المصري مستعد ولديه المعرفة اللازمة لتقبل اتخاذ إجراءات قد تكون صعبة وقاسية"؟
وبدأت تظهر في مناقشات بين نواب داخل ائتلاف اﻷغلبية، بوادر رفض لمسألة الإسراع في البحث عن القروض الخارجية، باعتبارها خطراً على الاقتصاد، وستكون له عواقب ليست جيدة على المدى البعيد.
في هذا السياق، تفيد مصادر برلمانية بائتلاف "دعم مصر"، أن التواصل "جارٍ مع أعضاء الائتلاف خلال الفترة الحالية، بشأن اتخاذ موقف موحّد من القروض التي تسعى الحكومة لإتمامها مع جهات دولية، من بينها صندوق النقد الدولي". وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "هناك تساؤلات طُرحت من بعض النواب حول أهمية القروض، خصوصاً لما تفرضه من شروط مجحفة تزيد من صعوبة اﻷوضاع الاقتصادية، وزيادة حالة الغضب والاستياء الشعبي من سوء اﻷوضاع المعيشية". وتشير إلى أن "ردود بعض القيادات أكدت أن الأمر تتم دراسته منذ فترة طويلة، وأنه بقدر التأثيرات السلبية للقروض إلا أنها ستسهم في إنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية، وألا بديل عن القروض".
من جهته، يقول النائب خالد عبد العزيز شعبان، إن "مسألة القروض أمر في غاية الحساسية، نظراً لما تفرضه من صعوبات على اﻷجيال المقبلة خلال عملية تسديده". ويضيف شعبان لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لا تتعامل بشفافية مع مجلس النواب في مختلف القضايا، لأنها أعلنت بشكل مفاجئ عن وصول وفد من صندوق النقد لبدء المشاورات حول تمويل بقيمة 12 مليار دولار، في حين أنه من المستحيل أن يحدث ذلك دون مشاورات سابقة". ويشير إلى أن "الحكومة كانت تتهرّب من كل تساؤلات النواب حول مصادر تمويل الميزانية أو كيفية التخلص من اﻷعباء واﻷزمات الاقتصادية، وطرح حلول لسد العجز في الموازنة واحتواء الموجة التضخمية، ولكن من دون ردّ تماماً، وكان هناك إخفاء متعمّد لمسألة اللجوء للقروض الدولية".
ويؤكد شعبان أن "اﻷجيال المقبلة ستدفع الثمن"، محذّراً من "الاعتماد على القروض وزيادة مديونية مصر داخلياً وخارجياً، وما يصعب تسديدها خلال فترة وجيزة، خصوصاً مع عدم وجود إصلاح اقتصادي حقيقي". ويتعجّب من ربط الحكومة بين الإصلاح الاقتصادي وزيادة الضغط على الطبقات المهمشة، ورفع الدعم المستحق للفقراء، خصوصاً أن من شروط القروض الدولية رفع الدعم بشكل تدريجي، وهو ما حدث في الموازنة وسيزيد خلال الفترة المقبلة. حزب "الوفد"، ومن الوهلة اﻷولى ﻹعلان الحكومة الدخول في مشاورات مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، أعلن رفضه لهذا التوجه، على لسان المتحدث باسمه محمد فؤاد. مع ذلك، لم تكد تمرّ ساعات حتى خرج رئيس "الوفد"، السيد البدوي، ليبدي موافقته على القرض، باعتباره يرفع التصنيف الائتماني لمصر.
أما رئيس اللجنة الاقتصادية، علي المصيلحي، فأكد أن "اللجنة لا تعترض على قرض صندوق النقد الدولي، ولكنها ترى أن الأصل في البرنامج الاقتصادي ليس القروض، ﻷنها عبء ولها تأثيرات مستقبلية، خصوصاً على الأجيال المقبلة، إذا افتقرت إلى الإجراءات السليمة، واتضح أين سيتم صرفها والضوابط المختلفة".