في محاولة مصرية للضغط على إثيوبيا دوليّاً وشعبيّاً، نظمت السلطات المصرية زيارة ميدانية لوفد موسّع من إعلاميين سودانيين وإثيوبيين لعدد من المحافظات المتضررة من نقص مياه الري.
واستهلّ الوفد الذي يشرف على تشكيله معهد استوكهولم للمياه الزيارة بمحافظة الفيوم، إذ التقى عدداً من الفلاحين الذين تضررت أراضيهم بسبب حالة الجفاف الناتجة عن انخفاض منسوب المياه وعدم كفاية المياه الواردة من النيل، ضمن حصة المحافظة للزراعة.
وكشف عدد من الفلاحين والمسؤولين المحليين الذين التقاهم الوفد تعرُّض مساحات تجاوزت الـ5 آلاف فدان للبوار، في حين لم تعد المياه المتوفرة تكفي لزراعة بقية المساحة المزروعة إلا في موسم واحد فقط من العام وهو فصل الشتاء، بينما تظل الأرض بوراً خلال فصل الصيف بسبب الجفاف.
وأشار الفلاحون المصريون في محافظة الفيوم، خلال جولة وفد الصحافيين، إلى أن عدداً كبيراً من أبناء المحافظة وملاك الأراضي اضطروا إلى ترك مهنتهم الأساسية وهي الزراعة، واللجوء إلى حرف أخرى، وبعضهم اضطر إلى السفر للعاصمة للعمل في مهن بسيطة، ليتمكنوا من توفير نفقات أسرهم.
وتجوّل الوفد على عدد من الترع والمصارف، التي بدا واضحاً تأثرها بانخفاض منسوب المياه فيها، نظراً إلى قلة المياه الواردة إليها.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه دبلوماسي أميركي بالقاهرة، تحدث لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة ألحّت على الإدارة الأميركية مؤخراً بضرورة لعب دور في حل الأزمة بعدما وصلت إلى طريق مسدود، متابعاً "بناء عليه شكلت الخارجية وفداً برئاسة مساعد وزير الخارجية، زار مصر والسودان في حين رفضت إثيوبيا لقاءه".
وأكد الدبلوماسي الأميركي ضعف الموقف المصري، مشدداً في الوقت ذاته على عدم وضوح وشفافية الموقف الإثيوبي، الذي يرفض انتظار الدراسات الفنية، وهو ما يقلق القاهرة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تنه وساطتها، ولكنها تسعى إلى تكوين رؤية شاملة عن الأزمة، للوقوف على الطرف المخطئ بشكل دقيق حتى تتمكن من التوصل إلى حل، لافتاً إلى أن بلاده بصدد تجهيز وفد جديد من متخصصين لتنظيم زيارة إلى أديس أبابا وموقع سد النهضة.
وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري مؤخراً أن اجتماعاً فنياً عُقد قبل أربعة أيام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وضم وزراء الري وخبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، فشل في كسر الجمود الذي يعتري المفاوضات المتعلقة بأزمة سد النهضة الإثيوبي.
وفشل اجتماع مماثل عُقد في الخرطوم في السادس من إبريل/ نيسان في الوصول إلى اتفاق حول الدراسات الفنية الخاصة بالسد والآثار المترتبة على إقامته، شارك فيه وزراء خارجية ووزراء مياه ومديرو مخابرات الدول الثلاث.
وهناك خلافات بين مصر وإثيوبيا حول بناء سد النهضة، الذي تقول أديس أبابا إنه يهدف إلى توليد الكهرباء ويكلف أربعة مليارات دولار، وتخشى مصر أن يقلص حصتها من مياه النيل، في وقت ترفض فيه إثيوبيا الاعتراف باتفاقية 1959 التي تنص على حصة ثابتة لمصر من النيل سنوياً تقدر بـ55 مليار متر مكعب.
وقال شكري في تصريحات صحافية "تحدثت مع وزير الري الذي شارك في هذا الاجتماع، وما وصل إلي أنه لم يتم تجاوز التعثّر الذي ينتاب هذا المسار على مدى ما يزيد عن سنة تقريباً".
وبحسب شكري، فإن إثيوبيا والسودان ما زالا يتحفّظان على التقرير المبدئي الذي أعدّه المكتب الاستشاري الفرنسي المتعاقد معه لإجراء الدراسات الفنية الخاصة بآثار سد النهضة.
وأضاف شكري أن "هناك دائماً من قبل مصر استعداداً ورغبة، وكان هناك طرح لعدد من الأطروحات التي قد تؤدي إلى كسر هذا الجمود".
وكان شكري قد طالب في أواخر الشهر الماضي بالإسراع بمفاوضات سد النهضة بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على توقيع الدول الثلاث على إعلان المبادئ الخاصة باستخدام مياه النيل الأزرق الذي يقام عليه السد.
ونصّ الإعلان الذي وُقّع في مارس/ آذار 2015 على ألا تعمل أي من الدول الثلاث على إلحاق ضرر كبير بإحداها أو اثنتين منها، وأن تخفف هذا الضرر أو تنهيه إذا وقع بالفعل.