جدل واسع فجّرته مطالبة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي شركات الإنشاءات بالعمل بكامل طاقتها التشغيلية، خلال الأيام المقبلة، في الوقت الذي يتعارض فيه القرار مع الإجراءات الاحترازية التي أعلنها هو نفسه بصفته رئيساً للحكومة، والتي شملت منح إجازات للعاملين بالدولة، وتخفيض حجم العمالة في الجهات الحكومية، وحظر التجول الجزئي، وتعليق الدراسة في المدارس والجامعات.
وبحسب مصادر، تحدثت إلى "العربي الجديد"، فإن كافة الشركات والمقاولين المتعاملين مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في العاصمة الإدارية، وعدد من المشاريع الكبرى في المدن الجديدة، أعلنوا إيقاف الأعمال لحين انتهاء أزمة كورونا، بعد ظهور إصابات بين قيادات الهيئة، وفي مقدمتهم رئيس إدارة المشاريع الكبرى بالهيئة اللواء أركان حرب شفيع داود وعدد من المسؤولين التنفيذيين بها. وكشفت مخاطبات رسمية إعلان ستّ شركات إنشاءات عملاقة عن وقف الأعمال في العاصمة الإدارية، في حين أعلنت شركات أخرى تخفيض حجم الأعمال إلى 10 في المائة فقط، مكتفية بالأعمال الإدارية. وجاء في مقدمة الشركات، التي أعلنت وقف الأعمال في العاصمة الإدارية، أوراسكوم للإنشاءات المملوكة لرجل الأعمال سميح ساويرس، ودرة الهندسية للإنشاءات والتعمير، وحسن علام للمقاولات، وكونكورد للهندسة والمقاولات، والتي تعد الشركات الأكبر في مجال الإنشاءات بمصر، والتي تقوم بتنفيذ عدد من المشاريع السكنية والبنية التحتية.
وأوضحت مصادر، "العربي الجديد"، أن شركات المقاولات أبلغت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان باستحالة تنفيذ قرارات رئيس الحكومة الجديدة بشأن العمل بكامل الطاقة، أو إعادة الأعمال من الأساس في الفترة الحالية، وذلك لعدة أسباب. ولفتت المصادر إلى أن عدداً كبيراً من المهندسين والمشرفين على الأعمال في المواقع رفض الحضور، نظراً لظهور إصابات بين عاملين هناك، وكذلك كثرة العمالة الصينية العاملة في مشاريع الأبراج العملاقة والحي الحكومي، والتي تُبنى بقروض صينية.
كما أوضحت المصادر أن الشركات أبلغت الهيئة بالتأثير العنيف للقرارات الأخيرة للبنك المركزي بتحديد حد أقصى لعمليات السحب النقدي للأفراد والشركات، والذي يصعب معه تلبية الاحتياجات اليومية لمواقع العمل والعاملين بها، إضافةً إلى كون الغالبية العظمى من العمالة في هذا القطاع هي من العمال غير المنتظمين والعاملين باليومية، والقادمين من محافظات أخرى بخلاف القاهرة، ما يصعّب حركة انتقالهم، نظراً لحظر التجول المفروض، وكذلك نظراً لغياب وسائل الوقاية المختلفة في المواقع، في ظل أن هذا القطاع يُعد من القطاعات كثيفة العمالة.
يأتي هذا في الوقت الذي أرجع فيه رئيس الوزراء قراره المخالف لإجراءات الحكومة الخاصة بمواجهة فيروس كورونا "بأن قطاع التشييد والبناء من أهم القطاعات التي توفر فرص العمل، وتحقق أهداف التنمية المنشودة، وأنه يرتبط بأكثر من 90 صناعة، وبالتالي فهو القطاع القادر على النهوض بالوطن، وتحريك عجلة الإنتاج في هذه الفترة الصعبة على مستوى العالم".
وفي سياق ذي صلة، أصدر مكتب وزيرة الصحة المصرية هالة زايد قراراً تم إرساله إلى المستشفيات الخاصة، يُلزمها باستقبال الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا، وتخصيص أماكن للعزل فيها، وذلك بعد رفض تلك المستشفيات، بحسب القرار الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، التعامل مع حالات كثيرة مصابة بأمراض تنفسية مزمنة، وتحويلها لمستشفيات العزل الحكومية، ما سبب تكدساً في تلك المستشفيات، في حين وصل عدد منهم في حالة صحية متأخرة. وأرفق مكتب وزيرة الصحة البروتوكول المصري الخاص بتوصيف حالات الاشتباه والحالات الإيجابية بالقرار المرسل للمستشفيات الخاصة لبدء تفعيله والعمل به، وربط منظومة العمل بتلك المستشفيات في ما يخص الإصابات بفيروس كورونا بالمنظومة الحكومية، عبر خط الطوارئ المخصص لذلك.