سيطرت حالة من الغضب والاستياء الشديدين على المواطنين في المحافظات المصرية، بعد قرار وزير الكهرباء، محمد شاكر، أمس الاثنين، بزيادة أسعار كهرباء المنازل بنسبة 40%، وهو ما أثار تخوف الأهالي، خاصة في القرى والنجوع بسبب ضعف مستوى دخولهم.
وعبّر عدد من المواطنين، لـ"العربى الجديد"، عن غضبهم من الزيادة التي اعتبروها غير مبررة، وستزيد من معاناتهم، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الكثير من الأهالي، حسب رؤيتهم، مطالبين بتطبيق الزيادة على الطبقات العليا في المجتمع فقط، واستثناء طبقة محدودي الدخل والفقراء، فيما أعلن العديد من المصريين امتناعهم التام عن سداد أي فواتير كهرباء عالية السعر.
وتوقع محمد عبدالعزيز، محام، زيادة الخلافات العائلية بسبب ارتفاع فاتورة الكهرباء، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها كثير من الأسر في الوقت الحالي، موضحاً أن الكثير من الأهالي اتخذوا قرار النوم مبكراً، وعدم السهر، وإشعال لمبة واحدة فقط، وعدم تشغيل باقي الأجهزة، بما فيها الثلاجة، إلا ساعات قليلة، منوهاً إلى أنه رغم ذلك يخشى الكثير أن تصعقهم فاتورة الكهرباء مع أول كل شهر.
واتفق محمود مهدي، موظف، مع الرأي السابق، مؤكداً أن "الحكومة سوف تجبرنا على العودة إلى الماضي في عدم استخدام المكنسة الكهربائية، والاتجاه إلى غسيل الملابس على الأيدي بدلاً من الغسالة، وعدم استخدام الثلاجة، واللجوء إلى أواني الفخار، مثل القُلّة والزير، في الشراب، مشيراً إلى أنه رغم ترشيد الكهرباء وعدم تشغيلها في المنازل، إلا أن الفاتورة سوف تكون مرتفعة، وترفع الحكومة شعار "ادفع وبعدها اتظلم".
ونوّه رأفت صادق، موظف، إلى أن ارتفاع أسعار الكهرباء مجدداً يحمّل المواطن عبئاً جديداً، بجانب الغلاء الفاحش، مؤكداً أن القرار خاطئ وسيجبر المواطن على التهرب من دفع الفاتورة، أو توصيل كهرباء لمنزله بطريقة غير قانونية، مهدداً بأنه سيقوم بخلع الكهرباء من المنزل إذا جاءت بطريقة غير متوقعة.
وينتقد عصام الشاذلي، تاجر، القرار، موضحاً أن المواطن أرهقته الزيادات المتكررة والمتلاحقة في الأسعار، ومنها فاتورة الكهرباء، لافتاً إلى أن "الكهرباء كأنها غير موجودة، حيث لا يتم تشغيل معظم الأجهزة، ومع ذلك ندفع فاتورة مرتفعة شهرياً لا توازي الخدمة المقدمة".
وتقول ربة منزل تُدعى هدى محمد، إنها تتقاضى معاش زوجها المتوفى وهو 1000 جنيه شهريا، وتعول ثلاثة أطفال في المدارس، متسائلة كيف تقوم بدفع فاتورة تصل قيمتها إلى أكثر من 100 جنيه؟ مؤكدة أن هذه ليست أول زيادة، فهذه هي الزيادة الثالثة في عامين، والمتضررون هم محدودو الدخل والفقراء، وهم غالبية الشعب، وكان من الأفضل إعفاء تلك الشريحة من الأسعار المرتفعة لشريحة الكهرباء.
رفض حقوقي
من جهتها، رفضت منظمات حقوقية وعدد من الجهات التي تعمل على خدمة المواطن، زيادة شرائح فاتورة الكهرباء المنزلية، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن تلك الزيادة تعد عبئا جديدا على الفقراء ومحدودي الدخل الذين يمثلون 70% من الشعب المصري، وأوضحت أن تلك الزيادة سوف ترفع أسعار أكثر من 90% من السلع، وكل ما هو مرتبط بالكهرباء.
وقال رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد، إن قرار وزارة الكهرباء برفع أسعار الكهرباء بهذه الصورة والتي تصل إلى أكثر من 40% من السعر الحالي، تعد كارثة كبيرة على الفقراء، مشيراً إلى أن رفع سعر الكهرباء سوف يؤدي إلى زيادة أسعار أكثر من 90% من السلع الضرورية، التي لا يستغني عنها المواطن العادي، وسيزيد أسعار منتجات المصانع؛ نظراً لارتفاع التكلفة لكون الكهرباء عصب الحياة.
وأضاف سعد، أن ما يحدث في مصر يعد بداية لإنهاء الدعم على كل السلع الاستراتيجية، مطالباً الدولة بضرورة زيادة الأجور لضمان عيشة كريمة للبسطاء، متوقعاً أن يولّد القرار حالة من الغضب الشعبي على الحكومة، وسيزيد من الإضرابات، خاصة في ظل حالة الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الدولة، بالإضافة إلى البطالة المتزايدة، لافتاً إلى أنه كان من الأجدر تأجيل القرار أو إيجاد بدائل أخرى لا يتحملها المستهلك.
وأشار رئيس منظمة العدل والتنمية، نادي عاطف، إلى أن رفع أسعار الكهرباء بهذه الطريقة والوقود والضرائب خطر كبير على شرائح محددة في مصر، موضحاً أن ما تردده الحكومة أن زيادة أسعار الكهرباء لتلاشي انقطاع التيار، غير منطقي، وأنه يجب على الدولة إصلاح أسباب انقطاع الكهرباء من دون تحميل المواطنين أعباء جديدة، خاصة أن الأسر المصرية مقبلة على موسم دراسي جديد، يكلفها الكثير من الأعباء.
وبدوره، قال رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، محمود العسقلاني، إن غلاء فاتورة الكهرباء سيدفع مواطنين إلى سرقة الكهرباء، متهماً الحكومة بالإسراف في الإنارة الزائدة في الشوارع ليلاً ونهاراً، ومكاتب الوزراء والمصالح الحكومية، مشيراً إلى أن المصالح الحكومية مدينة بالمليارات من الجنيهات لصالح وزارة الكهرباء.
وتوقع رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة ورئيس لجنة الجمارك باتحاد الغرف التجارية، يحيى زنانيري، اشتعال أسعار الملابس والأجهزة الكهربائية والسلع الغذائية بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء، وهو ما يسبب نوعا كبيرا من الأعباء وصعوبة المعيشة، وهذا ما يؤثر على حركة البيع والشراء والاقتصاد المصري، وخفض الإقبال على حركة البيع والشراء، وارتفاع نسبة التضخم، وقال بحزن شديد "أنا مش عارف الحكومة عايزه مننا إيه، لازم قبل ما تأخذ القرار تنظر إلى حالة الشارع، وهذا للأسف غير موجود".