اعترف "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، التابع للحكومة المصرية، اليوم الثلاثاء، بوقائع الرشى الانتخابية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، قائلاً، في بيانه الختامي بشأن متابعة عملية التصويت، إنه "مع نهاية تصويت الناخبين المصريين في الداخل في الاستفتاء أمس، والتي استمرت على مدار ثلاثة أيام، تلقى المجلس العديد من الشكاوى، والملاحظات، والمخالفات، من خلال وسائل التواصل المختلفة".
وأضاف بيان المجلس أن "الشكاوى التي تلقتها غرفة عملياته المركزية شملت محافظات: القاهرة، والقليوبية، والجيزة، والغربية، والبحيرة، وكفر الشيخ، والإسماعيلية، والسويس، وبورسعيد، والفيوم، وبني سويف، وأسيوط، وسوهاج، والبحر الأحمر"، معدداً أبرز الملاحظات والمخالفات الواردة للمجلس، وفقاً لمتابعات مندوبيه الميدانية، في 14 محافظة من مجموع 27 محافظة، وغرف عمليات منظمات المجتمع المدني المتابعة للاستفتاء".
وقال المجلس إن المخالفات الواردة إليه "تضمنت القصور الإداري المتعلق بصعوبة وصول الناخبين إلى بعض اللجان الانتخابية، والتكدس أمام البعض الآخر، خصوصاً في المحافظات البعيدة عن العاصمة القاهرة، وكذا تأخر فتح اللجان في عدد من المحافظات، وتحديداً في اليوم الأول من عملية الاستفتاء".
ورصد المجلس التأثير على إرادة المصريين من خلال "توزيع مواد غذائية على الناخبين في محيط عدد من اللجان، وتقديم بعض الخدمات الطبية المجانية للمشاركين في عملية الاستفتاء، عبر أحد الأحزاب الداعمة للتعديلات الدستورية، فضلاً عن استخدام سيارات تحمل شارات لبعض الأحزاب السياسية، والشركات، والتي تحمل عبارات من شأنها توجيه إرادة الناخبين، وتوفير نقل جماعي للناخبين من العمالة الوافدة إلى مقار اللجان".
وزاد البيان أن مندوبي المجلس رصدوا أيضاً "انتشار اللافتات والمواد الدعائية قبل عملية الاستفتاء، وأثناء التصويت، وقد ظهر ذلك من خلال الأشخاص الذين يحملون شارات وعلامات خاصة ببعض الأحزاب السياسية الداعمة للتعديلات الدستورية، إضافة إلى انتشار المواد الإعلامية مدفوعة الأجر بعدد من القنوات الخاصة لدعم التعديلات، إلى جانب تلقي المجلس شكوى متعلقة بأحد المصريين بمدينة ميلانو في إيطاليا".
وعلى ذلك، ادعى المجلس أن عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية شهدت جوانب إيجابية عديدة، منها ازدياد معدلات المشاركة للناخبين في عملية الاستفتاء، بحجة تسهيل إجراءات عملية التصويت للناخبين، وخاصة في لجان الوافدين، ودور قوات التأمين في حماية المقار الانتخابية، والتيسير على الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، بتوفير وسائل إتاحة لتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم في عدد من المحافظات.
وطالب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الهيئة الوطنية للانتخابات بـ"ضرورة بحث استخدام آلية التصويت الإلكتروني للمصريين المقيمين في الخارج كمرحلة أولى في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، مع توفير كافة وسائل الأمان لإتاحة حق المشاركة لهم في إدارة الشؤون العامة والحياة السياسية، وخاصة بالدول التي تبعد مقار البعثات الدبلوماسية بها عن أماكن إقامة المصريين".
كذلك طالب المجلس الهيئة ببحث آليات تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الإدلاء بأصواتهم في أي من اللجان الانتخابية في الاستحقاقات المقبلة، دعماً لممارستهم وتمتعهم بحقهم في المشاركة، وذلك أسوة بالإجراءات المتخذة بشأن الوافدين، وسماح الهيئة بتصويتهم في أي لجنة الاستفتاء من دون التقيد بمحال إقامتهم.
ودعا مجلس حقوق الإنسان الهيئة الوطنية للانتخابات إلى اضطلاع بدورها في "إتاحة مدة أطول في التثقيف، ورفع الوعي لكافة أطراف العملية الانتخابية، تلافياً لعدم تكرار منع بعض المتابعين من حاملي تصاريح المتابعة من قبل قوات التأمين للمقار الانتخابية، علاوة على تفعيل نصوص القانون وقراراتها تجاه الالتزام بالصمت الدعائي، ومنع استخدام المواد الدعائية خلال فترات التصويت، والتي من شأنها التأثير على إرادة الناخبين".
"مستقبل وطن"
ووثق جميع المراقبين لعملية الاستفتاء في مصر ممارسات حزب "مستقبل وطن" المدعوم من الأجهزة الأمنية، في حشد الناخبين من خلال نقلهم إلى اللجان الانتخابية للتصويت، مقابل الحصول على "كرتونة" تحتوي على بعض السلع الغذائية، استغلالاً لحالة العوز لدى قطاع عريض من المصريين، خاصة الفقراء والمعدومين منهم، والذين يعانون تحت وطأة الغلاء المتصاعد منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم في عام 2014.
ورداً على طباعة اسم وصورة السيسي على "كراتين الغذاء" الموزعة في الاستفتاء، نفى المستشار القانوني للحملة الانتخابية للسيسي، محمد بهاء أبو شقة، التقدم ببلاغ ضد رئيس حزب "مستقبل وطن" أشرف رشاد، لاستغلال الحزب اسم الرئيس الحالي في الدعاية للاستفتاء على التعديلات الدستورية، قائلاً "إن أحد الأشخاص انتحل صفته، ونشر خبراً على مواقع التواصل الاجتماعي مفاده تقدم الحملة ببلاغ ضد الحزب، على خلاف الحقيقة".
اللافت أن حزب "مستقبل وطن" الذي وثقت انتهاكاته بالصوت والصورة في جميع المحافظات المصرية من قبل المراقبين أصدر بياناً يزعم فيه أن "أنصار جماعة الإخوان، والموالين لها، تورطوا في محاولات تشويه صورة الحزب، بعدما أثبت فعاليته، ووجوده بالأوساط الجماهيرية، من خلال بث الشائعات حول ترويج صور لبعض الفعاليات الخدمية السابقة للحزب على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)".
وأعلن الحزب أنه "سيتقدّم ببلاغات عدة إلى النيابة العامة، ضد مجموعة من المواقع والصفحات الإلكترونية الممولة من جماعة الإخوان، وأعوانها، مهيباً بوسائل الإعلام التفرقة بين الدعاية للاستفتاء، وجهود أعضاء البرلمان عن الحزب، وكذا الجمعيات الخيرية، في توزيع السلع الغذائية على المواطنين، بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان"، والتي تعد عادات مصرية حميدة تقوم على أساس من التكافل والمسؤولية المجتمعية!".