وقالت المنظمة في ورقة بحثية: "لقد أصبح تغيير قانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970 ضرورة مُلحّة في ظل تغيُّر الظروف السياسية والاجتماعية، بالتوازي مع تطور المهنة على المستوى التكنولوجي والتشريعي المنظم لها؛ فقد أصبح القانون قاصرًا لا يواكب العصر، ومقيدًا لممارسة المهنة والإبداع فيها".
وركزت على أن "إشكالية الانضمام إلى نقابة الصحافيين تعد أحد العوائق التي يصطدم بها ممارسو المهنة بسبب شروط القيد الصعبة والمجحفة، مما يجبر العديد من الصحافيين على العمل من دون الحصول على عضوية النقابة ومن دون إطار قانوني يحميهم، مما يجعلهم عرضة للعديد من الإجراءات التعسفية، وكذلك عرضة للاتهامات ولا سيما اتهام انتحال صفة صحافي، بالإضافة إلى العديد من الإشكاليات التي يعجّ بها القانون".
كما طالبت المؤسسة، بمناسبة "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، مجلسَ نقابة الصحافيين ولجنة التشريع بمجلس النواب وجميع الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني وجموع الصحافيين، بالوصول إلى الصيغة الأمثل نحو مواد قيد عادلة، ونقابة قوية تحمي جميع ممارسي العمل الصحافي.
وقدمت المؤسسة بجانب مقترح تعديل مواد القيد في القانون واللائحة الداخلية، عددًا من التوصيات اللازمة من أجل تدعيم هذه المقترحات، وخلق مساحة أكبر أمام حرية الصحافة وضمان حقوق الصحافيين، أولها "تعديل تعريف الصحافي في التشريعات المصرية وبالأخص القانون رقم 179- 180 لسنة 2018 ليصبح التعريف متماشيا مع التعريف الدولي للصحافة"، و"مراجعة البنية التشريعية المنظمة للصحافة في مصر، وبالأخص القانون 180 لسنة 2018 والتأكيد على المواد التي تُلزم الصحف بسداد مبالغ سنوية لنقابة الصحافيين، كتأمين لسداد بدل بطالة الصحافيين في حالة توقف تلك الصحف عن الصدور"، و"إصدار قانون جديد لنقابة الصحافيين بدلًا من القانون رقم 76 لسنة 1970".
وقالت المؤسسة في ورقة بحثية بشأن تعديل قانون النقابة "تأتي أهمية نقابة الصحافيين في كونها المظلة القانونية التي يحتمي بها الصحافيون وتعمل على الدفاع عنهم وعن قضاياهم، ولكن القانون المنظم لقيد الصحافيين رقم 76 لسنة 1970 بالنقابة، ولائحة القيد التنفيذية يحولان دون توفير تلك الحماية للصحافيين؛ فالقانون لا يوفر للصحافيين العاملين شروطًا ملائمة للانضمام إلى النقابة؛ حيث يُشترط للقيد في نقابة الصحافيين أن يكون طالب القيد صحافيًا محترفًا ويمتلك أرشيفًا صحافيًا، وأن يكون معينًا بإحدى الصحف، وهو أمر ليس بالهين في ظل الأوضاع الاقتصادية للمؤسسات الصحافية بصورة عامة، والاعتماد –في أحايين كثيرة– على الصحافي المستقل (بالقطعة). ويظهر تناقض في هذا القانون الذي يتطلب أن يكون المتقدم لطلب القيد صحافيًا محترفًا وممارسًا للمهنة وفي الوقت ذاته؛ يعاقب القانون ممارسي العمل الصحافي دون القيد بجداول النقابة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تتجاوز 300 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويجعل ذلك الأمر الصحافيين المبتدئين عُرضة دائمًا للاتهام بتهمة انتحال صفة صحافي".
وتابعت: "كما يحدد القانون أعدادًا محددة لكل جريدة لا يمكن قبول أكثر منها، وبالتالي يضيع حق الصحافي الذي يعمل في جريدة بها عدد أكبر من الأفراد في ظل كثرة التخصصات التي أصبحت سمتًا للعصر الحديث. وفي كل هذا، يبقى من غير المعقول محاسبة الصحافي على أخطاء تقوم بها المؤسسة، في ظل أنه من ضمن أدوار النقابة حماية حقوق الصحافي في المؤسسة الصحافية التي يعمل بها وليس الضغط على الصحيفة باستخدام تلك الوسيلة (القيد بالنقابة) التي تضر بالصحافي ولا تحميه".
ورأت المؤسسة أنه كنتيجة لهذه "الإشكاليات والتناقضات الموجودة في قانون نقابة الصحافيين"؛ تعرّض في الثلاثة أعوام الأخيرة حوالي (12) صحافيًا للاتهام بتهمة انتحال صفة صحافي من بينهم أفراد يعملون لمدة تصل إلى عشر سنوات في الصحافة.
وسعت المؤسسة إلى إيجاد حلولٍ لهذه الأزمة عن طريق مشروع يقدم بديلًا لنصوص القيد بقانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970، ولائحة القيد التنفيذية.
وارتكزت فلسفة التعديلات التي طرحتها المؤسسة على توفير مظلة نقابية تحمي كل العاملين في العمل الصحافي من الانتهاكات والإجراءات التعسفية التي تقع بحقهم، وتوفير غطاء قانوني يمنع إلصاق تهمة "انتحال صفة صحافي" بالعاملين في المؤسسات الصحافية الإخبارية المختلفة بنوعيها؛ المطبوع والإلكتروني.
وتاريخيًا، ففي 17 من سبتمبر عام 1970 صدّق الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، على القانون رقم 79 بإنشاء نقابة الصحافيين. وبعد ما يقرب من خمسة عقود منذ إصداره، لا يزال قانون نقابة الصحافيين صامدًا أمام التطورات والتغيرات التي حدثت على المستوى السياسي والتشريعي، وكذلك التغيرات الكثيرة التي طرأت على مهنة الصحافة والعاملين بها على المستويين؛ التكنولوجي والمهني. ومن ثمَّ "كانت الحاجة مُلحّة لإيجاد قانون جديد يتجاوز مساوئ القانون القديم، ويعالج الإشكاليات والتناقضات الموجودة فيه، مما يحل جزءًا من المشاكل المتراكمة للصحافيين غير النقابيين، ويحاول إيجاد مظلة يحتمي بها الجميع، تدافع عن الصحافيين وحقوقهم وكرامتهم، وحريتهم في الرأي والتعبير"، حسب الورقة البحثية.
وفي العرض النقدي لمواد القيد بقانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970 ولائحة القيد التنفيذية، أكدت الورقة البحثية أن "ثمة مجموعة من الإشكاليات التي يعج بها قانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970 واللائحة التنفيذية للقيد، وتخلق هذه التناقضات إطارًا غير ملائم لعمل الصحافيين بصورة عامة، والصحافيين غير النقابيين بصورة خاصة والذي يجعلهم عرضة للاتهام بتهمة "انتحال صفة صحافي" في أي وقت، وتتمثل أهمها في "عدم ملائمة القانون للأوضاع السياسية والاجتماعية"؛ إذ صدر هذا القانون في الحقبة الناصرية "الاشتراكية" بالتوازي مع اتحاد الجمهورية العربية السورية مع جمهورية مصر العربية تحت مسمى "الجمهورية العربية المتحدة"، وهو ما يفسر أن مواد القيد بالقانون تؤول بعدد كبير من الاختصاصات إلى الاتحاد العربي الاشتراكي، وإلى وزارة الإرشاد القومي، مثل المادة الرابعة التي تُلزم لجنة القيد بإيداع نسخة من جداول القيد في الاتحاد الاشتراكي العربي ووزارة الإرشاد القومي.
كذلك تشير المادة 13 من القانون إلى ضرورة إرسال لجنة القيد بيانًا بأسماء طالبي القيد إلى الاتحاد الاشتراكي العربي وإلى وزارة الإرشاد القومي لإبداء الرأي فيها، كما ألزمت المادة 16 من القانون مجلس نقابة الصحافيين بإبلاغ الاتحاد الاشتراكي العربي ووزارة الإرشاد القومي بقرارات اللجان المختلفة خلال أسبوعين من صدورها.
ومن ضمن أبرز إشكاليات القانون أيضًا وفق ما جاء في الورقة "عدم ملائمة القانون للتطورات التكنولوجية في المجتمع الصحافي"، ففي الوقت الذي تحتفل بعض الصحف العالمية بإصدار آخر طبعة ورقية والتحول إلى الصحافة الإلكترونية، يفرض قانون نقابة الصحافيين على الصحافي طالب القيد بالجداول أن يكون تم تعيينه في صحيفة ورقية ومعتمدة من المجلس الأعلى للإعلام، مما يحول دون تسجيل العديد من الصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية في نقابة الصحافيين ويجعلهم تحت طائلة القانون.