وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس عن قلقها البالغ بشأن وجود مرتزقة روس في حقل الشرارة النفطي، جنوبي البلاد، بعد دخول قافلة عسكرية الحقل مساء أمس الخميس.
ونقلت المؤسسة، في بيان لها اليوم الجمعة، عن رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله، قوله إن "النفط الليبي ملك للشعب الليبي، ونرفض رفضا قاطعا أي محاولات من قبل أي دولة أجنبية لمنع استئناف إنتاج النفط".
وأضاف "نحن لسنا بحاجة إلى مرتزقة روس أو أي مرتزقة أجانب آخرين في الحقول النفطية، فهم لا يسعون إلا لمنع استئناف إنتاج النفط".
وعن هدفها، قالت القيادة في بيان لها، ليل أمس الخميس، إن هذه الوحدات العسكرية "بدأت عملية تأمين وحماية منطقة الهلال النفطي من خلال دوريات استطلاع وتأمين".
واعتبر البيان أن مواقع النفط "خط أحمر لا يسمح لأحد المساس بها".
وبالتوازي، أكدت مصادر ليبية رفيعة من جانب حكومة الوفاق ارتفاع وتيرة الجدل بشأن مصير مدينتي سرت والجفرة بين عواصم الكثير من الدول المعنية بالشأن الليبي، في الوقت الذي زادت وتيرة انخراط الولايات المتحدة الأميركية التي تتجه إلى فرض مقترحها بشأن خلق منطقة معزولة السلاح في سرت والجفرة، لإبعاد خطر الوجود الروسي قريبا من البحر المتوسط.
وليس بعيدا عما يجري في كواليس الميدان، وتحديدا في سرت، وصول ست عربات بانتسير روسية الصنع إلى مدينة سرت قادمة من روسيا، بحسب تصريحات للمتحدث باسم غرفة تأمين وحماية سرت الجفرة، التابعة لحكومة الوفاق، عبد الهادي دراه.
وقال دراه في تصريح لقناة ليبيا الأحرار، اليوم الجمعة، إن أكثر من إحدى عشرة رحلة لطائرات شحن روسية هبطت في مطار القرضابية جنوبي سرت، مشيرا إلى أن الطائرات الروسية على متنها، بالإضافة لست منظومات "بانتسير"، مرتزقة سوريون وأسلحة وذخائر.
وهي تصريحات يراها الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، تؤشر إلى إصرار روسي على الوجود في قاعدة القرضابية بسرت، وأن المساعي الأميركية بشأن جعل سرت منطقة خالية من سلاح أي من طرفي الصراع في ليبيا لم تنته إلى توافق دولي.
وكانت مصادر ليبية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، عن مقترح أميركي بشأن جعل مدينة سرت مقرا لحكومة وحدة وطنية جديدة خالية من السلاح كوسيلة لإبعاد الأطماع الروسية في التموضع فيها.
ويرى الحداد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المقترحات والمساعي الأميركية لا تزال في أولها وإن كانت تشير إلى انخراط أميركي أكبر، مشيرا إلى أن واشنطن مرتبطة بعلاقات وأحلاف مع داعمي الطرفين، تركيا من جهة ومصر والإمارات من جهة، ما يوجب ضرورة التشاور مع كل هذه الدول في فرض مقترحاتها.
لكن خطر موسكو يبدو أنه يتجاوز الطموح في التموضع العسكري في ليبيا إلى محاولة السيطرة على مواقع النفط، الورقة المهمة بالنسبة لمصر أيضا.
وتعد تحركات قوات حفتر في مناطق النفط بحجة تأمينها وذهاب المرتزقة الروس إلى التمركز بعيدا في حقل الشرارة، دليلا على سعي حلفاء حفتر لبعثرة الأوراق وتشتيت الرؤية التي باتت تضيق عند تخوم سرت والجفرة ومصيرهما.
ولا يرجح الخبير العسكري الليبي، الصيد عبد الحفيظ، أن تتجه الأوضاع لصدام عسكري جديد، مشيرا إلى أن منطقة وسط البلاد وظروف اتساعها الطبيعي لا يمكن أن تتوفر فيها ظروف أي مواجهات عسكرية.
ويؤكد عبد الحفيظ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أهمية قاعدة القرضابية عسكريا واستراتيجيا ونطاقها المرتبط بقاعدة الجفرة جنوبا كفضاء مهيمن على مناطق النفط جنوبا والموانئ في منطقة الهلال الأحمر.
وبينما يؤكد الخبير العسكري أن من يسيطر على هذه المواقع العسكرية يجعل من كفته راجحة في أي مواجهة مسلحة، يرى الحداد أن واشنطن لا تسعى لأكثر من انتزاع سرت من يد الروس وإفشال محاولاتهم للتمركز فيها قريبا من البحر المتوسط.
ويلفت الحداد إلى أن ذلك سيكون من خلال الوسائل الدبلوماسية التي ستضغط واشنطن من خلالها على أصدقائها في القاهرة وأبوظبي للتخلي عن دعم موسكو.
ويرجح الحداد أن القاهرة وأبوظبي وحلفاءهما باتوا على يقين بأن الملف الليبي في طريقه للعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يمكن فهمه من خلال نشر قوات من قبل قيادة حفتر في مناطق النفط بدعوى تأمينها، لضمانها كورقة رابحة في طاولة التفاوض السياسي القادمة لا محالة.
كما يرجح الحداد نجاح المساعي الأميركية في إقناع كل الأطراف الليبية والمتدخلة في ليبيا لأن تكون سرت والجفرة منطقة معزولة من السلاح، من خلال تبني الأمم المتحدة لإطلاق محادثات اللجنة العسكرية 5 + 5 مجددا.