فقد دعا المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR)، ومقره برلين، المدّعين الفيدراليين الألمان، إلى إصدار مذكرة توقيف بحق هاسبل، وذلك منذ تعيينها في منصب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، في 2 فبراير/شباط 2017.
وكانت هاسبل تتولّى منصب نائب مدير "سي آي إيه"، لكن ترامب قام، أمس الثلاثاء، بتعيينها مديرة جديدة للوكالة، لتكون أول امرأة تتقلّد المنصب، وذلك خلفاً للمدير مايك بومبيو، الذي تم تعيينه وزيراً للخارجية، بدلاً من ريكس تيلرسون.
وقال ترامب على تويتر "مايك بومبيو مدير المخابرات المركزية سيصبح وزير خارجيتنا الجديد. سيقوم بعمل رائع! شكراً لريكس تيلرسون على خدماته! جينا هاسبل ستصبح المديرة الجديدة للمخابرات المركزية وأول امرأة يقع الاختيار عليها لهذا المنصب. تهانيّ للجميع!".
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 13, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 13, 2018
|
وضغط المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، في البداية، من أجل إصدار اتهامات ضد عملاء غير معروفين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، في ديسمبر/كانون الأول 2014، بعد أن نشرت لجنة معينة في مجلس الشيوخ الأميركي، تقريرها حول برنامج الاعتقال والاستجواب لدى "سي آي إيه".
وعلى الرغم من أنّها كانت عميلة سرية في ذلك الوقت، إلا أنّ تعيين هاسبل في منصب نائب مدير "سي آي إيه"، أمكن من تحديد هويتها.
وقدّم المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، في يونيو/حزيران 2017، رسالة إلى المدعين العامين، نشرت على موقع المجموعة على الإنترنت، وجاء فيها: "يمكن الآن نسب بعض الأحداث المعروفة بالفعل لها (هاسبل)". وأكدت متحدثة باسم المدعي العام الاتحادي، لقناة "دوتشي فيله" الألمانية، أنّها تلقّت الرسالة، وقالت إنّه سيتم تقييمها بعناية.
وقال ولفغانغ كاليك، الأمين العام للمركز الأوروبي لحقوق الإنسان، لقناة "دوتشي فيله" الألمانية، إنّه "يجب علينا دائمًا أن نحاول إيجاد زاوية أو حافز جديد للسلطات القضائية".
وأضاف أنّ "المثير للاهتمام حول هاسبل، هو المقارنة بين المعروف حالياً عن حياتها المهنية، وذكر أنشطتها في تقرير التعذيب".
وأدارت هاسبل، سجناً سرياً في تايلاند، عُرف باسم "عين القطة"، عام 2002، إبان إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، حيث تم تعذيب معتقلين متهمين بـ"الإرهاب" عبر الإيهام بالإغراق، وأشرفت على عملية إتلاف أشرطة فيديو توثق عمليات التعذيب هذه.
وقالت صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أمس الثلاثاء، إنّ هاسبل تولّت إدارة "مقرّ أسود"، حيث جرى تعذيب مشتبه بانتمائهم لتنظيم "القاعدة"، أبرزهم زين العابدين محمد حسين، المعروف باسم (أبو زبيدة)، وعبد الرحيم الناشيري، عبر الإيهام بالإغراق.
وكان السجن السرّي الذي أدارته في تايلاند، الأول من نوعه كمركز اعتقال خارجي، وأشرفت بنفسها على تحقيقات، تضمّن أحدها إيهام أبو زبيدة بالغرق لـ83 مرّة.
أما التسجيلات المصورة للتحقيقات، فقد دمرت في عام 2005، بموجب قرار حمل توقيعها.
هل يتم توقيفها في أوروبا؟
وما يجعل قضية هاسبل أكثر إثارة للاهتمام، بالنسبة للمركز الحقوقي، هو أنّها بحكم منصبها، من المتوقع أن تسافر إلى أوروبا، الأمر الذي قد يجعلها في موقف حرج إذا كانت هناك مذكرة توقيف أوروبية بحقها.
وقال كاليك إنّ "هذا يجعلها بمعرض عن الحصانة. قد تخضع لإجراءات المقاضاة، ونريد من المدعين العامين أن يكونوا مستعدين".
ويقول المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، إنّ هاسبل كانت على علم مباشر بمعاملة السجين أبو زبيدة، وأكدت برقية مؤرخة في 15 يوليو/تموز من عام 2002، أنّها بصفتها رئيسة السجن، فإنّ هاسبل فقط، كانت لديها سلطة مقاطعة أو وقف استجواب أبو زبيدة.
وأمضى أبو زبيدة، وهو مواطن سعودي، يُقال إنّه كان أحد كبار مساعدي أسامة بن لادن، أربع سنوات ونصف السنة في شبكة السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، بما في ذلك معتقل في بولندا، ولا يزال حالياً واحداً من آخر السجناء المحتجزين من دون تهمة في معتقل غوانتانمو.
وقد رفع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، اتهامات إلى مدعين عامين في عدة بلدان أوروبية، من قبل، عندما تمكّن من تحديد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية بالاسم، ونجح، في بعض الأحيان، في إصدار أمر اعتقال ضدهم.
ونتيجة لذلك، حذّرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، سابقاً العملاء الذين تمت تسميتهم، من السفر إلى أوروبا، حيث يمكن أن يواجهوا الاعتقال.
وفي هذا الإطار، قال كاليك إنّه "كانت هناك اعتقالات من قبل (...)، لكن، بالطبع، ما نريده ليس فقط أولئك الذين تمت تسميتهم في مذكرات الاعتقال، لكن نريد رؤساءهم، مديري وكالة الاستخبارات المركزية السابقين وغيرهم من الأشخاص الأكثر نفوذاً".
ترامب يضغط
وكان تعيين هاسبل نائبة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، في فبراير/شباط 2017، قد سبّب ضجة في وسائل الإعلام وفي أوساط جماعات حقوق الإنسان، حيث أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنّ التعيين أظهر أنّه في ظل حكم الرئيس دونالد ترامب، باتت "سي آي إيه"، تحت قيادة أشخاص لديهم وجهة نظر أكثر تقبلاً لتقنيات "الاستجواب المعزز" التي تم اعتمادها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة.
وقال كاليك إنّه "من الواضح، إذا كان لديك أشخاص مثل جينا هاسبل في الوكالة (سي آي إيه)، فإنّ ذلك يعد علامة سيئة"، مضيفاً أنّ "الولايات المتحدة لم تمتثل لالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، إذ كان عليها مقاضاة أشخاص مثل جينا هاسبل، وحتى (وزير الدفاع السابق) دونالد رامسفيلد، والمحامين من البيت الأبيض، والآخرين الذين كانوا جزءاً من هذا التعذيب المنهجي".
بعد أن تولى الرئيس باراك أوباما منصبه في عام 2009، أجرى تغييراً في وكالة الاستخبارات المركزية، على الرغم من أنّ إدارته أغلقت أيضاً تحقيقات في وفاة سجينين تحتجزهما الولايات المتحدة الأميركية، ولم يتم توجيه اتهامات جنائية ضد أي من عملاء "سي آي إيه" بسبب سوء معاملة السجناء.
وفي هذا الخصوص، قال كاليك "لم يقم أوباما بالمقاضاة، لكنّه حاول على الأقل تحديد مسافة معينة بين التعذيب سيئ السمعة من قبل عام 2008 وبعده".
وتابع "يبدو أنّ إدارة ترامب تضغط مرة أخرى، لإعادة هذه الأنواع من الأساليب، وذلك الاعتقاد بأنّ التعذيب قد يسفر عن شيء مفيد... على الرغم من أنّنا شهدنا في السنوات الـ15 الماضية أنّ التعذيب كان مدمراً فقط على عدة مستويات".
يُذكر أنّ ترامب كان قد وعد، منذ أن كان مرشحاً رئاسياً، في مناظرة للحزب الجمهوري، بأنّه سيعيد أسلوب استجواب الموقوفين "الإيهام بالإغراق".
وقال ترامب، خلال نقاش في فبراير/شباط 2016، "سوف أعود بجحيم أسوأ بكثير من الإيهام بالإغراق".
(العربي الجديد)