طالب برلمانيون ونشطاء في المجتمع المدني، الحكومة التونسية، بالإسراع في تفعيل قانون مناهضة العنف ضد المرأة، عبر اتخاذ التدابير اللازمة في مختلف الأجهزة التنفيذية. جاء ذلك خلال ملتقى برلماني عُقد، أمس الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
وفي السياق، قالت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في تونس، نزيهة العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارات العدل والداخلية والشؤون الاجتماعية، وغيرها من الأطراف المتدخلة والهيئات، لتفعيل قانون مناهضة العنف ضد المرأة، الذي يمثل مكسبا للبلد.
وأكدت أنه يتم التنسيق مع وزير العدل، غازي الجريبي، لتخصيص فضاءات للتعاطي مع قضايا العنف المسلط على المرأة، بصفة مستقلة عن بقية القضايا العدلية وقضايا الحق العام، وذلك بتوسعة صلاحيات قاضي الأسرة، لتأمين حسن متابعة قضايا العنف ضد المرأة، وإضافة اختصاص جديد لوكالة الجمهورية والمدعي العام (النيابة العمومية)، لتلقي تقارير الوحدات المختصة كل 6 أشهر، وإعطاء الإذن للقيام بوسائل الحماية والوقاية لدى الضابطة العدلية.
وكشفت الوزيرة أنه تم أيضاً، بالتنسيق مع وزير الداخلية، لطفي براهم، توفير الحماية الأمنية، عبر إنشاء 126 وحدة مختصة، من بينها وحدتان متخصصتان على المستوى المركزي في وزارة الداخلية، و70 وحدة فرعية متفرقة في سلك الشرطة، و54 في سلك الحرس الوطني (قوات الدرك)، موزعة على كامل أنحاء البلاد. كما تم تكليف فريق مختص في التعاطي مع قضايا العنف المسلط على النساء في كل وحدة فرعية، على حد تعبيرها.
ولفتت العبيدي إلى أنه تم في مجالات استقبال وإيواء النساء المعنفات، إنشاء أول مركز حكومي لإيواء النساء ضحايا العنف في العاصمة تونس، يتم تسييره في إطار برنامج شراكة مع منظمة النساء التونسيات للبحث حول التنمية.
وأضافت، أنه تم على مستوى المحافظات الداخلية والقرى والمناطق الريفية، التنسيق مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والاتحاد الأوروبي، بهدف دعم مكونات المجتمع المدني، لإنشاء مراكز نموذجية لاستقبال وإيواء النساء ضحايا العنف.
وانتقدت برلمانيات من مختلف الكتل، خلال الملتقى، عدم تحرك الحكومة والجهاز التنفيذي لتفعيل القانون الأساسي للقضاء على العنف ضد المرأة.
ودانت الحقوقية والنائبة بشرى بلحاج حميدة، تواصل الانتهاكات في حق المرأة التونسية، بالرغم من سنّ قانون يجرّم جميع أشكال العنف المسلط عليها، وحمّلت جميع الأطراف مسؤولية ذلك.
وتطرّق الملتقى البرلماني للصعوبات التي يواجهها إنفاذ هذا القانون، على غرار ضعف الموارد البشرية المؤهلة لتأمين مختلف الخدمات لفائدة النساء ضحايا العنف، وضعف الآليات الحكومية المتوفرة لتغطية مختلف جهات الجمهورية، خاصة في مجال الاستقبال والإيواء.
واعتبر النواب ونشطاء المجتمع المدني، أنّ هناك ضعفا في التزام الجهاز التنفيذي، الممثل في هياكل الحكومة، بما نص عليه هذا القانون.
كما أكدت رئيسة لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين، سماح دمق، أنّ المصادقة بالإجماع على هذا القانون من دون أي اعتراض أو تحفّظ، يترجم وعيا حضاريا وإجماعا بأن ظاهرة العنف تشكل خطورة كبيرة على المجتمع وتعيق تطوره وتقدمه.
وبينت أنّ البرلمان نظّم هذه التظاهرة في إطار مهمته الرقابية على الحكومة، ومتابعة تنفيذ القوانين التي يصدرها، وحتى لا تبقى التشريعات مجرد حبر على ورق.
حضر الملتقى البرلماني، وزراء المرأة والثقافة والشؤون الدينية والشباب والرياضة والتعليم العالي، وممثلون عن وزير التربية والصحة والشؤون الاجتماعية والتشغيل، بالإضافة إلى هيئات ومنظمات غير حكومية تعمل في مجالات المرأة وحقوق الإنسان.
وخلال حديثه أمام البرلمانيين، قال وزير الشؤون الدينية، أحمد عظوم، إنّ الوزارة شريكة مع باقي الأطراف في إنفاذ هذا القانون على أرض الواقع، مشيرا إلى أن نجاحه هو نجاح لتونس قاطبة، وبيّن أن وزارته شرعت منذ إصداره في برنامج التوعية بمضامين هذا القانون الجديد عن طريق الوعاظ، لما يحمله هذا النص من مكاسب للمرأة، واستقرار للأسرة، وترسيخ لقيم المساواة بين الجنسين.
بدورها، قالت وزيرة الشباب والرياضة، ماجدولين الشارني، في مداخلتها، إنّ هياكل وزارتها قامت بدور هام في ما يتعلق بالاندماج الاجتماعي للفتاة، والحدّ من الإقصاء والتهميش الذي تتعرض له، من خلال وضع استراتيجيات لتعزيز دور المرأة في مواقع القرار، وتكريس تكافؤ الفرص، مشيرة إلى برنامج "الأسرة وسلطة الأب هل هي عائق أمام مواطنة الفتاة"، وكذلك "هل الأخ عائق أمام مواطنة البنت"، إلى جانب "التحرش الجنسي" وتشجيع الفتاة على كشفه حتى يتم وضع حد لهذه الممارسات.
من جهتها، أكدت فتحية حيزم، من الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ضرورة العمل على تعزيز الوقاية قبل حدوث العنف المحظور المستوجب للعقاب، وعدم التسامح معه مهما كان حجمه، مع ضمان العناية بالضحية وحماية النساء المعنفات.
وأشادت حيزم، في كلمتها، بإيجابية هذا القانون الاستثنائي الذي يستوجب تحمّل الجهات المعنية مسؤوليتها، حتى يتم التقليص في مرحلة أولى من العنف، في اتجاه القضاء على كل أشكاله، مشيرة إلى أن هذا الهدف لا يمكن بلوغه إلا عن طريق اتخاذ سياسات جريئة، سواء على مستوى الوقاية أو الحماية، على حد تعبيرها.