وقتل العبسي في 21 من ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، مسموماً ومختنقاً بغاز أول أكسيد الكربون بحسب ما كشفته التحقيقات والفحوصات النهائية للطب الشرعي.
وقال فريق المتابعة الخاص بقضية العبسي إن مادة (الكاربوكسي هيموغلوبين) في الدم بنسبة تشبع 65 بالمئة، والتي تعتبر قاتلة، وُجدت في العينات التي أُخذت من جثمانه.
ولا تزال حادثة مقتل العبسي مثار شك لدى أسرته خصوصاً أن الصحافي كان يتلقى تهديدات مستمرة على خلفية نشاطه الصحافي وتحقيقاته الاستقصائية.
وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد اعتبرت ما حدث للعبسي أقرب إلى "جريمة قتل شنيعة"، داعية إلى فتح تحقيق دولي ونزيه ومستقل، "بعيداً عن الضغوط السياسية المحلية، لفهم ملابسات هذه الوفاة وإنصاف عائلته عاجلاً أم آجلاً وتقديم الجناة للعدالة".
وقالت قبول شقيقة الصحافي محمد العبسي لـ"العربي الجديد"، "كان يتعرض لتهديد بعد كل تقرير أو مقال يكتبه واستهدافه كان بسبب تحقيقاته الاستقصائية". وتابعت "أخبرني أكثر من مرة حول خوفه من الاختطاف أو القتل بوضع متفجرات بالسيارة بسبب تحقيق النفط الأخير".
وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن ذكر في يناير/ كانون الثاني المنصرم، إنه "لاحظ حدوث جريمة قتل مشتبه بها راح ضحيتها محمد عبده العبسي، وهو صحافي مقيم في صنعاء كان يعدّ تحقيقاً بشأن تورط قادة الحوثيين في استيراد الوقود لتمويل النزاع الدائر".
وأوضح التقرير أن العبسي قد ذكر ثلاث شركات متورطة في مثل تلك الأنشطة يملكها محمد عبدالسلام فليتة، الناطق الرسمي للحوثيين ورئيس مجلس إدارة تلفزيون المسيرة الحوثية، بالإضافة إلى دغسان دغسان، وعلي قرشة.
ويعد العبسي من أبرز الصحافيين اليمنيين الذين عملوا في حقل الصحافة الاستقصائية، بعد نشره سلسلة تحقيقات صحافية عن الفساد الإداري والمالي في قطاعات حكومية خلال الأعوام الماضية، خصوصاً في قطاعات النفط والغاز والكهرباء، وصفقات الأسلحة.
وقالت صفاء شقيقة الصحافي محمد العبسي لـ"العربي الجديد"، إن ملف القضية أحيل إلى النيابة لكن لم تتخذ أية إجراءات حتى الآن".
وكشفت صفاء عن تعرض الأسرة لتهديدات. وقال مرصد الحريات الإعلامية (غير حكومية) إن قبر العبسي تعرض للعبث أكثر من مرة من خلال شطب بعض ملامحه وتلطيخه بالطين ومن ثم تدميره.
وبعد ثلاثة أعوام على مقتل العبسي، تذكّره زملاؤه وأصدقاؤه. وقام الفنان الشاب ذي يزن العلوي بنشر ملصق للعبسي على جدران عدد من شوارع العاصمة اليمنية صنعاء.
Facebook Post |
وكتب إياد أحمد "رحل محمد العبسي. لا قبضة الحياة القاسية التي لا تتوقف عن تهشيم زمن البسطاء وسحق أحلامهم ومصائرهم، ولا وعورة الدروب التي تستقبل بالخناجر والشوك خطى الفقراء والآتين من دوامات النسيان والقهر كانت كافية ليقضي محمد العبسي حياته بلا ظل ولا صوت، لا مرئي كملايين المطحونين برحى نظام القهر السياسي والتفاوت الاجتماعي".
وتابع "كان محمد شابا يحمل عبء كثيرين وكل خير يقع في يديه يزهر في حياة آخرين. وكانت الرحمة والعدل أن يبقى الموت حبيس الغيب حتى يكمل شاب في مقتبل العمر العمر. وحتى تشعل نجمته معناها حتى آخر قطرة زيت وتغدو أشجار بذراته وتسود بكلمات حالمة صفحته البيضاء".