مشهد المصفّحات في جادة الإليزيه، في مناسبة لا تشهد أي استعراض عسكري عادي، هو ما يلخّص الوضع: السلطات اختارت استخدام القوة، وهو ما بدا خلال التحطيم الفوري لكل الحواجز التي أقامها المتظاهرون، في تظاهرات "السترات الصفراء" المتواصلة في عموم فرنسا.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، مساء السبت، عن مشاركة 125 ألف متظاهر من السترات الصفراء في عموم فرنسا، من بينهم 10 آلاف متظاهر في باريس.
وامتدح الوزير كاستانير إنجاز قوات الأمن التي كانت في حدود 120 ألف شخص، إذ أضيف إليها رجال الإطفاء والإسعاف، وكشف عن أن عدد الموقوفين في فرنسا بلغ 1385 شخصاً، مع عدم استثناء موقوفين إضافيين، ومع عدم استبعاد أن يتجاوز عدد الموقوفين في باريس رقم 1000 شخص.
كذلك أدت الاشتباكات إلى جرح 118 شخصًا من المتظاهرين، "لا تدعو جروحهم للقلق الشديد"، كما جرى في يوم السبت الماضي، بالإضافة إلى 17 من رجال الشرطة.
وإذا كانت المقارنة لا تصمد بين تظاهرات يوم السبت الماضي "الأسود"، وبين مظاهرات اليوم، فإن تظاهرة باريس، رغم أنها لم تشهد مجابهات عنيفة مع قوات الأمن، لم تَخلُ من عنف وشغب، أسفر عن تخريب كثير من الممتلكات، من متاجر ومقاه، قرر أصحابها أن تبقى مغلقة هذا اليوم، وإحراق العديد من السيارات.
وإذا كانت رموز الجمهورية لم تصل إليها المظاهرات، إلّا أن الحضور الكثيف لقوات الأمن لمواجهة احتمال عنف شديد، ساهم في ارتفاع عدد الموقوفين الذين تجاوزوا، حسب إحصاءات غير نهائية ألف متظاهر، 737 منهم في العاصمة. كما أن عدد الجرحى وصل إلى 55 جريحاً، من بينهم ثلاثة من أفراد الشرطة.
إذن، ربما تبقى حصيلة الحفاظ على الأمن "إيجابية"، وأقل مأساوية مما توقعت السلطات، مقارنة مع "السبت الأسود"، ولكن الحصيلة تبقى، مع ذلك، مثيرة للقلق، رغم حضور 8 آلاف شرطي ودركي في العاصمة، و89 ألفاً في ربوع فرنسا، ورغم الصلاحيات التي منحت لقوات الأمن.
ولكن ما يمنح صورة سلبية، بعض الشيء، عن العاصمة الفرنسية، صُوَر جادّة الشانزليزيه وهي سوداء بسبب الغازات المسيلة للدموع، وكذلك مصفحات الدرك، التي دفعت السلطات بأربع عشرة منها، في مدينتي باريس وليون، وهو شيء لم تشهده العاصمة الفرنسية منذ عقود كثيرة. وهي صُوَرٌ دفعت الرئيسين، الأميركي دونالد ترامب، والتركي رجب طيب أردوغان، لانتقاد الرد الحكومي على مظاهرات السترات الصفراء.
اقــرأ أيضاً
وتحاول قوات الأمن، الآن، وقد تجاوزت الساعة السادسة مساء، إفراغ جادة الشانزليزيه من المتظاهرين، فيما تحاول مطاردة الجماعات الصغيرة الموجودة من مناطق قريبة من الشانزليزيه، التي اختلطت بالسترات الصفراء وساهمت في كثير من النهب.
وعلى الرغم من تكتم مسؤولي الأمن على استخدام طلقات "فلاش بول"، إلا أن صحافيين اثنين من صحيفة "لوباريزيان" أصيبا بهذه الطلقات.
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من المتظاهرين، وهم عبارة عن مئات من الذين لم ينجحوا في الوصول إلى الشانزليزيه، يقومون بمناوشة قوات الأمن، خاصة في منطقة ليغراند بولفار، وتطاردهم وحدات سريعة من قوات الأمن بعضها يستخدم الخيول.
وبينما مكث رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، في قصره، بعد أن أجّل كثيراً من تنقلاته، صامتاً وهو يسمع صيحات ترتفع مطالبة إياه بالاستقالة، وبحلّ مجلس الشيوخ، حتى لا يؤجج الأزمة أكثر، كان رئيس الحكومة، إدوار فيليب، حاضراً في "خلية الأزمة"، سارقاً الأضواء من وزير الداخلية، مما أطلق إشاعات بأن أيام هذا الأخير معدودة.
ورغم ما يمكن أن يوصف بسيطرة قوات الأمن على الوضع، من حيث احتواء متظاهري جادة الشانزليزيه ومحاصرتهم، إلا أن الأحياء والشوارع المجاورة، خاصة سان لازار ومادلين ومالزيرب، شهدت، ولا تزال، اضطرابات عنيفة، بسبب منع المتظاهرين من الوصول إلى الشانزليزيه، وهو ما تسبب في قيام عناصر منهم بعمليات تحطيم واجهات ودراجات نارية وإحراق العديد من السيارات. وتُرى عصابات مقنعة ترتدي السواد، من مراهقين، أتوا من الضواحي، وهي تهاجم قوات الشرطة. وتخشى السلطات أن يتأزم الوضع أكثر مع انسدال الظلام، ومع انتهاء الوقت القانوني للتظاهر.
وليس التوتر حكراً على العاصمة، فقد شهدت مدن أخرى، مثل نانت وليون، اصطدامات بين السترات الصفراء، المدعومين من التلاميذ الأجانب، الذين يحتجون على رفع رسوم التسجيل سنة 2019، وبين قوات الأمن.
واللافت أن الكثير من المتظاهرين يحرصون على عدم مهاجمة الشرطة في شعاراتهم، بل يطالبونها بتفهمهم والتضامن معهم، بل يوجهون جام غضبهم إلى ماكرون، مطالبين إياه بالاستقالة.
وعلى الرغم من تركيز وسائل الإعلام على مظاهرة الشانزليزيه، فإن المظاهرة من أجل المناخ، التي انطلقت من ساحة ناسيون إلى ساحة الجمهورية، شهدت حضوراً كبيراً بالآلاف، ساهمت فيه السترات الصفراء، والتي أحاطت بـ"تمثال الجمهورية"، كبادرة طيبة، وحماية له من أي اعتداء.
ومن جهة أخرى، سارع جان لوك ميلانشون إلى التنويه بـ"نجاح" مظاهرة اليوم، التي سماها "ثورة مُواطِنة" أبيّة على أي احتواء واستغلال، باعتبارها "أقوى" من مظاهرة السبت الماضي. ووجَّه الشكر، مرات عديدة، لحركة السترات الصفراء، "التي وعلى غرار ما فعله قانون 1905 من الفصل بين الدين والدولة، قامت بالفصل ما بين المال والدولة". وطالب بحماية مظاهرات التلاميذ.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، مساء السبت، عن مشاركة 125 ألف متظاهر من السترات الصفراء في عموم فرنسا، من بينهم 10 آلاف متظاهر في باريس.
وامتدح الوزير كاستانير إنجاز قوات الأمن التي كانت في حدود 120 ألف شخص، إذ أضيف إليها رجال الإطفاء والإسعاف، وكشف عن أن عدد الموقوفين في فرنسا بلغ 1385 شخصاً، مع عدم استثناء موقوفين إضافيين، ومع عدم استبعاد أن يتجاوز عدد الموقوفين في باريس رقم 1000 شخص.
كذلك أدت الاشتباكات إلى جرح 118 شخصًا من المتظاهرين، "لا تدعو جروحهم للقلق الشديد"، كما جرى في يوم السبت الماضي، بالإضافة إلى 17 من رجال الشرطة.
وإذا كانت المقارنة لا تصمد بين تظاهرات يوم السبت الماضي "الأسود"، وبين مظاهرات اليوم، فإن تظاهرة باريس، رغم أنها لم تشهد مجابهات عنيفة مع قوات الأمن، لم تَخلُ من عنف وشغب، أسفر عن تخريب كثير من الممتلكات، من متاجر ومقاه، قرر أصحابها أن تبقى مغلقة هذا اليوم، وإحراق العديد من السيارات.
وإذا كانت رموز الجمهورية لم تصل إليها المظاهرات، إلّا أن الحضور الكثيف لقوات الأمن لمواجهة احتمال عنف شديد، ساهم في ارتفاع عدد الموقوفين الذين تجاوزوا، حسب إحصاءات غير نهائية ألف متظاهر، 737 منهم في العاصمة. كما أن عدد الجرحى وصل إلى 55 جريحاً، من بينهم ثلاثة من أفراد الشرطة.
إذن، ربما تبقى حصيلة الحفاظ على الأمن "إيجابية"، وأقل مأساوية مما توقعت السلطات، مقارنة مع "السبت الأسود"، ولكن الحصيلة تبقى، مع ذلك، مثيرة للقلق، رغم حضور 8 آلاف شرطي ودركي في العاصمة، و89 ألفاً في ربوع فرنسا، ورغم الصلاحيات التي منحت لقوات الأمن.
ولكن ما يمنح صورة سلبية، بعض الشيء، عن العاصمة الفرنسية، صُوَر جادّة الشانزليزيه وهي سوداء بسبب الغازات المسيلة للدموع، وكذلك مصفحات الدرك، التي دفعت السلطات بأربع عشرة منها، في مدينتي باريس وليون، وهو شيء لم تشهده العاصمة الفرنسية منذ عقود كثيرة. وهي صُوَرٌ دفعت الرئيسين، الأميركي دونالد ترامب، والتركي رجب طيب أردوغان، لانتقاد الرد الحكومي على مظاهرات السترات الصفراء.
وتحاول قوات الأمن، الآن، وقد تجاوزت الساعة السادسة مساء، إفراغ جادة الشانزليزيه من المتظاهرين، فيما تحاول مطاردة الجماعات الصغيرة الموجودة من مناطق قريبة من الشانزليزيه، التي اختلطت بالسترات الصفراء وساهمت في كثير من النهب.
وعلى الرغم من تكتم مسؤولي الأمن على استخدام طلقات "فلاش بول"، إلا أن صحافيين اثنين من صحيفة "لوباريزيان" أصيبا بهذه الطلقات.
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من المتظاهرين، وهم عبارة عن مئات من الذين لم ينجحوا في الوصول إلى الشانزليزيه، يقومون بمناوشة قوات الأمن، خاصة في منطقة ليغراند بولفار، وتطاردهم وحدات سريعة من قوات الأمن بعضها يستخدم الخيول.
وبينما مكث رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، في قصره، بعد أن أجّل كثيراً من تنقلاته، صامتاً وهو يسمع صيحات ترتفع مطالبة إياه بالاستقالة، وبحلّ مجلس الشيوخ، حتى لا يؤجج الأزمة أكثر، كان رئيس الحكومة، إدوار فيليب، حاضراً في "خلية الأزمة"، سارقاً الأضواء من وزير الداخلية، مما أطلق إشاعات بأن أيام هذا الأخير معدودة.
ورغم ما يمكن أن يوصف بسيطرة قوات الأمن على الوضع، من حيث احتواء متظاهري جادة الشانزليزيه ومحاصرتهم، إلا أن الأحياء والشوارع المجاورة، خاصة سان لازار ومادلين ومالزيرب، شهدت، ولا تزال، اضطرابات عنيفة، بسبب منع المتظاهرين من الوصول إلى الشانزليزيه، وهو ما تسبب في قيام عناصر منهم بعمليات تحطيم واجهات ودراجات نارية وإحراق العديد من السيارات. وتُرى عصابات مقنعة ترتدي السواد، من مراهقين، أتوا من الضواحي، وهي تهاجم قوات الشرطة. وتخشى السلطات أن يتأزم الوضع أكثر مع انسدال الظلام، ومع انتهاء الوقت القانوني للتظاهر.
وليس التوتر حكراً على العاصمة، فقد شهدت مدن أخرى، مثل نانت وليون، اصطدامات بين السترات الصفراء، المدعومين من التلاميذ الأجانب، الذين يحتجون على رفع رسوم التسجيل سنة 2019، وبين قوات الأمن.
واللافت أن الكثير من المتظاهرين يحرصون على عدم مهاجمة الشرطة في شعاراتهم، بل يطالبونها بتفهمهم والتضامن معهم، بل يوجهون جام غضبهم إلى ماكرون، مطالبين إياه بالاستقالة.
وعلى الرغم من تركيز وسائل الإعلام على مظاهرة الشانزليزيه، فإن المظاهرة من أجل المناخ، التي انطلقت من ساحة ناسيون إلى ساحة الجمهورية، شهدت حضوراً كبيراً بالآلاف، ساهمت فيه السترات الصفراء، والتي أحاطت بـ"تمثال الجمهورية"، كبادرة طيبة، وحماية له من أي اعتداء.
ومن جهة أخرى، سارع جان لوك ميلانشون إلى التنويه بـ"نجاح" مظاهرة اليوم، التي سماها "ثورة مُواطِنة" أبيّة على أي احتواء واستغلال، باعتبارها "أقوى" من مظاهرة السبت الماضي. ووجَّه الشكر، مرات عديدة، لحركة السترات الصفراء، "التي وعلى غرار ما فعله قانون 1905 من الفصل بين الدين والدولة، قامت بالفصل ما بين المال والدولة". وطالب بحماية مظاهرات التلاميذ.