واصلت قوات النظام والمليشيات المُساندة لها بغطاءٍ جوي، تقدمها في محاور المعارك التي فتحتها شمالي حماة، نحو بلدات وقرى جنوب شرقي إدلب، وكانت منذ أكثر من ثلاث سنوات تحت نفوذِ فصائل عسكرية معارضة؛ إذ أخضعت القوات المتقدمة لسيطرتها خلال الأسابيع الثمانية الأخيرة، نحو 80 قرية، ولم تظهر في الميدان أي نتائج فعلية لـ "غرفة العمليات المشتركة"، التي جرى الحديث عن تشكيلها الأسبوع الماضي، من قبل فصائل الجيش الحر (جيش النصر، وجيش العزة، وإدلب الحر، وهيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى).
وفي وقتٍ لم تهدأ فيه وتيرة المعارك الدائرة على الجبهات المشتعلة منذ أسابيع، فإن الطيران الحربي، واصل شنّ غاراته، سواء على خطوط القتال ذاتها أو بعيداً عنها بكيلومترات عدة؛ فقد قصفت الطائرات الروسية مناطق خان السبل ومعرشورين، إضافة إلى مدينة سراقب صباح أمس السبت، في حين أدى قصفٌ متزامن لمقتل طفلٍ في بلدة كفرنبل جنوبي إدلب، حسبما أكد "مركز إدلب الإعلامي".
وأدت هذه الغارات الجوية والقصف المدفعي إلى مآسٍ إنسانية، إذ إن آلاف العائلات نزحت من القرى والبلدات القريبة من جبهات القتال، إلى بلداتٍ وقرى ومخيمات، في عمق مناطق سيطرة المعارضة المسلحة بإدلب، وهي أقل خطراً من المناطق التي كانوا يقيمون فيها قبل أن ينزحوا منها. وشهدت الساعات الـ24 الأخيرة مواجهات كر وفر، إذ بينما سيطر النظام على قرية الناصرية جنوبي إدلب ومزارع قريبة منها، فإن ناشطين في إدلب تحدثوا لـ"العربي الجديد" عن أن "هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الحر استعادت السيطرة على قريتي أم رجيم ورسم العبد"، جنوبي معرة النعمان بنحو 30 كيلومتراً.
ودارت كل هذه المعارك في المناطق الواقعة شرق سكة قطار حلب – دمشق، التي يقع فيها مطار أبو الظهور العسكري، شرقي محافظة إدلب، وهو هدف قوات النظام الحالي. وفي حال أكملت قوات النظام تقدمها نحو هذه القاعدة الجوية، فإنها تكون بذلك قد أخضعت جميع مناطق شرقي سكة القطار المذكورة لسيطرتها، وهي المناطق التي ذكرت خرائط أستانة المُسربة أنها ستُدار من قبل قوى محلية منزوعة السلاح تحت حماية روسية.
وكانت قد رشحت خلال الأيام القليلة الماضية معلوماتٌ عن تشكيل "غرفة عمليات عسكرية" مشتركة، تضم كبريات الفصائل العسكرية في محافظة إدلب، وهي: "هيئة تحرير الشام"، و"حركة أحرار الشام"، و"جيش الأحرار"، و"الحزب الإسلامي التركستاني" و"حركة نور الدين زنكي"، مع فصائل تتبع للجيش الحر هي "جيش إدلب الحر"، و"جيش العزة" و"جيش النصر". لكن من دون صدور بيانٍ رسمي بذلك، بل من خلال تصريحاتٍ لقياداتٍ عسكرية شمال غربي سورية، ولم تُظهر مجريات المعارك على الأرض أي نتائج لمصلحة هذه القوى التي تراجعت عن مناطق سيطرتها أمام تقدم قوات النظام.
وواصل طيران النظام السوري شنّ هجماته على مناطق واسعة في الغوطة الشرقية لدمشق، في الوقت الذي ما تزال فيه مجموعة فصائل عسكرية معارضة تُحكم حصارها لإدارة المركبات في حرستا. واستهدفت الغارات أمس السبت، مدينة حرستا بشكل رئيسي، ومناطق أخرى قريبة منها، إذ ذكر "مركز الغوطة الإعلامي"، على معرّفاته الرسمية في الإنترنت، بأن "مدينة حرستا تعرضت لضربات جوية عدة، فيما أصيب عدد من المدنيين جراء غارة للطيران الحربي التابع للنظام السوري على بلدة حمورية"، مضيفاً أن "مدنياً واحداً قتل على الأقل، وأصيب آخرون، جراء قصف جوي نفّذته طائرات النظام الحربية على بلدة مديرا، في حين أصيب مدني بجروح جراء قصف مدفعي لقوات النظام استهدف بلدة أوتايا في الغوطة الشرقية أيضاً".
وتزامن كل هذا القصف مع محاولات تقدّم لقوات النظام والمليشيات الموالية لها نحو مبنى إدارة المركبات، من دون أن تتمكن من تحقيق ذلك حتى الآن. وتحدثت وسائل إعلامٍ موالية للنظام منذ يوم الجمعة الماضي عن "تحقيق تقدم لقوات النظام في معركة حرستا"، قائلة إن "بعض النقاط في حي العجمي باتت تحت سيطرة قوات النظام"، في حين أكدت غرفة عمليات فصائل المعارضة أنها "ما زالت تحتفظ بكافة المواقع التي تقدمت إليها الأسبوع الماضي، وحاصرت إثر ذلك إدارة المركبات بمن فيها من عناصر وضباطٍ لقوات النظام".
ومن الواضح، وفق تسجيلاتٍ مصورة نُشرت على الإنترنت، أن قوات النظام تكبّدت خسائر بشرية كبيرة في هذه المعركة، التي تقودها قوات "الحرس الجمهوري" و"الفرقة الرابعة" بشكل رئيسي، وشاركت فيها مليشيات مساندة لقوات النظام أبرزها "درع القلمون". في المقابل نعى "فيلق الرحمن" أحد أبرز الفصائل المشاركة بمعركة إدارة المركبات، التي أطلق عليها اسم "بأنهم ظلموا"، عدداً من عناصره بينهم قيادي، قتلوا في معركة حرستا.