يمر الاقتصاد الجزائري بأزمات متواصلة منذ حوالي ثلاثة أعوام. إذ مع تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014 هبطت المؤشرات الاقتصادية الجزائرية إلى مستويات وصفها العديد من خبراء الاقتصاد بالمقلقة، خصوصاً مع ضعف السياسات القائمة على تنويع الاقتصاد، واعتماد النمو بنسبة تزيد عن 95% على الإيرادات المتأتية من الصادرات النفطية.
وتساءل الخبراء عن جدوى رفع الإنفاق في مشروع موازنة العام 2018، الذي أقر مساء الأربعاء، بنسبة 25%، في حين تعاني البلاد أزمات واسعة في ماليتها، في حين برر آخرون هذا الارتفاع في أن تركز الإنفاق على الجوانب الاجتماعية وتسيير بعض المشاريع، ما يمكن أن يخفف الاحتقان بين المواطنين.
أزمة النقد الأجنبي
وتقول السلطات إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيلها من النقد الأجنبي التي هوت نزولاً من 60 مليار دولار في 2014، إلى 27.5 مليار دولار نهاية 2016، وفق بيانات رسمية. ما يعني فقدان حوالى 32.5 مليار دولار خلال سنتين فقط.
أما احتياطات النقد الأجنبي فقد تراجعت بنسبة 46% من 193 مليار دولار في مايو/ أيار 2014 إلى 105 مليارات دولار في يوليو/ تموز 2017، وفق الوثيقة المتضمنة برنامج عمل الحكومة الجزائرية الجديدة التي تسجل "صعوبات حقيقية" على مستوى الميزانية الحالية للدولة.
عجز وديون
كما تسجل الجزائر عجزاً تجارياً بلغ 20 مليار دولار العام الماضي، وعجزاً في ميزان المدفوعات بلغ 26 مليار دولار في العام ذاته. وكانت الجزائر قد صدرت السنة الماضية ما يعادل 2.6 مليار دولار خارج قطاع المحروقات، التي بلغت 26 مليار دولار. وتعبر المنتجات الزراعية والغذائية صاحبة الحصة الأكبر في الصادرات الجزائرية.
في حين تواجه الخزينة حاليا دينا عموميا بنسبة 20 % من الناتج الداخلي الخام.
أما العجز في الموازنة فوصل إلى 17 مليار دولار جراء التراجع الحاد لعائدات النفط، التي أثرت على الجباية النفطية التي تعتبر الممول الأول للخزينة. وتتوقع الحكومة أن يبلغ عجز الموازنة 9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، ارتفاعا من المستوى المتوقع البالغ 8% هذا العام، لكن انخفاضاً من 14% في 2016.
وتوقع القانون عجزا في الموازنة في 2018 بنحو 20 مليار دولار، بإيرادات عامة تقدر بنحو 65 مليار دولار ونفقات إجمالية بـ86 مليار دولار.
ارتفاع البطالة
وبلغت نسبة البطالة في الجزائر في شهر إبريل/ نيسان الماضي، 12% في سابقة هي الأولى منذ عقود. ويرجع خبراء هذه الزيادة إلى تجميد المشاريع الكبرى وتقليص الإنفاق في الاستثمارات العمومية، ما جعل الكثير من الشركات العمومية والخاصة تسرح العمال.
وكانت الجزائر سجلت 10% كنسبة بطالة في نهاية السنة الماضية، حسب آخر أرقام الديوان الجزائري للإحصائيات.
وبلغ عدد العاطلين من العمل قرابة 1.5 مليون شخص، منهم 17% من حاملي الشهادات الجامعية و13% أصحاب مستوى تعليمي ثانوي ومتوسط.
وحسب الخبير الاقتصادي ووزير الاستشراف السابق بشير مصيطفى، فإن "عدد الشباب العاطلين الذين ينشطون في السوق الموازية يفوق 300 ألف شاب عبر التراب الجزائري".
سعر صرف الدينار
كما يواجه الدينار الجزائري أصعب فتراته منذ سنوات، حيث فقد قرابة 30% من قيمته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، جراء اعتماد المركزي الجزائري سياسة التعويم الموجه للعملة، وذلك لكبح فاتورة الواردات التي تعدت 60 مليار دولار خلال عام 2014.
وحسب بيانات حكومية، فإن معدل سعر صرف الدولار أمام الدينار عام 2012 بلغ 77.55 دينارا، بينما بلغ المتوسط عام 2013 حوالى 79.38 دينارا، ليرتفع إلى 80.56 ديناراً للدولار الواحد عام 2014، ثم 100 دينار سنة 2015، ثم 107 دنانير للدولار السنة الماضية، قبل أن يصل إلى السعر الحالي البالغ 112 دينارا.
تضخم وضعف بالقدرة الشرائية
ويبلغ حجم التضخم حاليا قرابة 8% في حين كانت توقعت الحكومة ألا يتعدى 4% خلال إعداد الموازنة العامة للبلاد للسنة الحالية.
وتشير آخر الأرقام الصادرة عن الديوان الجزائري للإحصائيات في أغسطس / آب الماضي، إلى أن أسعار الخضر والفواكه عرفت ارتفاعا بلغ 12% في النصف الأول من السنة الحالية مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، فيما ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 25%، والحبوب 10%، والخدمات 30%.
بحسب الخبير الاقتصادي المختص في النمط الاستهلاكي أيوب لعماري، فإن متوسط دخل الفرد في الجزائر نحو 30 ألف دينار شهريا (270 دولارا)، في حين ارتفعت الأسعار أكثر من خمسة أضعاف منذ بداية الأزمة الاقتصادية جراء انهيار عائدات النفط منذ عام 2014.
وكانت دراسة نقابية ميدانية حول القدرة الشرائية للجزائريين قد كشفت أن الأجر الأدنى الضروري لمعيشة عائلة مكونة من خمسة أفراد في الجزائر، يجب ألّا يقل عن 60 ألف دينار شهريا (550 دولارا)، مع العلم أن هذا الرّقم يتضمن فقط الحاجات الأساسية والضرورية للأسرة، دون احتساب ما تحوّل لدى الجزائريين إلى كماليات مختلفة.
(العربي الجديد)