يعيش مليونا فلسطيني في قطاع غزة الساحلي المحاصر، أوضاعاً معيشية واقتصادية غاية في الصعوبة والقسوة، مع تزايد الضغط الذي تمارسه أطراف مختلفة ويطاول كل شيء في البقعة السكانية الأضيق في العالم، ويشبّهها كثيرون بـ"السجن الكبير". ممارسو التضييق على قطاع غزة منذ أحد عشر عاماً، هم الأطراف أنفسهم، بدءاً من إسرائيل التي تشدد حصارها وتضيّق على السكان وحركتهم عبر المعابر التي تسيطر عليها، ومروراً بمصر التي تغلق معبر رفح البري الذي يُعتبر المنفذ الأهم لسكان القطاع على العالم الخارجي. وأضيفت إليهما أخيراً السلطة الفلسطينية التي تواصل فرض حسومات تزيد عن الثلاثين في المائة من مجمل الرواتب الشهرية المدفوعة لموظفيها في القطاع، ما أدى لوصول التجار والمنشآت الاقتصادية إلى وضع صعب جداً، وفقدان السيولة من الأسواق ومن أيدي التجار.
ولم تقدّم المصالحة الفلسطينية التي بدأ تطبيق بعض خطواتها فعلياً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أي جديد لغزة. ومنذ بداية العام الحالي، لم يُفتح معبر رفح البري نهائياً، في ظل تكدس آلاف الفلسطينيين على جانبي الحدود، والراغبين كحالات إنسانية بالدرجة الأولى بالمغادرة والعودة، من دون وجود ضغط حقيقي على مصر لتغيير موقفها من فتح المعبر بانتظام، على الرغم من وعودها المتكررة قبل المصالحة بفتحه.
خبراء اقتصاديون يقولون إنّ غزة دخلت مرحلة ما قبل الانهيار الاقتصادي التام، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أنّ القطاع دخل هذه المرحلة قبل فترة، وبات يُسمع علناً أنّ بعض كبار التجار في القطاع مطلوبون بقضايا ذمم مالية، وبعضهم أصبح "مطارداً" للدائنين، ما أدى إلى إغلاق منشآت اقتصادية عديدة في الأشهر الماضية. وفي العام الماضي وحده، سجلت الشرطة الفلسطينية نحو مائة ألف قضية حبس لمواطنين على خلفية ذمم مالية، وفق تصريحات للمتحدث باسمها أيمن البطنيجي قبل أيام.
اقــرأ أيضاً
وتُظهر دراسة أصدرها مركز "الميزان" لحقوق الإنسان ومقره غزة، ارتفاع معدلات البطالة في القطاع إلى 46.6 في المائة، بينما تجاوزت نسبتها في أوساط الشباب 60 في المائة، وفي صفوف النساء تجاوزت الـ85 في المائة. ويشير المركز إلى أنّ "التغيرات السياسية في قطاع غزة انعكست على معدلات البطالة وأدت لتفاقمها".
أما القطاع الصحي، فهو من أكثر القطاعات تضرراً، وبات المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الطبيب أشرف القدرة، يصدر بشكل أسبوعي تحذيرات من الانهيار في المستشفيات والمراكز الصحية، تارة متحدثاً عن نقص أدوية، وأخرى عن نقص الوقود، وثالثة عن توقف عمال النظافة في المستشفيات، ورابعة عن وقف توريد الطعام للمرضى.
ولا تتوقف مشكلة القطاع الصحي عند هذا الحد، بل تطاول المرضى أنفسهم، خصوصاً المصابين بأمراض مستعصية وخطرة، في ظل تقليص كبير في عدد التحويلات التي تصدرها السلطة الفلسطينية للمرضى في غزة لتمكينهم من تلقي العلاج المناسب خارج القطاع، ومن يحصل على التحويلة الطبية تمنعه إسرائيل في الغالب من السفر، أو يُحرم من العلاج نتيجة إغلاق معبر رفح البري.
وتتدخل حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بشكل جزئي دائماً لحل الأزمات، لكن الحلول التي تقدّمها مؤقتة أيضاً، إذ إنها لا تحل المشكلة من جذورها بل تحلها جزئياً، ما يؤجل الانهيار إلى مرحلة مقبلة، قد لا تطول في ضوء المعطيات الحالية.
أما عند "حماس"، فبات الحديث يعلو عن تدارس خيارات قد يكون بعضها مؤلماً إذا لم تتحرك الأطراف المعنية لحلحلة الأمور وإيجاد حلول للأزمات المتفاقمة. ووفق معلومات "العربي الجديد"، فإنّ القيادتين السياسية والعسكرية لـ"حماس" عقدتا سلسلة اجتماعات داخلية أخيراً للخروج بمواقف ورؤى لتحريك الأوضاع والعمل على حل الأزمات، لكن الخيارات كانت مغلقة. واتفق قياديو "حماس"، وفق المعلومات، على تصعيد الحراك الجماهيري والشعبي والمواجهة الشعبية في المرحلة الحالية على نقاط التماس الحدودية مع الأراضي المحتلة، مع استمرار العمل من أجل دفع السلطة الفلسطينية نحو تنفيذ استحقاقات المصالحة الوطنية.
ولمّح رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، إلى ذلك في خطابه، الثلاثاء الماضي، حين جدد التأكيد على أنّ غزة "تمر في ظروف غير مسبوقة"، محذراً من أنّه من الصعب أنّ تستمر الأوضاع على هذه الصورة "وقد نكون أمام سيناريوهات صعبة".
ويفهم كثيرون في غزة من تزايد المعاناة وقسوتها أنّ الضغط على القطاع سيتواصل من كل الأطراف، لأن المطلوب قبل عرض "صفقة القرن"، "ترويض غزة" التي يبدو أنها العثرة الأخيرة في وجه الصفقة، وأنه من دون "إلهائها" بأزماتها لن تمر الصفقة. لكنّ أهالي القطاع يأملون بأن تتحرك الرئاسة الفلسطينية والحكومة للتخفيف عنهم وإنهاء المعاناة المتفاقمة، في ظل الضغوط الكثيرة التي تواجههم وتواجهها.
خبراء اقتصاديون يقولون إنّ غزة دخلت مرحلة ما قبل الانهيار الاقتصادي التام، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أنّ القطاع دخل هذه المرحلة قبل فترة، وبات يُسمع علناً أنّ بعض كبار التجار في القطاع مطلوبون بقضايا ذمم مالية، وبعضهم أصبح "مطارداً" للدائنين، ما أدى إلى إغلاق منشآت اقتصادية عديدة في الأشهر الماضية. وفي العام الماضي وحده، سجلت الشرطة الفلسطينية نحو مائة ألف قضية حبس لمواطنين على خلفية ذمم مالية، وفق تصريحات للمتحدث باسمها أيمن البطنيجي قبل أيام.
وتُظهر دراسة أصدرها مركز "الميزان" لحقوق الإنسان ومقره غزة، ارتفاع معدلات البطالة في القطاع إلى 46.6 في المائة، بينما تجاوزت نسبتها في أوساط الشباب 60 في المائة، وفي صفوف النساء تجاوزت الـ85 في المائة. ويشير المركز إلى أنّ "التغيرات السياسية في قطاع غزة انعكست على معدلات البطالة وأدت لتفاقمها".
أما القطاع الصحي، فهو من أكثر القطاعات تضرراً، وبات المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الطبيب أشرف القدرة، يصدر بشكل أسبوعي تحذيرات من الانهيار في المستشفيات والمراكز الصحية، تارة متحدثاً عن نقص أدوية، وأخرى عن نقص الوقود، وثالثة عن توقف عمال النظافة في المستشفيات، ورابعة عن وقف توريد الطعام للمرضى.
ولا تتوقف مشكلة القطاع الصحي عند هذا الحد، بل تطاول المرضى أنفسهم، خصوصاً المصابين بأمراض مستعصية وخطرة، في ظل تقليص كبير في عدد التحويلات التي تصدرها السلطة الفلسطينية للمرضى في غزة لتمكينهم من تلقي العلاج المناسب خارج القطاع، ومن يحصل على التحويلة الطبية تمنعه إسرائيل في الغالب من السفر، أو يُحرم من العلاج نتيجة إغلاق معبر رفح البري.
وتتدخل حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بشكل جزئي دائماً لحل الأزمات، لكن الحلول التي تقدّمها مؤقتة أيضاً، إذ إنها لا تحل المشكلة من جذورها بل تحلها جزئياً، ما يؤجل الانهيار إلى مرحلة مقبلة، قد لا تطول في ضوء المعطيات الحالية.
ولمّح رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، إلى ذلك في خطابه، الثلاثاء الماضي، حين جدد التأكيد على أنّ غزة "تمر في ظروف غير مسبوقة"، محذراً من أنّه من الصعب أنّ تستمر الأوضاع على هذه الصورة "وقد نكون أمام سيناريوهات صعبة".
ويفهم كثيرون في غزة من تزايد المعاناة وقسوتها أنّ الضغط على القطاع سيتواصل من كل الأطراف، لأن المطلوب قبل عرض "صفقة القرن"، "ترويض غزة" التي يبدو أنها العثرة الأخيرة في وجه الصفقة، وأنه من دون "إلهائها" بأزماتها لن تمر الصفقة. لكنّ أهالي القطاع يأملون بأن تتحرك الرئاسة الفلسطينية والحكومة للتخفيف عنهم وإنهاء المعاناة المتفاقمة، في ظل الضغوط الكثيرة التي تواجههم وتواجهها.