وفرضت شروط النظام هذه على "جيش الإسلام" أن يدعو، عبر بيان، الأهالي أنفسهم للضغط على النظام، من أجل القبول بمبادلتهم. اللافت أن دعوة الفصيل المعارض المسلح ترافقت مع تهديد بإقفال باب التفاوض بعد ثلاثة أيام من توقيت إصدار البيان (مساء الأحد الماضي)، من دون أن يوضح ماهية الخطوة التالية.
ويكشف البيان عن أن "جيش الإسلام" فاوض مسؤولين لدى النظام لمدة تسعة أشهر، ولكن النظام بسبب تعنته واستهتاره لم يقبل بالمبادلة إلا وفق الصيغة المشار إليها، أي ما يساوي ثمانية أشخاص مقابل إطلاق سراح شخص واحد فقط من المعارضة، وهو الأمر الذي وصفه بيان "جيش الإسلام" بـ"غطرسة النظام"، داعياً عائلات "المحتجزين" للعمل على كسر تلك "الغطرسة".
وفي اتصال أجراه "العربي الجديد" مع المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام"، النقيب عبد الرحمن الشامي، رفض الأخير إعطاء جواب محدد عن مصير المحتجزين بعد انقضاء المهلة المحددة للتفاوض والتي تنتهي اليوم الثلاثاء، تاركاً مصيرهم مجهولا، ومعبراً عن ذلك بالقول: "بعد 72 ساعة (منذ يوم الأحد) يخلق الله ما لا تعلمون".
ويوضح الشامي حجم الاستهتار الذي يتعاطى من خلاله النظام مع قضية "المحتجزين" قائلاً: "النظام يستهتر بضباطه وجنوده وعائلاتهم، ولو أراد سلامتهم لما أقدم على قصف دوما وبلدات الغوطة، وهو يعلم أنهم موزعون على الشقق السكنية، مثلهم مثل عائلات الغوطة". ويضيف: "لو كان لديه أدنى تقدير لهم ولذويهم، لكان قبل بمبدأ التفاوض عليهم، ووفر على الجميع هذه المعاناة".
ولم يحدد الشامي صيغة محددة للتفاوض تاركاً الأمور مفتوحة، لكنه علق قائلاً "معتقلونا في سجونه ليسوا أقل قيمة من المحتجزين لدينا، نحن نقبل بمبادلة عادلة ومشرفة، ونؤيد مساواة السوريين في هذه القضية".
وكانت فصائل المعارضة المسلحة، المؤلفة من "جبهة النصرة" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" و"جيش الإسلام"، قد سيطرت على مدينة عدرا العمالية في ريف دمشق، نهاية السنة الماضية، واعتقلت عدداً (غير معروف) من "الشبيحة" والضباط، واحتجزت عائلاتهم من النساء والأطفال (تقدر مصادر صحافية العدد الكلي بخمسة آلاف) بهدف مبادلتهم مع معتقلين من الغوطة الشرقية، غير أن كل المحاولات باءت بالفشل.
وأفرج كل من "جيش الإسلام" و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" عن خمس نساء، في وقت سابق من هذا العام، بسبب حاجتهم الماسة للعلاج والمتابعة الطبية، ولتعذر علاجهم في ظروف الحصار التي تعيشها الغوطة الشرقية.
كما قضى نحو خمسة أشخاص من "المحتجزين" في قصف تعرضت له مدينة دوما ثالث أيام عيد الفطر الماضي، وأدى لمقتل العشرات من أبناء المدينة.
ويتوزع "محتجزو" عدرا العمالية على مختلف أطياف السوريين، النسبة الأكبر منهم تنحدر من مدينة السلمية في ريف حماه، تليها منطقة الساحل، ثم السويداء، جنوبي سورية، وقد حاول الأهالي الاعتصام أكثر من مرة، وتلقوا وعوداً من مسؤولي النظام لكنها ذهبت أدراج الرياح.
يشار إلى ارتفاع صوت الموالين للكشف عن مصير أبنائهم، متهِمين مسؤولين في النظام، في مقدمتهم وزير الدفاع، فهد جاسم الفريج، بالاستهتار بحياتهم، وتعريضهم للهلاك من دون أي محاولة جدية لإنقاذهم.