11 ابريل 2024
معركة استعادة الرَّقة إذ تقترب
حُسمت الترجيحات أو تكاد، حول القوة المخوّلة للسير نحو الرقة، وتطبيق خطة (العزل)، وخوض معاركها رسميّاً، لصالح قوات سورية الديمقراطية (قسد)، والتي يحتكم الأكراد على قيادتها وتوجيهها، حيث يشكلون عمودها الفقري وعقلها المدبّر، وذلك في سعيٍ كرديٍ متواصلٍ ومحموم لقطع أي طريق على أي تدخل تركي.
تضفي معركة عزل الرقة من ثم استعادتها كثيراً من الشرعيّة والسمعة الدولية للأطراف المحليّة والإقليميّة التي ستشارك فيها، وطبيعي أنها ستوثّق العلاقة بين القوات التي على الأرض والتحالف الدولي المناهض لـ "داعش"، لذا تصر تركيا على تقويض كل ما من شأنه تقوية خصمها الكردي اللدود (وحدات حماية الشعب). وفي الأثناء، تتحدث وسائل إعلام تركيا عن حشد أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل على أهبة الاستعداد، للمشاركة في معركة الرقة، بينما تصمّ أميركا آذانها عن سماع مثل هذه الإغراءات التركية المتكرّرة، فوق ذلك أقدمت أميركا وقوات التحالف الدولي على تزويد عملية "غضب الفرات" بالإمكانات العسكرية واللوجستيّة، وعزّزت قدرات "قسد" الناريّة إثر انتقادات خبراء عسكريين أميركيين تحدثوا عن كثافة نارية محدودة، كأحد المشكلات التي ستعترض تقدم "قسد"، وتخفف من حدّة ضرباتها وتقدّمها.
لا يهدف التحالف إلى الحؤول دون مشاركةٍ تركية فحسب، بل إنه، وعبر الإنزال الجوي الأخير غربي مدينة الرقة، وبالقرب من مدينة الطبقة، قطع الطريق على مشاركة القوات الحكومية السورية أيضاً، والتي كانت تتحيّن الفرصة، للمشاركة في هذه العملية، وبالتالي، يعزّز قطع طريق حلب – الرقة بهذا الشكل من نظرية الإبقاء على قوات سورية الديمقراطية قوّة وحيدة على الأرض.
الظاهر حتى اللحظة أن خطة العزل، ومن ثم الاستعادة الأميركية تسير بخطى ثابتة، وعلى ضوء تفاهم روسي - أميركي تُدلل عليه المعطيات على الأرض، كحال عدم إزعاج القوات الكردية شمالاً، وإشغالها في معارك مع الجانب التركي، فقد حالت روسيا وأميركا من تقدم القوات التركية صوب مدينة منبج، بُعيد معارك الباب، كما نشرت روسيا قواتها ومدرَّعاتها مشفوعتين بأعلام روسية وأعلام وحدات حماية الشعب في عفرين ذات الغالبية الكردية، رداً على القصف المدفعي التركي ريف عفرين، ففي سابقةٍ باتت القوات الكردية تردُّ على مصادر النيران التركية، وهو أمر لم يكن، لولا الوجودان، الروسي والأميركي، إلى جوار القوات الكردية، بل فاقم من غضب تركيا مقتل جنديّ تركي داخل الأراضي التركية برصاص قنّاصٍ تابع لوحدات الحماية من الجهة السورية للحدود، لتسرع الخارجية التركية، وعبّر المتحدث باسمها للقول إن صور المقاتلين الروس إلى جانب المقاتلين الأكراد "مزعجة"، وإن على روسيا "احترام حساسيتنا".
يختلف إيقاع معارك الرّقة عن التي حدثت في الموصل العراقية، حيث أن قوات سورية الديمقراطية لا تثير الحساسية التي أثارتها قوات الحشد الشعبي المصبوغة طائفياً، فـ "قسد" باتت تحوي في داخلها حضوراً عربياً وازناً، وإن كانت إدارة القوات تتبع العنصر الكردي، إلا أن الحضور العربيّ يخفف من غلواء المشاعر المتخوفة من انتهاكاتٍ قد تقع على الأرض، بعيد "تحرير" المناطق من سيطرة "داعش"، فحين تمت السيطرة على منبج، ذات الغالبية العربية، لم تشهد المدينة اضطراباً داخلياً، أو عمليات نزوح لاحقة للسيطرة الكردية، الأمر الذي يزيد من مشاعر الاطمئنان لدى الجانب العربي في المقام الأوّل، ويُريح الأميركان والحلفاء من الانتقادات التي قد تطاولهم، في حال تنامت مشاعر الكراهية للقوات البريّة المدعومة أميركياً. يزيد في الافتراق بين مشهدي الرقة – الموصل، أن القوات الحاضرة على الأرض سوريّة ، بمعنى أن الوجود الإيراني في معركة الموصل يكاد ينعدم في معركة الرقة وعملية غضب الفرات، إذ لا قوات إقليمية يمكن أن تساهم في التحرير والاستثمار في المرحلة اللاحقة، فوق ذلك قد تعمد "قسد" إلى تمكين مقاتليها العرب، وحلفائها المحليين، من الظهور في المشهد العام، ما يخفف من نذر الصدام، ومن كوابيس حرب كردية – عربية، يستبعد حدوثها حال استعادة الرقة.
لا تبدو معركة الرّقة بعيدةً من حيث توقيتها، فعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) صرحت، على لسان متحدثها أن قرار الهجوم لاستعادة الرقة "لم يتخذ بعد"، في حين تصرح قيادات من "قسد" أن المعركة ستبدأ في أوائل شهر إبريل/ نيسان المقبل. ومهما يكن من أمر، تؤكد سرعة الأحداث على الأرض أن الهجوم على الرقة ليس بعيداً، إذ تعبّر استعادة القرى والنقاط المهمة حول الرقة أكثر من كلام المتحدثين.
لم يعد من الممكن الحديث عن تعطيل معركة استعادة الرّقة، كما لم يعد من الممكن إشراك قوات محلية أو إقليمية في هذه العملية، وكل ما يمكن قوله هو انتظار "أم المعارك" التي ستشهدها الرّقة المكلومة، وما ستسفر عنه من نتائج بالغة الأهمية على المشهدين، السوري والإقليمي.
تضفي معركة عزل الرقة من ثم استعادتها كثيراً من الشرعيّة والسمعة الدولية للأطراف المحليّة والإقليميّة التي ستشارك فيها، وطبيعي أنها ستوثّق العلاقة بين القوات التي على الأرض والتحالف الدولي المناهض لـ "داعش"، لذا تصر تركيا على تقويض كل ما من شأنه تقوية خصمها الكردي اللدود (وحدات حماية الشعب). وفي الأثناء، تتحدث وسائل إعلام تركيا عن حشد أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل على أهبة الاستعداد، للمشاركة في معركة الرقة، بينما تصمّ أميركا آذانها عن سماع مثل هذه الإغراءات التركية المتكرّرة، فوق ذلك أقدمت أميركا وقوات التحالف الدولي على تزويد عملية "غضب الفرات" بالإمكانات العسكرية واللوجستيّة، وعزّزت قدرات "قسد" الناريّة إثر انتقادات خبراء عسكريين أميركيين تحدثوا عن كثافة نارية محدودة، كأحد المشكلات التي ستعترض تقدم "قسد"، وتخفف من حدّة ضرباتها وتقدّمها.
لا يهدف التحالف إلى الحؤول دون مشاركةٍ تركية فحسب، بل إنه، وعبر الإنزال الجوي الأخير غربي مدينة الرقة، وبالقرب من مدينة الطبقة، قطع الطريق على مشاركة القوات الحكومية السورية أيضاً، والتي كانت تتحيّن الفرصة، للمشاركة في هذه العملية، وبالتالي، يعزّز قطع طريق حلب – الرقة بهذا الشكل من نظرية الإبقاء على قوات سورية الديمقراطية قوّة وحيدة على الأرض.
الظاهر حتى اللحظة أن خطة العزل، ومن ثم الاستعادة الأميركية تسير بخطى ثابتة، وعلى ضوء تفاهم روسي - أميركي تُدلل عليه المعطيات على الأرض، كحال عدم إزعاج القوات الكردية شمالاً، وإشغالها في معارك مع الجانب التركي، فقد حالت روسيا وأميركا من تقدم القوات التركية صوب مدينة منبج، بُعيد معارك الباب، كما نشرت روسيا قواتها ومدرَّعاتها مشفوعتين بأعلام روسية وأعلام وحدات حماية الشعب في عفرين ذات الغالبية الكردية، رداً على القصف المدفعي التركي ريف عفرين، ففي سابقةٍ باتت القوات الكردية تردُّ على مصادر النيران التركية، وهو أمر لم يكن، لولا الوجودان، الروسي والأميركي، إلى جوار القوات الكردية، بل فاقم من غضب تركيا مقتل جنديّ تركي داخل الأراضي التركية برصاص قنّاصٍ تابع لوحدات الحماية من الجهة السورية للحدود، لتسرع الخارجية التركية، وعبّر المتحدث باسمها للقول إن صور المقاتلين الروس إلى جانب المقاتلين الأكراد "مزعجة"، وإن على روسيا "احترام حساسيتنا".
يختلف إيقاع معارك الرّقة عن التي حدثت في الموصل العراقية، حيث أن قوات سورية الديمقراطية لا تثير الحساسية التي أثارتها قوات الحشد الشعبي المصبوغة طائفياً، فـ "قسد" باتت تحوي في داخلها حضوراً عربياً وازناً، وإن كانت إدارة القوات تتبع العنصر الكردي، إلا أن الحضور العربيّ يخفف من غلواء المشاعر المتخوفة من انتهاكاتٍ قد تقع على الأرض، بعيد "تحرير" المناطق من سيطرة "داعش"، فحين تمت السيطرة على منبج، ذات الغالبية العربية، لم تشهد المدينة اضطراباً داخلياً، أو عمليات نزوح لاحقة للسيطرة الكردية، الأمر الذي يزيد من مشاعر الاطمئنان لدى الجانب العربي في المقام الأوّل، ويُريح الأميركان والحلفاء من الانتقادات التي قد تطاولهم، في حال تنامت مشاعر الكراهية للقوات البريّة المدعومة أميركياً. يزيد في الافتراق بين مشهدي الرقة – الموصل، أن القوات الحاضرة على الأرض سوريّة ، بمعنى أن الوجود الإيراني في معركة الموصل يكاد ينعدم في معركة الرقة وعملية غضب الفرات، إذ لا قوات إقليمية يمكن أن تساهم في التحرير والاستثمار في المرحلة اللاحقة، فوق ذلك قد تعمد "قسد" إلى تمكين مقاتليها العرب، وحلفائها المحليين، من الظهور في المشهد العام، ما يخفف من نذر الصدام، ومن كوابيس حرب كردية – عربية، يستبعد حدوثها حال استعادة الرقة.
لا تبدو معركة الرّقة بعيدةً من حيث توقيتها، فعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) صرحت، على لسان متحدثها أن قرار الهجوم لاستعادة الرقة "لم يتخذ بعد"، في حين تصرح قيادات من "قسد" أن المعركة ستبدأ في أوائل شهر إبريل/ نيسان المقبل. ومهما يكن من أمر، تؤكد سرعة الأحداث على الأرض أن الهجوم على الرقة ليس بعيداً، إذ تعبّر استعادة القرى والنقاط المهمة حول الرقة أكثر من كلام المتحدثين.
لم يعد من الممكن الحديث عن تعطيل معركة استعادة الرّقة، كما لم يعد من الممكن إشراك قوات محلية أو إقليمية في هذه العملية، وكل ما يمكن قوله هو انتظار "أم المعارك" التي ستشهدها الرّقة المكلومة، وما ستسفر عنه من نتائج بالغة الأهمية على المشهدين، السوري والإقليمي.
دلالات
مقالات أخرى
19 فبراير 2023
10 ابريل 2022
17 فبراير 2022