وأوضح أحد هؤلاء المسؤولين لوكالة "فرانس برس" أن "المعارك التي تشارك فيها مروحيات أباتشي تابعة للتحالف بقيادة السعودية، تتحول في هذا الموقع إلى حرب شوارع"، مشيرا إلى أن "المتمردين يستخدمون القنّاصة بشكل كثيف وقذائف الهاون التي يطلقها المتمردون تتساقط كالمطر". وتابع أن "القوات الشرعية تواجه خلال محاولة تقدّمها ألغاماً كثيرة، وضعت في البراميل والخنادق وعلى الطرقات، يؤدي بعضها أحياناً إلى تدمير أكثر من آلية". لكنه أكد أن "القوات الشرعية تمكّنت رغم ذلك من تحقيق تقدم جديد في الشارع الرئيسي بنحو كيلومتر". ومستشفى "22 مايو"، أكبر وأضخم مستشفيات محافظة الحديدة، يضم مهبط طائرات ويبعد نحو ثلاثة كيلومترات فقط عن مربع أمني يحمل اسم "سبعة يوليو"، ويعد المعقل الرئيسي للحوثيين في المدينة. وكانت منظّمة العفو الدولية اتّهمت الحوثيين الخميس الماضي، باستخدام المستشفى لأغراض عسكرية عبر نشر قناصة على أسطحه. وفي جنوب غربي المدينة، حيث تحاول القوات الشرعية التوغل شمالاً على الطريق الساحلي باتجاه الميناء، دارت اشتباكات متقطعة، وفقاً للمسؤولين في القوات الشرعية.
وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن "الأسبوع الماضي، كان الأصعب على الإطلاق، من ناحية شراسة وكلفة المواجهات على الطرفين. وفي هذه المعارك قُتل وأُصيب العشرات من أفراد الشرعية والحوثيين، الذين أجروا استعدادات كبيرة، تحديداً بحشدهم المقاتلين والصمود في الخنادق وزرع الألغام، فضلاً عن تحصين مواقعهم الدفاعية في أحياء ومناطق سكنية تعيق فاعلية السلاح الثقيل لدى خصومهم، إلا أنهم ما زالوا عرضة للقصف الجوي الذي تستمر طائراته الاستطلاعية بالتحليق في سماء الحديدة".
في الرؤية السياسية، يخشى البعض من التجارب السابقة للتحالف بواجهته الإماراتية في المدن اليمنية غير الخاضعة للحوثيين، بما فيها مدينة عدن، والتي ما تزال تعاني آثار الحرب والفوضى. كما تحولت أبوظبي إلى ما يشبه "المحتل" الذي يتحكم بالقرارات ويحول دون قيام الحكومة الشرعية بفرض سلطتها في عدن. بالتالي فإن التجربة إن لم تكن دافعاً لمعارضة علنية للعملية العسكرية، فإنها دافع للتحفظ على مسارها على الأقل.
في المقابل، تروّج بعض الشخصيات في التحالف، أن انتزاع الحديدة، بما هي أهم وآخر المدن الساحلية من أيدي الحوثيين، سيمثل نصراً استراتيجياً يقلل قدرة الجماعة على تهديد الملاحة الدولية ويقلل من قدرتها على استقبال أسلحة مهربة من إيران. بالتالي فإن خسارتها للحديدة، قد تدفع الجماعة، إلى تقديم تنازلات تحقق حداً مقبولاً في أي تسوية مستقبلية. وعمل الجانب الإماراتي على الترويج لذلك دبلوماسياً وإعلامياً في الأشهر الماضية، باعتبار أن الحديدة مفتاح السلام.
في سياق آخر، دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، إلى "وقف فوري للتصعيد العسكري في اليمن". وذكرت أمس السبت، أن "التحالف الذي تقوده السعودية والقوات الموالية (للرئيس اليمني عبد ربه منصور) هادي وقوات الحوثيين، وهؤلاء الذين يمدون أطراف الصراع بأسلحة وأوجه أخرى من الدعم، جميعهم لديهم القدرة أو النفوذ لوقف المجاعة وقتل المدنيين، من أجل بعض التخفيف عن شعب اليمن".
بدورها، أظهرت قاعدة بيانات تتعقب العنف في اليمن أن الضربات الجوية التي تقوم بها السعودية وحلفاؤها لا تزال ماضية في قتل المزيد من المدنيين أكثر من العام الماضي. وأعطت قاعدة البيانات إشارة إلى نطاق الكارثة التي عصفت باليمن خلال أربع سنوات من الحرب الأهلية، إذ أسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقل عن 57538 شخصا من المدنيين والمسلحين، منذ بداية عام 2016، وفقاً للبيانات التي جمعها مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثه. هذه الإحصاءات لا تتضمن الأشهر التسعة الأولى من الحرب، في عام 2015، والتي لا تزال المجموعة تحللها. ويتوقع أن ترفع العدد إلى 70 أو 80 ألفاً وفقاً لحديث باحث المنظمة أندريا كاربوني، لوكالة "أسوشييتد برس". والإحصاءات لا تشمل أولئك الذين لقوا حتفهم في الكوارث الإنسانية التي خلفتها الحرب، ولا سيما المجاعة. وعلى الرغم من عدم وجود أرقام مؤكدة، إلا أن منظمة "أنقذوا الأطفال" قدّرت وفيات الأطفال بسبب الجوع بنحو 50 ألف طفل عام 2017. وقد استندت في ذلك إلى إحصاءات تفيد بوفاة 30 في المائة من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والذين لم يتلقوا العلاج المناسب.
في غضون ذلك، تتفاعل قضية نشر صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً للقيادي البارز في جماعة الحوثييون، رئيس ما يسمى "اللجنة الثورية العليا"، محمد علي الحوثي، وسط استياء من الشرعية اليمنية، ترجمته الخارجية اليمنية باعتبارها أمس السبت أن نشر الصحيفة الأميركية مقال رأي لـ"مجرم حرب" بمثابة أمر "معيب"، فيما كان لافتاً القرار الذي اتخذه هادي بابعاد المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة، أحمد عوض بن مبارك، من منصبه، مع احتفاظه بمهامه كسفير لدى الولايات المتحدة. وفي السياق، أفاد مصدر في وزارة الخارجية بأنه بنظر مسؤولين في الحكومة ومنهم وزير الخارجية، خالد اليماني، كان وجود بن مبارك بمنصبين مهمين خطأ وقرار تعيين مندوب دائم كان جاهزاً بمقترح من الخارجية، لكن المصادقة عليه من الرئيس الذي تربطه ببن مبارك علاقة قوية، جاءت بعد مقال الحوثي، في محاولة لاسترضاء المعترضين على وجوده في المنصبين.