دخلت معارك الفلوجة أسبوعها الثالث على وقع تقدم ميداني حققته القوات العراقية النظامية ومليشيات الحشد الشعبي، أمس السبت، في تطور يعكس رغبة الحكومة العراقية في استرداد الفلوجة قبل بدء شهر رمضان. وتحقق التقدم على مرحلتين؛ في الأولى، سيطرت القوات المهاجمة على مناطق الصقلاوية والنعيمية، بشكل كامل، وهما البوابتان الرئيسيتان للمدينة، ووصلت إلى منطقة أسوار الفلوجة، بمؤازرة "الحرس الثوري الإيراني" بأكثر من 300 عنصر. وفي المرحلة الثانية، استأنفت الهجوم على الفلوجة، مساء أمس، مسجلةً تصاعداً كبيراً في وتيرة القصف والاشتباكات المباشرة بينها وبين قوات تنظيم "الدولة الإسالمية (داعش)، خاصةً على محوري الفلوجة الشمالي والجنوبي. وكان لافتاً أن المرحلة الثانية من الهجوم تميزت بوصول قوات إضافية من "الحرس الثوري الإيراني"، والتي تمركزت في محوري النعيمية والجامعة جنوباً، وفي منطقة حي الشهداء لجهة الصقلاوية شمالاً، بحسب ما أكدت مصادر عسكرية عراقية رفيعة لـ"العربي الجديد".
وأفاد مراسل "العربي الجديد" المتواجد في جنوب الفلوجة، بأن القصف الصاروخي العنيف طاول، مساء أمس، أغلب أحياء الفلوجة السكنية، وأن القوات العراقية والمليشيات سعت للسيطرة على جسري التفاحة ومنطقة الجميلة في النعيمية، وصولاً إلى أول أحياء الفلوجة الجنوبية، الشهداء والجبيل، كما أن المعارك جرت، مساءً، على بعد 3 كيلومترات من حدود أسوار المدينة.
وأفاد مراسل "العربي الجديد" المتواجد في جنوب الفلوجة، بأن القصف الصاروخي العنيف طاول، مساء أمس، أغلب أحياء الفلوجة السكنية، وأن القوات العراقية والمليشيات سعت للسيطرة على جسري التفاحة ومنطقة الجميلة في النعيمية، وصولاً إلى أول أحياء الفلوجة الجنوبية، الشهداء والجبيل، كما أن المعارك جرت، مساءً، على بعد 3 كيلومترات من حدود أسوار المدينة.
وقبل بدء الجولة الثانية من الهجوم على الفلوجة مساء أمس، كانت التطورات قد سجلت اتساع نطاق القتال، عصراً، على محاور عدة. وبحسب قائد عمليات الفلوجة الفريق الركن، عبد الوهاب الساعدي، خاضت القوات العراقية والمليشيات المتحالفة معها معارك طاحنة ووصلت إلى مشارف المدينة وتمركزت على بعد 3 كيلومترات جنوباً و4 كيلومترات شمالاً عن الأحياء السكنية، بعد انسحاب عناصر "داعش" بسبب شدة القصف الجوي والصاروخي من تلك المناطق.
وصرح ضباط في الجيش العراقي، طلب عدم ذكر اسمه، أن "التقدم تم من خلال الزجّ بأكثر من 30 ألف عنصر من الجيش والمليشيات في ظل تغطية نارية كثيفة من الجو والأرض". وكان مقدّم في الجيش، فضّل عدم كشف اسمه، تحدث في وقت سابق عن مشاركة ما لا يقل عن 300 عنصر من الحرس الثوري الإيراني في المعارك، في مقدمهم قائد فيلق القدس بـ"الحرس الثوري" الإيراني، قاسم سليماني، المتواجد هناك منذ صباح أمس السبت، يرافقه عدد من مساعديه. وأشار المتحدث نفسه إلى أن المليشيات هي من تتولى فعلياً إدارة المعركة وليس الجيش العراقي.
واتهم القيادي بجبهة "الحراك الشعبي"، محمد عبدالله، رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بالجبن وعدم الإجابة عن سؤال "ماذا يفعل سليماني على مشارف الفلوجة". وقال عبدالله في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "المعركة باتت طائفية أكثر من كونها ضد الإرهاب"، مضيفاً أن "داعش منح الذريعة المناسبة لإيران". وفي ما يتعلق بمسار المعارك، قال عبدالله: "المعلومات تؤكد من داخل المدينة أنه لن يتم اقتحامها، حتى مساء السبت، والمعارك تدور خارجها ويتحدثون عن مفاجآت في المعركة لكن مع الأسف لا أحد يتحدث عن مصير عشرات الآلاف من الأطفال والنساء ولا أحد يفكر بكبح أو إسكات المليشيات، والتي تهدد بمسح المدينة حال دخولها".
في سياق متصل، اعتبر تحالف القوى العراقية في بيان أن العبادي يتحمل مسؤولية انتهاكات مليشيات "الحشد الشعبي" في الفلوجة، محذراً من خطورة التجاوزات التي ترتكب على أساس عقدة الانتقام الجماعي. واتهم التحالف المليشيات بارتكاب تجاوزات طاولت المدنيين الفارين من الفلوجة، وحذّر السلطات العراقية من خطورة التغاضي عن تلك الجماعات، كما حدث في ديالى وصلاح الدين وبابل في مراحل سابقة. لكن مكتب رئيس الوزراء العراقي رد على هذا البيان، معلناً حرص العبادي على سلامة المدنيين واتخاذه إجراءات جديدة لحمايتهم.
وتشير الوقائع الميدانية إلى استمرار المعارك مشتعلة على المحاور الأربعة، في شمال وشرق وجنوب وغرب المدينة، وذلك على وقع قصف صاروخي وجوي عنيف، يتسبب في رمي عشرات الآلاف من المدنيين في المجهول، لا سيما أن هؤلاء يعيشون حالياً على إيقاع هجرة داخلية مستمرة بحثاً عن الحي السكني الأقل قصفاً، لكن بلا جدوى؛ لأن المدينة كلها تحولت إلى "هدف عسكري مشروع" في حرب لا قوانين تحدد أطرها، وتطغى عليها عوامل التعصب والتشدد وغياب منطق الدولة. ويدل احتدام المعارك على أن توجيهات العبادي بوقف القصف الصاروخي على أحياء الفلوجة المكتظة بالسكان لم تلق أي تجاوب من المليشيات.
وقتل ما لا يقل عن 30 عنصراً من المليشيات والشرطة ووحدة التدخل السريع، فيما لم يعرف حجم خسائر "داعش". وكشفت مصادر من داخل المدينة عن مقتل 9 مدنيين بينهم سبعة من عائلة واحدة جراء القصف عصر أمس على الفلوجة.
في غضون ذلك، كشفت مصادر طبية وأمنية عراقية أمس عن تخصيص مستشفيات اليرموك والكاظمية لاستقبال قتلى وجرحى مليشيات "الحشد الشعبي" والقوات النظامية العراقية، القادمين من معارك الفلوجة. ووفقاً لمصادر طبية رفيعة في بغداد، استقبلت مستشفيات اليرموك والكاظمية، منذ بدء معارك الفلوجة في 23 مايو/ أيار الماضي، نحو ألف قتيل وجريح غالبيتهم من المليشيات. وقال مصدر رفيع في وزارة الدفاع إن "نحو 800 جريح سقطوا بالمعارك من مليشيات الحشد والقوات النظامية، غادر منهم 530 بعد تلقيهم العلاج، وقتل 209 أشخاص، حتى مساء أمس الجمعة الماضي، من بينهم 140 مقاتلا من المليشيات". في المقابل، تشير معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" إلى مقتل ما لا يقل عن 180 عنصرا من تنظيم "داعش" خلال المعارك، وارتفعت حصيلة المدنيين إلى 278 قتيلاً وجريحاً من بينهم 171 طفلاً وامرأةً.