وتقترب الحملة العسكرية العراقية من إعلان اكتمال مهمة تحرير الموصل وضواحيها. ويشارك فيها نحو مائة ألف جندي عراقي. كما أنها مدعومة من مليشيات الحشد الشعبي التي ترافقها قوات من الحرس الثوري الإيراني، مع تواجد لقوات أجنبية، بينها عدد محدود لوحدات مشاة البحرية الأميركية (مارينز) وفرقة كوماندوس فرنسية فضلاً عن كتيبتي مدفعية للتحالف تغطيها في تقدمها طائرات أميركية وبريطانية وفرنسية وكندية.
وتؤكد مصادر عسكرية عراقية، لـ"العربي الجديد"، أن "أربعة أحياء سكنية فقط في المدينة لا تزال تحت سيطرة التنظيم بشكل كامل وهناك أحياء أخرى تتم فيها الاشتباكات، بينما تسيطر القوات العراقية حاليا على 94 في المائة من المدينة بشكل كامل".
وفي السياق، قال قائد الحملة العسكرية في الموصل، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، في حديث مع "العربي الجديد"، إن أربعة أحياء تقريباً باتت تفصل عن إعلان تحرير الموصل بالكامل". وأضاف يار الله "نسعى حالياً لإكمال حسم المعارك قبل شهر رمضان، وهناك حالة انهيار في صفوف العدو وسط اندفاع واضح من قواتنا المشتركة".
ولم يتبق من مدينة الموصل ذات الأحياء السكنية الـ398، بساحليها الأيمن والأيسر، سوى أربعة تحت سيطرة داعش، وهي الزنجيلي والشفاء وباب سنجار والنجار، بينما يدور القتال في كل من المدينة القديمة والاقتصادين وتموز والصحة والرفاعي. ويتوقع بحسب قيادات عسكرية عراقية، أن يحسم القتال فيها خلال يوم أو اثنين على أبعد تقدير.
من جهته، يقول المتحدث باسم قيادة العمليات، العميد يحيى الزبيدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن القوات العراقية تواصل عمليات التقدم وقضم الأراضي الخاضعة لتنظيم "داعش" بغطاء جوي من طيران التحالف والطيران العراقي.
وحول أعداد من تبقى من مقاتلي التنظيم، قال إنهم "أعداد قليلة وتحولوا إلى جيوب متناثرة وهناك مناطق داخل الأحياء الأربعة المتبقية لهم هشة بسبب تناقص عددهم بشكل كبير".
ووفقاً لما تكشفه تقارير قيادة عمليات الجيش العراقي، التي يقودها الجنرال عبد الأمير رشيد يار الله، فقد حققت المعارك 1365 ساعة قتال متواصلة على جميع محاور القتال السبعة بواقع 212 يوماً. واستخدمت القوات في المعارك أكثر من 20 ألف صاروخ وقنبلة وقذيفة مدفع وهاون ونحو 15 مليون طلقة من أسلحة متوسطة وخفيفة وثقيلة عدا القصف الجوي للتحالف والطيران العراقي.
وحققت معركة الموصل لجهة طول القتال رقماً قياسياً غير مسبوق، وتخطت توقعات وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" التي كانت ترجح أن تستغرق المعركة بين أربعة إلى ستة أشهر.
في غضون ذلك، تتحدث قيادات عسكرية عراقية في بغداد، مع "العربي الجديد"، عن مساعي لرئيس الوزراء حيدر العبادي لإلزام مليشيات الحشد بسقف زمني للخروج من مركز مدينة الموصل بعد إعلان تحريرها بشكل كامل من قبضة التنظيم.
ووفقاً لضباط في الجيش العراقي، فإن "المليشيات تمتلك حالياً أكثر من 70 مقراً لها داخل المناطق المحررة من الموصل، وهو ما ترفضه قوات التحالف الدولي وتطالب العبادي بإخراجها فوراً من المدينة".
ويقول عقيد في الجيش، طلب عدم الكشف عن اسمه، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنه "توجد مفاوضات بين رئيس الحكومة والمليشيات لإخراجها من الموصل بضغوط من التحالف الدولي، لكنها حتى الآن متعثرة، والحكومة تريد أن يقتصر التواجد على قوات الجيش فقط". ووفقاً للمصدر العسكري نفسه، فإنه "يمكن القول إن ملف الموصل ما بعد داعش بدأ مبكراً من خلال صفحة إخراج المليشيات من المدينة".
وما يؤكد ذلك بدء كتل سياسية محسوبة على إيران بجمع تواقيع لإقالة محافظة الموصل الحالي، نوفل العاكوب.
وفي السياق، أشار عضو مجلس نينوى، بنيان الجربا، في بيان له، إلى أنه توجد "مساعٍ لإقالة المحافظ في سياق مرحلة إصلاحات إدارية جديدة بالموصل بعد تحريرها". بدوره، قال حسين شغاتي، وهو أحد أعضاء حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، في تصريح صحافي، إنه "يجب إقالة المحافظ الحالي والتوافق على شخصية جديدة تتناسب مع المرحلة الجديدة". وهو ما علق عليه القيادي في التحالف الكردستاني، حمة أمين، بقوله إن "مرحلة صراع سياسي بدأت مبكراً حول الموصل قبل أن يتوقف إطلاق الرصاص فيها نهائياً".