تعود الولايات المتحدة مجدداً إلى سماء تكريت، بعد فشل الحملة العراقية الإيرانية على المدينة، التي انطلقت مطلع الشهر الحالي من دون أن تحقق أي تقدم، رغم مشاركة نحو 30 ألف مقاتل من الجيش النظامي والمليشيات، والمئات من قوات الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني، وفقاً لتسريبات عسكرية وتصريحات حكومية عراقية.
وأفاد عميد ركن في قيادة القوات البرية العراقية، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "طائرات مراقبة أميركية من دون طيار، باشرت عمليات المسح الجوي لمدينة تكريت، لتحديد مواقع تواجد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومنصات الصواريخ المحيطة بالمدينة من أجل تدميرها".
وأوضح المسؤول أن "ثلاث طائرات أميركية مسيّرة، حلّقت لأكثر من 18 ساعة في سماء المدينة، والتقطت صوراً واضحة ومهمة للغاية من داخل المدينة، وبعضها من مقرات داعش الرئيسية ومواقع تجمعاتهم. كما تمّ تصوير حقول الألغام المحيطة بالمدينة للمرة الأولى، وتم تحديد مساحتها وسبل تجاوزها بتقنية أميركية لا تتوفر لدى أي دولة أخرى".
وتابع "أبلغنا الأميركيون أنهم سيقومون بتهيئة الأرض أمامنا للدخول إلى المدينة بعد فشل إيران في مساعدتنا بذلك". وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت عن الرئيس العراقي فؤاد معصوم، قوله إن "التحالف الدولي سينفذ ضربات جوية ضد داعش في مدينة تكريت قريباً".
اقرأ أيضاً: بتريوس: إيران جزء من المشكلة في العراق
وقال إن "عناصر من الحرس الثوري كانوا يتواجدون في موقع المفرق العسكري (20 كيلومتراً جنوب تكريت) انسحبوا في وقت واحد مع بدء طائرات أميركية تحليقها في سماء تكريت. وقد يكون للموضوع صلة أو أن الولايات المتحدة اشترطت سحب يد طهران من المدينة، لقاء المساعدة بتحريرها، بعدما تسبب الإيرانيون بخسائر للقوات العراقية والمليشيات، بعد فشل خطتهم في اقتحام المدينة".
من جهته، أشار عضو مجلس "عشائر محافظة صلاح الدين"، نصيف الجبوري، إلى أن "الولايات المتحدة كانت تنتظر الساعة التي ستفشل فيها إيران في اقتحام تكريت". وأوضح الجبوري، الذي يرأس قوة من العشائر المناهضة لـ"داعش"، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الولايات المتحدة أبلغت بغداد بعدم جدوى العملية منذ البداية، لكن بغداد لم تسمع وذهبت إلى طهران للمساعدة، وفي النتيجة فشل الهجوم، وبات التدخل الأميركي الآن بمثابة دخول المنقذين إلى ساحة المعركة، ورسالة للعراق بأنه لا بديل عن الأميركيين مطلقاً".
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأدميرال جون كيربي، أكد يوم الثلاثاء، أن "بلاده ستدرس أي طلب عراقي للمساعدة بشأن الهجوم المتوقف لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم داعش". ولفت إلى أنه "إذا طالبت الحكومة العراقية رسمياً بالمساعدة الأميركية، فإن الادارة الأميركية سوف تدرس ذلك"، رافضاً الكشف عما إن كانت بغداد قدمت بالفعل مثل هذا الطلب.
في هذه الأثناء، قال العقيد الركن محمد الطائي من قيادة عمليات صلاح الدين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف الدولي سيُعالج ما لم نتمكن من معالجته، مثل حقول الألغام وجيوب القناصة والفخاخ ومنصات الصواريخ، وقد تشارك مقاتلات الأباتشي المروحية في المعركة، بسبب قدرتها على خوض معارك ليلية وتتبع المسلحين بواسطة المسح الحراري لأجسادهم، حتى لو كانوا مختبئين خلف جدران أو في خنادق تحت الأرض". وكشف أن "المعركة البرية ستبدأ مع انهيار داعش وخطوط دفاعه حول المدينة، بفعل ضربات التحالف التي لم تبدأ بعد، وما يحدث الآن مجرد عملية مسح جوي وتصوير ليلي لمواقع التنظيم داخل المدينة وفي محيطها".
اقرأ أيضاً: شرعية أميركية للتدخل الإيراني في العراق