وقد أمهلت قوات النظام السوري، مقاتلي المعارضة السورية في مدينة حرستا، حتى الثالثة من بعد ظهر أمس الأحد، ليخرجوا من المدينة. وكانت مصادر إعلامية قد أشارت يوم السبت، إلى التوصل لاتفاق بين الروس وفصيل "حركة أحرار الشام" الذي يُسيطر على مدينة حرستا شرق العاصمة دمشق. ينص الاتفاق، على دخول المدينة هدنة لثلاثة أيام بدأت السبت 17 مارس/آذار، ليتم بعدها تنفيذ بنود "مصالحة" محلية كسائر مدن وبلدات الريف الدمشقي. ومن بنود الاتفاق، تهجير من لا يرغب بالتسوية إلى الشمال السوري، وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء ضمن مدينة حرستا وإعطاء الشباب مهلة ستة أشهر للخروج من سورية أو الالتحاق بجيش النظام، وعودة المؤسسات الرسمية إلى المدينة ورفع علم النظام على مباني المدينة وتسليم السلاح الثقيل. وتشير مصادر ميدانية إلى أن وضع المعارضة في حرستا ليس بأحسن حالاته، ولا سيما مع قلّة عدد المقاتلين وحصار النظام لها من جميع الأطراف.
وشهدت الغوطة الشرقية يوم أمس الأحد هدوءاً نسبياً في موازاة مفاوضات تجري عبر الأمم المتحدة بين قوات النظام وفصيل "فيلق الرحمن" الذي يسيطر على جنوب الغوطة، واحتل النظام معظم مدنها وبلداتها، لوقف إطلاق النار في القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية، بينما يتواصل تهجير المدنيين باتجاه مناطق سيطرة النظام. وقال الناطق الرسمي باسم "فيلق الرحمن" وائل علوان لـ"العربي الجديد" إن فيلق الرحمن يجري "مباحثات جادة مع وفد من الأمم المتحدة هدفها ضمان سلامة المدنيين وحمايتهم". وأكد علوان أن المفاوضات لا تشمل خروج أو إخراج مقاتلي المعارضة، بل "التوصل إلى وقف إطلاق نار، وتأمين المساعدات للمدنيين، وإخراج الحالات المرضية والمصابين لتلقي العلاج خارج الغوطة بضمانات أممية".
غير أن الهدوء اقتصر على تراجع نسبي في عمليات القصف، بينما واصلت قوات النظام محاولاتها للاستيلاء على ما تبقى من مدن وبلدات الغوطة، حيث أعلنت أمس الأحد سيطرتها على مدينة سقبا وسط الغوطة بعد مواجهات دارت فيها مع مقاتلي المعارضة. وحسب وسائل إعلام موالية فإن قوات النظام دخلت سقبا بعد فرضها على الفصائل تسليم المدينة والحفاظ على وجود الأهالي فيها، مشيرة إلى مصير مماثل ينتظر مدينة كفربطنا المجاورة، حيث قالت وسائل اعلام النظام إن قوات الجيش تمكنت بالفعل من السيطرة على أبنية عند مدخل بلدة كفربطنا، فيما قصفت قوات النظام بالبراميل المتفجرة مدينة عين ترما.
وأكد الناشط قيس الحسن الموجود في الغوطة لـ"العربي الجديد" أن سقبا سقطت بالفعل وأن قوات النظام تتجه إلى كفربطنا، حيث تدور داخلها معارك كر وفر. وبشأن وضع المدنيين في هذه المناطق، قال الحسن الموجود في دوما شمال الغوطة، إنه لا يمكن التأكد من وضع المدنيين بسبب انقطاع الاتصالات، لكن مدينة سقبا شبه فارغة من السكان منذ سقوط حمورية، ولا يوجد فيها سوى عائلات قليلة رفضت المغادرة. وفي شمال الغوطة، حيث يسيطر "جيش الإسلام"، قالت وسائل إعلام النظام إن قوات الأخير سيطرت على منطقة تل كردي الاستراتيجية ومدرسة الفارابي، شمال بلدة الريحان. وقال جيش النظام إنه سيطر حتى الآن على نحو 70 في المائة من القرى والبلدات والمزارع التي كانت تحت سيطرة المعارضة في الغوطة الشرقية. كما أعلن جيش النظام عن وقف إطلاق نار في مدينة حرستا لمدة 24 ساعة، من الساعة الثالثة عصر السبت حتى الثالثة من عصر أمس الأحد لإفساح المجال للمدنيين للخروج باتجاه نقاطه في معبر الموارد المائية، حيث خرج أكثر من 170 مدنياً، وتم نقلهم الى سكن مؤقت في منطقة حرجلة، بحسب مصادر النظام. من جهته، أعلن "جيش الإسلام" مساء السبت إحباطه أربع محاولات اقتحام قامت بها قوات النظام في شمال الغوطة تمكّن خلالها من عطب أربع دبابات، وقتل نحو خمسة وعشرين عنصراً من قوّات النظام على جبهة الريحان مؤكداً ثبات مقاتليه في نقاطهم وجبهاتهم. وعلى صعيد مغادرة المدنيين للغوطة باتجاه مناطق سيطرة النظام، قال مركز المصالحة الروسي في سورية إن أكثر من 68 ألف مدني غادروا الغوطة الشرقية حتى الآن عبر الممرات الإنسانية بينهم 20 ألفا خرجوا عبر معبر حمورية منذ 28 فبراير/شباط الماضي. وبحسب المركز، فقد غادر أكثر من 30 ألف مدني الغوطة يوم السبت وحده من بلدات عربين وحمورية وسقبا وحزة.
إلى ذلك، تكبدت قوات النظام السوري أمس خسائر في الآليات والأرواح، خلال تقدم قوات المعارضة، في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، وذلك بعد معركة أطلقها "جيش تحرير الشام" ضد قوات النظام في القلمون الشرقي نصرة للغوطة، أطلق عليها اسم "الشهيدة سعاد الكياري"، تمكن خلالها من السيطرة على عدة نقاط بالقرب من منطقة المحسا، إضافة لقتل وجرح عدد من العناصر التابعين لقوات النظام في المنطقة.
كما أعلن "تحرير الشام" إسقاط طائرة حربية للنظام بالقرب من المعمل الصيني بمنطقة القلمون الشرقي، بعد استهدافها بالمضادات الأرضية. وتعد منطقة القلمون الشرقي ذات أهمية استراتيجية، نظراً لقربها من العاصمة دمشق والغوطة الشرقية إضافة إلى كونها ترصد طريق دمشق ــ بغداد الدولي والذي يعتبر صلة الوصل بين محافظات ريف دمشق، حمص والسويداء. وتزامناً مع المعارك في القلمون، قالت مصادر عسكرية إن منطقة الـ"55 كيلومتر" في البادية، التي تنتشر فيها فصائل "الجيش الحر" ويدعمها التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، تشهد تحركات عسكرية أيضاً متوقعة للفصائل المدعومة أميركياً، بدء عمل عسكري واسع بهدف السيطرة على مساحات تصل إلى حدود محافظة دير الزور. كلام يتناغم مع ما أعلنه رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، سيرغي رودسكوي، يوم السبت، ومفاده أن الولايات المتحدة تحضر لتوجيه ضربات ضد أهداف حكومية سورية باستخدام الصواريخ المجنحة.