هدّدت قوات النظام السوري سكان مدينة معضمية الشام، غرب العاصمة دمشق، بـ"الإبادة الجماعية"، في حال لم يتم إخلاء المدينة وتسليم المقاتلين أسلحتهم، وسط دعوات للتدخل السريع لإنقاذ حياة 45 ألف مدني.
ودعا "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى التحرك الفوري والعاجل لإنقاذ سكان معضمية الشام بريف دمشق من "مجزرة وشيكة" يرتكبها النظام بحقهم.
اقرأ أيضاً: تغيير التركيبة الديمغرافية في سورية عبر حصار التجويع
وأشار "الائتلاف الوطني"، في بيان نُشر اليوم السبت، إلى أن قوات النظام السوري أرسلت تهديدات لسكان معضمية الشام لإخلاء المدينة وتسليم المقاتلين سلاحهم، وإلا ستقوم بعملية "إبادة جماعية".
وأضاف أن النظام يرنو من وراء ذلك إلى "إكمال مشروعه في التهجير القسري والتغيير الديمغرافي لمحيط العاصمة".
وتابع أن نحو 45 ألف مدني نصفهم من النساء والأطفال في مدينة المعضمية، يرزحون تحت حصار خانق منذ سنوات.
وتفرض قوات النظام حصاراً على المدينة منذ ثلاث سنوات، ازدادت وطأته خلال الأشهر الأخيرة من العام الفائت، حيث تشهد المدينة اشتباكات ضارية، وخاصة في الأحياء الجنوبية، بين قوات النظام وفصائل "الجيش السوري الحر" المتمثلة بـ:"لواء الفجر، ولواء سيف الشام، ولواء الفتح التابع للاتحاد الإسلامي لأجناد الشام".
وتحاول قوات النظام ومليشيات مُتعدّدة تقاتل إلى جانبها اقتحام المدينة، فيما تتصدى قوات المعارضة إلى تلك الهجمات، بمقاومة وصفها ناشطون بـ"الأسطورية".
وأكّد الناشط الإعلامي داني قباني، والموجود في المدينة، في حديث عبر "السكايب"، مع "العربي الجديد"، أنّ "النظام طلب تسليم سلاح الجيش الحر بالكامل، أو إخلاء المدينة من أهلها، وإلا فإن الحرب ستكون المفتوحة"، لافتاً إلى أنّ "اللجنة المُكلّفة، والتي تشمل مندوبين عن التشكيلات العسكرية في المدينة، ومندوب عن المجلس المحلي، رفضت تسليم السلاح، والخروج من المدينة".
وفي 29 من الشهر الفائت، وعقب فشل المفاوضات التي استمرت أربع ساعات، أغلقت قوات النظام المعبر الذي كان المتنفس الوحيد للمدينة، كما وضعت سواتر ترابية، مع انتشار كثيف لعناصر الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، ماهر الأسد، والتي تعد من أشرس الفرق، وتُتهم بارتكاب مجازر في عموم سورية منذ بدء الثورة أوائل عام 2011، وفقاً للناشط قباني.
وفي هذا السياق، لفت قباني إلى أنّ حوالي 45 ألف مدني، بينهم أكثر من 12 ألف، نزحوا من مدينة داريا القريبة منها، والتي تعاني هي الأخرى من حصار، إذ تحاول قوات النظام فصل المدينتين عن بعضهما، لاسيما أنهما استعصتا على هذه القوات طوال سنوات، على الرغم من آلاف البراميل المتفجرة التي ألقاها طيران النظام عليهما وسوّيت غالبية أحيائهما بالأرض.
من جهةٍ ثانية، يعاني المحاصرون داخل المدينة من وضع مأساوي، لا سيما مع دخول فصل الشتاء وتدني درجات الحرار مع غياب لوسائل التدفئة، بينما طالب الناشط الإعلامي أحرار العالم التدخل لإيقاف ما وصفه بـ"المأساة المتكررة في معضمية الشام"، والإسراع بإدخال مساعدات طبية وإنسانية عاجلة.
وأضاف قباني أنّ "ناشطي المدينة وجّهوا مراراً هذا النداء، ولم يكن لندائهم صدى يُذكر في العالم، لكننا لن نكل أو نمل في المحاولة لإيصال صوت المعذبين داخل المدينة".
وسبق أن أطلق ناشطون، في نهاية العام الفائت، نداءات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ أرواح آلاف المدنيين من موت محتم، مشيرين إلى أنّ 45 ألف مدني "تحت آلة الحصار والإبادة".
وتعدّ معضمية الشام من كبرى مدن غوطة دمشق الغربية، ومن أوائل المدن السورية التي أعلنت الثورة على النظام، فقوبلت ثورتها بالقتل والاعتقال، فضلاً عن تهجير سكانها وتدمير العديد من أحيائها.
وفي وقتٍ لاحق، طبّقت قوات النظام سياسة الحصار على مدن وبلدات ريف دمشق، كي تجبرها على توقيع هدن تفضي ـ بالعادة ـ إلى إخراج المسلحين وعائلاتهم إلى مناطق شمال سورية، كما حدث في مدينة قدسيا، والزبداني، شمال غرب دمشق.
ووقّعت معضمية الشام هدنة مع قوات النظام أواخر عام 2013، غير أنها لم تدم طويلاً، إذ لم تفِ قوات النظام بتعهداتها، وسعت مراراً إلى اقتحام المدينة بالقوة.
اقرأ أيضاً: النظام السوري يضيّق الخناق على معضمية الشام