يضطر آلاف المعلمين في اليمن إلى مغادرة مناطقهم تاركين مدارسهم وتلاميذهم للفراغ أو لمعلمين جدد أغلبهم متطوعون من دون مؤهلات، استقدموا لسدّ الفراغ لا أكثر، مع استمرار الحرب في البلاد.
في هذا السياق، يقول عبد الخالق محمد، المعلّم في إحدى مدارس صنعاء، إنّه نزح إلى مدينة عدن (جنوب)، شأن غيره من التربويين لمتابعة صرف راتبه من قبل الحكومة الشرعية بعدما ضاق به الحال في صنعاء ولم يعد قادراً على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته.
يؤكد محمد أنّ وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين والتي يديرها شقيق زعيمهم عبد الملك الحوثي، فشلت في توفير رواتب المعلمين منذ عام ونصف. ويلفت إلى أنّ "العملية التعليمية في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتهم توقفت تماماً بعدما امتهن كثير من المعلمين وظائف وأعمالاً أخرى، كما أنّ كثيرين من بينهم غادروا مناطقهم". يضيف: "باتت الحياة صعبة علينا، ونحن لدينا أسر ومن الصعب أن تذهب إلى المدرسة وأنت لا تملك قيمة المواصلات أو ثمن وجبة إفطار لك أو لأطفالك". ويطالب الحكومة الشرعية بصرف رواتب المعلمين ممن نزحوا إلى المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة والتخفيف من معاناتهم.
من جانبه، يهدد المعلم أمين حُميد، بالتصعيد ضد الحكومة الشرعية في مدينة عدن، مطالباً بمستحقاته. يقول لـ"العربي الجديد": "نزحت وأسرتي إلى عدن منذ ثلاثة أشهر بعدما سمعت أنّ الحكومة تسلم رواتب الموظفين النازحين والملاحقين من الحوثيين". يشير إلى أنّه حتى اليوم لم يتسلم رواتبه أسوة بالمعلمين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية. يوضح حميد أنّ البقاء في صنعاء بات مستحيلاً لأسباب كثيرة، على رأسها عدم توفر سبل العيش وتراجع هامش الحرية وخوفه على أبنائه. يضيف أنّه يبحث عن عمل في مدارس خاصة أو مغادرة اليمن.
اقــرأ أيضاً
في مأرب استقر التربوي محمد عبد الرحمن، ليبدأ حياة جديدة بعد سنوات من المعاناة والملاحقة، يقول: "كان لا بدّ لي من مغادرة محافظتي حجة بعدما تعرضت للخطر مراراً، فمليشيا الحوثي تعتقد أنّي أشكل خطراً عليها لرفضي التعامل مع توجيهاتها في المدرسة التي كنت أعمل فيها مشرفاً إدارياً". ويشير إلى أنّه في مأرب يعمل في محل تجاري مع أحد أقاربه "في حجة وصنعاء لم نكن نستطيع الحصول على الوقود والماء والطعام، وإن وجد فبأسعار مرتفعة جداً، أما في مأرب فكلّ شيء متوفر". يضيف عبد الرحمن أنّ المدرسة التي كان يعمل فيها باتت شبه خالية من المعلمين المتخصصين لعدم دفع الرواتب، كما أنّ كثيراً من التلاميذ تركوا مدارسهم للالتحاق بالجبهة كنتيجة طبيعية لاستمرار التعبئة الحربية.
وشهدت العملية التعليمية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تدهوراً كبيراً، ما أدى إلى توقف عشرات المدارس، نتيجة انقطاع رواتب المعلمين والتدخل من قبل الجماعة في شؤون التعليم وتغيير المناهج الدراسية. وبحسب منظمة "يونيسف"، فإنّ العملية التعليمية في اليمن باتت على المحك. ويشكل توقف دفع رواتب الآلاف من المعلمين والموظفين التربويين خطراً ليس فقط على العملية التعليمية لملايين الأطفال، لكن أيضاً على جودة التعليم.
بدوره، يوضح رئيس دائرة قضايا العمل بنقابة المهن التعليمية والتربوية اليمنية عبد الله القباطي، أنّ المعلمين والتربويين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعرضوا لمختلف أصناف الإذلال والمهانة والجوع. يتابع: "طردوا من منازلهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجار، والبعض الآخر باع أثاث منزله لتوفير احتياجات أسرته الأساسية". ويؤكد أنّ الأوضاع المتردية للمعلمين والتربويين وعدم توفر أبسط مقومات الحياة لهم ولأسرهم جعلتهم ينزحون إلى المحافظات المحررة.
يؤكد مصدر في وزارة التربية والتعليم أنّ نحو 15 ألف معلم وتربوي نزحوا من المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات المحررة بعد توقف رواتبهم منذ أكثر من عام ونصف. ويشير إلى أنّه يتوقع أنّ آلافاً آخرين بصدد مغادرة محافظاتهم بحثاً عن مناطق أخرى يستطيعون العيش فيها. وبحسب المصدر، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، فإنّ القطاع الخاص يساهم "في تسليم مبالغ مالية للسلطة في صنعاء كمساعدة للمعلمين، إلّا أنّ الاحتياج كبير". يضيف: "بعض المنظمات تقدم خدمات للمعلمين، مثل التدريب والحوافز وغيرها، كما أنّ برنامج الأغذية العالمي ينوي إدخال فئة المعلمين ضمن الفئات المستهدفة بالسلال الغذائية". يقول المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ المعلمين في اليمن "يعانون من ظروف معيشية ونفسية صعبة جداً دفعت كثيرين منهم إلى النزوح وامتهان وظائف وأعمال أخرى مثل البناء والبيع والزراعة وترك مهنة التدريس".
اقــرأ أيضاً
يبلغ عدد المعلمين في المدارس الحكومية، بحسب تقرير حديث صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، 242.434 معلماً ومعلمة، 58 في المائة منهم لم يتسلموا رواتبهم منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016، لكنّهم حصلوا طوال أربعة أشهر على نصف راتب أو قسائم غذائية. يضيف التقرير أنّ 28 في المائة من إجمالي عدد المعلمين يتسلمون رواتبهم بشكل منتظم وهم الموجودون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، فيما 14 في المائة يتسلمونها جزئياً وبتقطع وهم معلمو محافظتي تعز والجوف اللتين تتقاسم السيطرة عليهما الحكومة الشرعية والحوثيون.
في هذا السياق، يقول عبد الخالق محمد، المعلّم في إحدى مدارس صنعاء، إنّه نزح إلى مدينة عدن (جنوب)، شأن غيره من التربويين لمتابعة صرف راتبه من قبل الحكومة الشرعية بعدما ضاق به الحال في صنعاء ولم يعد قادراً على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته.
يؤكد محمد أنّ وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين والتي يديرها شقيق زعيمهم عبد الملك الحوثي، فشلت في توفير رواتب المعلمين منذ عام ونصف. ويلفت إلى أنّ "العملية التعليمية في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتهم توقفت تماماً بعدما امتهن كثير من المعلمين وظائف وأعمالاً أخرى، كما أنّ كثيرين من بينهم غادروا مناطقهم". يضيف: "باتت الحياة صعبة علينا، ونحن لدينا أسر ومن الصعب أن تذهب إلى المدرسة وأنت لا تملك قيمة المواصلات أو ثمن وجبة إفطار لك أو لأطفالك". ويطالب الحكومة الشرعية بصرف رواتب المعلمين ممن نزحوا إلى المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة والتخفيف من معاناتهم.
من جانبه، يهدد المعلم أمين حُميد، بالتصعيد ضد الحكومة الشرعية في مدينة عدن، مطالباً بمستحقاته. يقول لـ"العربي الجديد": "نزحت وأسرتي إلى عدن منذ ثلاثة أشهر بعدما سمعت أنّ الحكومة تسلم رواتب الموظفين النازحين والملاحقين من الحوثيين". يشير إلى أنّه حتى اليوم لم يتسلم رواتبه أسوة بالمعلمين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية. يوضح حميد أنّ البقاء في صنعاء بات مستحيلاً لأسباب كثيرة، على رأسها عدم توفر سبل العيش وتراجع هامش الحرية وخوفه على أبنائه. يضيف أنّه يبحث عن عمل في مدارس خاصة أو مغادرة اليمن.
في مأرب استقر التربوي محمد عبد الرحمن، ليبدأ حياة جديدة بعد سنوات من المعاناة والملاحقة، يقول: "كان لا بدّ لي من مغادرة محافظتي حجة بعدما تعرضت للخطر مراراً، فمليشيا الحوثي تعتقد أنّي أشكل خطراً عليها لرفضي التعامل مع توجيهاتها في المدرسة التي كنت أعمل فيها مشرفاً إدارياً". ويشير إلى أنّه في مأرب يعمل في محل تجاري مع أحد أقاربه "في حجة وصنعاء لم نكن نستطيع الحصول على الوقود والماء والطعام، وإن وجد فبأسعار مرتفعة جداً، أما في مأرب فكلّ شيء متوفر". يضيف عبد الرحمن أنّ المدرسة التي كان يعمل فيها باتت شبه خالية من المعلمين المتخصصين لعدم دفع الرواتب، كما أنّ كثيراً من التلاميذ تركوا مدارسهم للالتحاق بالجبهة كنتيجة طبيعية لاستمرار التعبئة الحربية.
وشهدت العملية التعليمية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تدهوراً كبيراً، ما أدى إلى توقف عشرات المدارس، نتيجة انقطاع رواتب المعلمين والتدخل من قبل الجماعة في شؤون التعليم وتغيير المناهج الدراسية. وبحسب منظمة "يونيسف"، فإنّ العملية التعليمية في اليمن باتت على المحك. ويشكل توقف دفع رواتب الآلاف من المعلمين والموظفين التربويين خطراً ليس فقط على العملية التعليمية لملايين الأطفال، لكن أيضاً على جودة التعليم.
بدوره، يوضح رئيس دائرة قضايا العمل بنقابة المهن التعليمية والتربوية اليمنية عبد الله القباطي، أنّ المعلمين والتربويين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعرضوا لمختلف أصناف الإذلال والمهانة والجوع. يتابع: "طردوا من منازلهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجار، والبعض الآخر باع أثاث منزله لتوفير احتياجات أسرته الأساسية". ويؤكد أنّ الأوضاع المتردية للمعلمين والتربويين وعدم توفر أبسط مقومات الحياة لهم ولأسرهم جعلتهم ينزحون إلى المحافظات المحررة.
يؤكد مصدر في وزارة التربية والتعليم أنّ نحو 15 ألف معلم وتربوي نزحوا من المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات المحررة بعد توقف رواتبهم منذ أكثر من عام ونصف. ويشير إلى أنّه يتوقع أنّ آلافاً آخرين بصدد مغادرة محافظاتهم بحثاً عن مناطق أخرى يستطيعون العيش فيها. وبحسب المصدر، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، فإنّ القطاع الخاص يساهم "في تسليم مبالغ مالية للسلطة في صنعاء كمساعدة للمعلمين، إلّا أنّ الاحتياج كبير". يضيف: "بعض المنظمات تقدم خدمات للمعلمين، مثل التدريب والحوافز وغيرها، كما أنّ برنامج الأغذية العالمي ينوي إدخال فئة المعلمين ضمن الفئات المستهدفة بالسلال الغذائية". يقول المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ المعلمين في اليمن "يعانون من ظروف معيشية ونفسية صعبة جداً دفعت كثيرين منهم إلى النزوح وامتهان وظائف وأعمال أخرى مثل البناء والبيع والزراعة وترك مهنة التدريس".
يبلغ عدد المعلمين في المدارس الحكومية، بحسب تقرير حديث صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، 242.434 معلماً ومعلمة، 58 في المائة منهم لم يتسلموا رواتبهم منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016، لكنّهم حصلوا طوال أربعة أشهر على نصف راتب أو قسائم غذائية. يضيف التقرير أنّ 28 في المائة من إجمالي عدد المعلمين يتسلمون رواتبهم بشكل منتظم وهم الموجودون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، فيما 14 في المائة يتسلمونها جزئياً وبتقطع وهم معلمو محافظتي تعز والجوف اللتين تتقاسم السيطرة عليهما الحكومة الشرعية والحوثيون.