مات ستيفن هوكينغ فانشغل بعض العرب بأنه كان ملحداً، وزاد بعضهم أنه سيدخل النار مع الكفار، متجاهلين ما في قصة حياته الطويلة القاسية من عبر وعظات تبرهن على قدرة الإنسان على تحدي المستحيل وتطويع المصاعب، وما قدمه للبشرية من نظريات علمية.
البعض يناقش أو ينتقد نظرياته وأبحاثه وآراءه، والبعض يرفضها أو يعتبرها بلا قيمة، وهذا حق للجميع، فنظريات العلم ليست مقدسة، والعلماء مهمتهم التوصل إلى أدلة على النظريات القديمة، أو تصحيحها، أو إثبات أنها غير صحيحة.
لاحقاً عرفنا أن المهندسة التي قادت فريق بحث لتنفيذ برنامج يجعل هوكينغ قادراً على التواصل مع الآخرين عن طريق الكلام، فلسطينيّة، ولما شاهد بعض المهووسين بالتحريم ومنح صكوك الإيمان صورتها مع العالم الراحل، هالهم كيف أنها لا ترتدي الحجاب، ووصل بعضهم إلى حد استنكار أنها اختلت بالرجل بينما الخلوة محرمة، فنالها نصيب من التكفير ومن تحريم دخول الجنة واعتبارها من أهل النار.
لا يمكن على وجه التحديد معرفة الجهة التي منحت هؤلاء الأشخاص مفاتيح الجنة والنار، أو حق تصنيف من سيرفل في النعيم ومن سيصفد في الجحيم، ولا يمكن، دون دراسة سلوكية ونفسية معمقة، فهم منطق هؤلاء الذين يكررون نصوصاً دينية تحدد مواصفات الإيمان الواجب توافرها في الأشخاص، ووفقها يتهمون من لا تتوافر فيه بالكفر، خصوصاً أن بعضهم لا يفهم أغلب تلك النصوص على الوجه الصحيح، كما أن بعض النصوص غير دقيق، أو محرف، أو مدسوس.
نفس هؤلاء الأشخاص، كمثال، يدعمون الأنظمة الفاسدة والحكام المستبدين اعتماداً على نصوص دينية مجتزأة تجعل الخروج على الأحكام من الكبائر، "وإن جلد ظهرك، وإن سلب مالك"، وأغلبهم لا يعرفون أن نص الحديث يبدأ بـ"يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس".
هؤلاء أنفسهم يتجاهلون نصوصاً أخرى صريحة حول فضل "كلمة حق عند سلطان ظالم"، وتعيب على المؤمنين السكوت على الظلم وتعتبر من يفعل ذلك منهم "شيطانا أخرس".
لا سبب واضحاً حتى الآن، غير الغباء أو ربما التغابي، للتركيز على إيمان العالم بدلاً من علمه، أو على شخصيته بدلاً من مهارته.
لماذا لا يفكر هؤلاء الذين يزعمون أنهم يحتكرون الإيمان، ولو قليلاً، في أسباب تخلفهم عن التطور القائم حول العالم؟ ألا يعرفون النصوص الدينية التي تستنكر التخلف العلمي؟ أم يتعامون عن النصوص التي تدعو لإتقان العمل والاجتهاد لتحسين أوضاعهم ومنح أبنائهم وأحفادهم مستقبلاً أفضل؟
إنهم منشغلون فقط بمنح صكوك الجنة والنار.