أثارت تشكيلة مجلس الوزراء الجديدة التي اختارها ممثل أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، رئيس الحكومة، الشيخ جابر المبارك الصباح، العديد من ردود الفعل المؤيدة أو الغاضبة أو المستغربة، كما شهدت التشكيلة بقاء ثمانية وزراء من الحكومة السابقة، في حين تم استبدال سبعة وزراء بوجوه جديدة.
وكان من أبرز المفاجآت في التشكيلة الوزارية الجديدة، نقل الشيخ محمد الخالد الصباح، من وزارة الداخلية إلى وزارة الدفاع التي تعتبر وزارة هامشية في السياسة الكويتية الداخلية، وإعطاء حقيبة الداخلية لوزير الدفاع السابق، خالد الجراح الصباح. وتتهم المعارضة وزير الداخلية السابق بأنه مهندس قرارات سحب الجنسيات من المعارضين السياسيين وراعي قانون البصمة الوراثية الذي واجه انتقادات دولية واسعة. وكان أمير الكويت قرر وقف تنفيذ القانون وتجميده، ليعلن بعد ذلك الخالد الصباح أنه سيعمل لخدمة الوطن في أي مكان يراد له أن يعمل فيه.
وسيستمر الوزير، محمد العبدالله الصباح، في منصبه بوزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وسيبقى سلمان الحمود الصباح كوزير للإعلام ووزير للشباب. ويقول المراقبون السياسيون إن استمرار هذين الوزيرين جاء بسبب انتمائهما إلى الأسرة الحاكمة فقط. وتعد كل هذه الحقائب شبه هامشية وذات تأثير محدود في العمل السياسي. وقررت الحكومة الإبقاء على وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية، هند الصبيح، باعتبارها الوزيرة الوحيدة في هذه التشكيلة الوزارية. كما تقرر استمرار وزير الإسكان الشاب، رجل الأعمال، ياسر أبل، الذي تعهد بحل المشكلة الإسكانية خلال خمس سنوات مقبلة. وتقرر أيضاً تفكيك وزارة المواصلات وتحويل جزء منها لوزارات أخرى وتسمية جزء منها باسم وزارة الخدمات، والتي أوكلت أيضاً للوزير ياسر أبل كحقيبة ثانية له.
لكن فتيل الأزمة قد يدور حول شخص واحد فقط هو وزير العدل الجديد، فالح العزب، الذي عرف بتوجهاته المؤيدة للحكومة ولرئيس البرلمان السابق، مرزوق الغانم، وبسعيه وتشجيعه لملاحقة المعارضة ونفي بعض أقطابها وسجن بعضهم الآخر.
وقال نائب مجلس الأمة، وليد الطبطبائي، لـ"العربي الجديد" إن "توزير العزب هو دلالة واضحة على أن الحكومة لا تريد التخلي عن منهجها في العناد وفي وضع بعض الأشخاص السيئين في الأماكن المهمة في البلاد". وأضاف: "نحن كنواب في هذا البرلمان لدينا كامل الحق في أن نستخدم أدواتنا الدستورية لمحاسبته ومحاسبة غيره ممن يتجاوز على الشعب الكويتي ويحاول إيذاء جزء منه سواء بالقول أو الفعل أو التحريض"، وفق تعبيره.
وأسندت حقيبة وزارة الأشغال لعبدالرحمن عبدالكريم المطوع، كما أسندت حقيبة وزارة النفط ووزارة الكهرباء والماء لعصام المرزوق. وتنتظر وزير النفط والكهرباء والماء عدة تحديات كبرى أبرزها ملف الاتفاق على خفض الإنتاج في منظمة "أوبك" ومشكلة الحقول النفطية المشتركة مع السعودية والتي توقف الإنتاج فيها بسبب خلافات لوجستية. كما تنتظره مشكلة تطبيق قانون رفع أسعار الكهرباء والماء، والتي وافق عليها مجلس الأمة السابق الذي كان موالياً للحكومة. ويهدد المعارضون الفائزون في الانتخابات الأخيرة بمراجعة كل قانون وافق عليه المجلس السابق للنظر في مدى إمكانية تطبيقه أو إلغاء أو تعديله.
وحصل الدكتور محمد الفارس على حقيبة وزارة التربية والتعليم العالي، فيما حصل نائب البرلمان، محمد ناصر الجبري، على حقيبتي وزارة الأوقاف ووزارة البلدية. ولا يوجد قانون يقضي بلزوم تعيين وزير من المجلس المنتخب في الحكومة، لكن العرف البرلماني يقتضي ذلك ويسمى في العرف باسم الوزير "المحلل". ويعتبر الجبري الذي عيّن على أكبر وزارة مختصة بالشؤون الدينية في البلاد، رجلاً مقرباً من التيار السلفي والإسلامي بشكل عام. وحاز تعيينه على موافقة السلفيين الموالين للحكومة والإسلاميين المعارضين لها إذ طالما عرف الجبري بأنه رجل الأمور الوسطية في البلاد ونائب الخدمات الصامت.
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة، الشيخ جابر المبارك الصباح، حاول نزع فتيل الأزمات التي كان من الممكن أن يسببها إصرار وزير الداخلية السابق على ملف سحب الجنسيات وقانون البصمة الوراثية، توعد أعضاء البرلمان وزير الداخلية السابق ووزير الدفاع الحالي محمد الخالد الصباح بالمساءلة القانونية عن أفعاله في الفترات السابقة. وقال النائب، مبارك هيف الحجرف، إن "هروب محمد الخالد الصباح من وزارة الداخلية يعني أنه هرب من المواجهة لكن هذا لن يثنينا عن متابعة موضوع الجنسيات المسحوبة". وأضاف: "نتمنى ألا ينقل محمد الخالد فساد الداخلية إلى وزارة الدفاع كما أن تغيير الوزير لا يعني أننا لن نراقب كافة التجاوزات الحاصلة في هذه الوزارة"، وفق تأكيده.
ويقول المراقبون السياسيون إن إجراء نقل الخالد لوزارة الدفاع هو إجراء مؤقت تمهيداً لقرار عزله من الحياة السياسية في الكويت تماماً، بعدما ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمات السياسية عبر قراراته التي لاقت معارضة شديدة من جميع الأطراف الحكومية والمعارضة.