ومنح البرلمان العراقي، في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الثقة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي مع 14 وزيرا آخرين، إلا أن خلافات حادة تسببت برفض منح 8 وزراء الثقة، وبقيت شاغرة حتى الآن، وهي وزارات الدفاع والداخلية والعدل والتخطيط والهجرة والتربية والتعليم العالي والثقافة.
وفشل رئيس الوزراء في تمرير باقي وزرائه داخل البرلمان، بسبب الخلافات الحادّة داخل القوى الشيعية في البلاد.
والجمعة، قال مسؤول رفيع في الحكومة العراقية لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات توقفت فعليا مساء الخميس، ولم تعد هناك أي جهود سياسية داخل بغداد، باستثناء ما يقوم به قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، وهي ضغوط أكثر منها جهودا لتقريب وجهات نظر الفرقاء، مؤكدا أن "سليماني لم يعد الشخص المطلق في بغداد بسبب معارضة مقتدى الصدر وشخصيات مثل إياد علاوي وحيدر العبادي وأسامة النجيفي، ورفضهم للضغوط التي يمارسها الجنرال الإيراني لتسمية فالح الفياض وزيرا للداخلية، وهو ما يمكن اعتباره حدثا غير مألوف في العراق منذ الغزو الأميركي للبلاد".
وأضاف أن "الآمال الآن تتجه نحو النجف لحل الموضوع بطريقة تسوية تقضي بسحب ترشيح الفياض وتسمية آخر بدلا عنه من داخل كتلته البرلمانية، حيث تم إرسال عدة طلبات لمكتب المرجع علي السيستاني بالتدخل، وهناك بوادر لذلك في الأيام المقبلة"، لافتا إلى أن "النجف قد يمنح دعما لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، يدفعه لاختيار مرشح لوزارة الداخلية تحديدا من قبله، بعيدا عن المعسكرين السياسيين الشيعيين".
وكان علي السنيد، القيادي في تحالف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، قد كشف الأربعاء الماضي، أن قائد فيلق القدس وصل إلى بغداد "من أجل الضغط على القوى السياسية لتمرير القائد السابق لمليشيا الحشد الشعبي، فالح الفياض، لمنصب وزير الداخلية"، معتبرا أن ما يريده سليماني "لا يمكن أن يتحقق"، بسبب ما سماها "قوة الإرادة العراقية"، مؤكدا أن تحالفه "يرفض أي تدخلات خارجية من أي دولة كانت".
في المقابل، قال عضو في تحالف الإصلاح البرلماني إن "الحوار لا يمكن أن ينجح ما لم يقم تحالف البناء باستبدال مرشحيه الذين توجد عليهم اعتراضات"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن إصرار "البناء" على الفياض مرشحا لوزارة الداخلية "يزيد الأمور تعقيدا".
وذكر أن تحالفه على استعداد للتفاوض، في حال تم استبدال بعض الأسماء التي جاء بها رئيس البرلمان سابقا إلى البرلمان، مبينا أن "الأوضاع الآن متأزمة بعدما عادت أجواء ما قبل الاتفاق على ترشيح عبد المهدي لرئاسة الوزراء".
وأضاف أن "الأزمة الأخيرة تسببت بوحدة تحالف الإصلاح، بعدما عانى من حالة التفكك خلال الفترة الماضية"، مستبعدا أن يتم الاتفاق على إكمال تشكيلة حكومة عبد المهدي ما لم يتم إجراء تغيير جذري بالنسبة للمرشحين.
في المقابل، جدد برلمانيون بتحالف البناء تمسكهم بفالح الفياض، مرشحا وحيدا لتولي منصب وزير الداخلية.
وقال عضو البرلمان العراقي عن "البناء" حيدر الفوادي، إن تحالفه لن يقبل بسحب ترشيح الفياض، موضحا خلال تصريح صحافي، أن "المرشح لوزارة الداخلية لن ينسحب، والكلمة الفصل في ذلك هي لرئيس الوزراء والنواب، وفقا للسياقات الدستورية والقانونية".
ويأتي ذلك في ظل تصاعد الانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء، واتهامه بـ"الضعف والانقياد" للكتل السياسية وإراداتها في ملف تسمية الوزراء، وابتعاده عن وعود حكومة الاختصاص، ورفض المحاصصة، حيث تبدو تشكيلته الوزارية حتى الآن عبارة عن أعضاء أحزاب أو أقرباء زعامات سياسية في البلاد.