يُجري مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية، بيار موسكوفيسي، محادثات مع رئيس الوزراء اليوناني، ألكسيس تسيبراس، في العاصمة أثينا، اليوم الأربعاء، في مسعى لاستئناف المفاوضات بين اليونان ودائنيها.
وأدى فشل أشهر من المحادثات بين أثينا ودائنيها من منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، إلى إثارة قلق الأسواق ومخاوف من أزمة ديون جديدة تهدد مكانة أثينا في منطقة اليورو، وتدفعها نحو إعلان إفلاسها.
ومن المقرر أن يلتقي موسكوفيسي أيضا، وهو وزير مالية فرنسي سابق، خلال زيارته، بوزير المالية اليوناني، يوكليد تساكالوتوس.
وتأتي الزيارة بعد فشل محادثات، الجمعة الماضية، بين أثينا ودائنيها، في إنهاء الجمود، رغم أن رئيس المجموعة الأوروبية، يورين ديسلبلويم، قال إنه تم إحراز تقدّم كبير.
وقال موسكوفيسي، والذي يعتبر من حلفاء الحكومة اليونانية، في تصريحات يوم الإثنين الماضي، إن على جميع الأطراف تجنب زعزعة استقرار غير ضرورية، واصفا اليونان بأنها "قصة نجاح" محتملة.
وأضاف "لا يمكننا خلق أزمة بهذه البساطة لانتعاش اليونان، وسط حالة عدم استقرار عالمية".
وأكد موسكوفيسي، الاثنين، نظرة الاتحاد الأوروبي الايجابية للاقتصاد اليوناني، وتوقع أن يسجل نمواً جيداً يصل إلى 2.7% هذا العام.
تشدد ألماني
وحذّر تسيبراس، يوم السبت الماضي، صندوق النقد الدولي ووزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله من "اللعب بالنار"، من خلال عرقلة المفاوضات بين بلاده ودائنيها.
واشترط من أجل عودة ممثلي الجهات الدائنة إلى أثينا حصول تغيير في سياسة صندوق النقد الدولي.
وقال في هذا الصدد "نتوقع أن يراجع صندوق النقد الدولي، بأسرع ما يمكن، توقعاته (...) من أجل أن تتواصل المحادثات على الصعيد الفني".
كذلك دعا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى "حث وزير ماليتها على وقف عدائه المتواصل" لليونان.
وقال إن "صندوق النقد الدولي يواصل لعبة بوكر، من خلال المماطلة، لأنه لا يريد إلقاء اللوم على تصلب الوزير الألماني (...) ويلوّح باستمرار بطلبات جديدة عبثية، لإلقاء المسؤولية على عاتق اليونان.
كان شويبله قد هدد مجددا، كما فعل في أوج أزمة الديون اليونانية في 2015، بخروج البلاد من منطقة اليورو، في حال لم تطبق إصلاحات إضافية على اقتصادها.
ويرفض شويبله بشكل قاطع الخيارات التي يطرحها صندوق النقد، ومنها شطب مبالغ كبيرة من الديون اليونانية وصولا إلى سحب برنامج القروض لهذا البلد، فيما تواجه بلاده استحقاقا انتخابيا في نهاية 2017، وقال شويبله "على اليونان الخروج من الاتحاد الأوروبي لتحقيق ذلك".
وأبدى تسيبراس، في المقابل، ثقته في التوصل إلى تسوية، مشيرا في هذا الصدد إلى تراجع الطروحات الليبرالية المتطرفة في أوروبا، ولا سيما في ألمانيا، وضرورة أن يرص الاتحاد الأوروبي الصفوف في وجه النزعات المشككة في أوروبا.
وقال إن "مراجعة" البرنامج اليوناني التي ستفضي إلى منح البلاد قروضا جديدة "ستتم وبطريقة إيجابية"، لكنه لم يحدد طريقا للتسوية، في وقت تشير وسائل الإعلام إلى أن غالبيته التي لا تتقدم سوى بثلاثة أصوات في البرلمان، مقسومة ما بين مؤيدين لتقديم تنازلات جديدة للدائنين ودعاة الحزم في المفاوضات.
تشاؤم دولي
وتقع اليونان، منذ أسابيع، رهينة خلاف حاد بين صندوق النقد الدولي ومنطقة اليورو حول قيمة المبالغ التي ينبغي شطبها من الديون اليونانية والجهود التي يفترض مطالبة أثينا ببذلها.
ورأى صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، في تقريره السنوي حول وضع الاقتصاد اليوناني، أن ديون هذا البلد "لا تحتمل"، مبديا تشاؤمه على ضوء الأخطاء والثغرات المتراكمة منذ بدء الأزمة اليونانية عام 2010.
كما شكك في إمكانية تحقيق الهدف الذي يطالب به الأوروبيون، والقاضي بتحقيق فائض أولي (بدون خدمة الدين) يبلغ 3.5% من إجمالي الناتج الداخلي اليوناني، اعتبارا من 2018 وللسنوات العشر التالية.
وفي حال عدم التوصل إلى مثل هذه التسوية، يطالب صندوق النقد الدولي بأن تقر أثينا مسبقا زيادات ضريبية وتخفيضات في معاشات التقاعد، غير أن اليونان ترفض مثل هذه الإجراءات، إلا أن بعض وسائل الإعلام اليونانية لم تستبعد أن يكون تسيبراس على استعداد للتوصل إلى تسوية، لقاء ضمانات إدراج بلاده في برنامج إعادة شراء الديون الذي يطبقه البنك المركزي الأوروبي.
ويتعين على الحكومة اليونانية تسديد ديون تبلغ سبعة مليارات يورو (7.44 مليارات دولار) هذا الصيف، إلا أنها لا تستطيع ذلك إذا لم تكتمل المراجعة الحالية لصفقة المساعدات التي منحت لها، والإفراج عن قروض جديدة من مجموع صفقة المساعدات البالغة 86 مليار يورو.
ويتمحور الخلاف حول ما إذا كانت اليونان ستفي بأهداف الميزانية التي يقول صندوق النقد الدولي إنها تستند إلى توقعات اقتصادية مبالغة في التفاؤل.
كما دعا الصندوق إلى إعفاء اليونان من جزء كبير من دَيْنها، وهو ما ترفضه ألمانيا، ويعقّد الأمور بشكل أكبر.
ويعتبر الاجتماع المقبل لوزراء منطقة اليورو، في 20 شباط/فبراير، مهلة نهائية غير رسمية لحل جميع القضايا.
ويخشى من أن تؤدي سلسلة من الانتخابات الحاسمة في أوروبا تبدأ في هولندا في 15 آذار/مارس، إلى التأخر في اتخاذ قرار بشكل خطير.
تهدئة فرنسية
وسعى رئيس الوزراء الفرنسي، برنار كازنوف، أمس الثلاثاء، إلى التقليل من شأن تصريحات شويبله، وذلك في تصريحات أعقبت لقاءه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في العاصمة الألمانية برلين، حيث قال "المهم هو أن نتخذ في نهاية المطاف موقفا مشتركا" بين باريس وبرلين "يكون فعالا ومتوازنا كما فعلنا حتى الآن".
وأضاف "المهم بالنسبة لنا هو أن تسعى فرنسا وألمانيا معا إلى الحفاظ على سلامة منطقة اليورو. هذا هو الهدف المنشود رغم النقاشات في فرنسا وألمانيا".
وتابع: "ندعم اليونان. أكدت ذلك للمستشارة، وشعرت بأنها تريد فعليا التوصل إلى نتيجة، مع احترام كل طرف لمسؤولياته".
وأضاف "علينا أن نواصل العمل الذي بدأناه وسمح لنا بإبقاء اليونان في منطقة اليورو، إنه أمر ضروري".
وقال إن "هذا يجب أن يرفق بحوار ومراقبة، للتأكد من أن كل طرف يحترم التزاماته"، مشيرا إلى الإصلاحات التي يجب على اليونان تطبيقها مقابل الحصول على مساعدة مالية دولية.
(فرانس برس، العربي الجديد)