مقاهي العرب فى نواكشوط.. فضاء التواصل الاجتماعي

26 سبتمبر 2016
انتقلت إلى فضاء للتواصل والنقاش (العربي الجديد)
+ الخط -
"الزيتونة" "تونس" "ليالي الحلمية"، أسماء مقاهٍ في وسط نواكشوط، يملكها مواطنون من تونس والمغرب وبلاد الشام، وتشكل فضاءً مفتوحاً للتواصل بين الجاليات العربية في موريتانيا وملاذاً مفضّلاً للشباب الموريتاني للسهر والترفيه والنقاش.

صوت وديع الصافي يداعب نسيم الأطلسي وتصدح أرجاء المكان بمواويله، فيما يرتشف محمد جحي، فنجان قهوته قبل أن يعود لتصفح هاتفه الجوال في انتظار الأصدقاء لبدء سهرتهم المسائية في مقهى "ليالي الحلمية".

حجي، مهاجر لبناني يقيم في موريتانيا، منذ سنوات، قال لـ"العربي الجديد" إنّ" المقاهي في نواكشوط كانت مختصة بالجاليات العربية، الموريتانيون لا يحبون الجلوس في المقاهي باستثناء الشباب الذين درسوا في الخارج، ولدي أصدقاء من البلد يرفضون أن نلتقي في المقهى لأسباب تتعلق بنظرة مجتمعهم إلى هذه الفضاءات ويفضلون الزيارات في البيوت".

أما التونسي محمد سليماني، فهو موظف في إحدى شركات الاتصال في موريتانيا، ويقصد خلال المساء قهوة تونس للقاء أصدقائه الموريتانيين، وغيرهم من الجاليات العربية للدردشة وقضاء وقت الفراغ.

يقول سليماني لـ"العربي الجديد": "أنا معجب بالجوّ المفتوح هنا في موريتانيا، نحن نتحدث في كل شيء، ولا يضايقنا أحد، نناقش الأوضاع التي تمرّ بها الدول العربية، ونتكلم في الرياضة والموضة، وندخن الشيشة ونسمع الموسيقى ونشرب القهوة والشاي".

التعرف على عادات وتقاليد البلدان العربية، أهم ما استفاده سليماني من جلساته في المقهى. "تعرفت على الموريتانيين وعلى الشاي الموريتاني بكؤوسه الثلاث وطريقة تحضيره، وتعرفت على الشاي المغربي، وهو مختلف قليلاً عن الشاي في تونس وقريب من الشاي الموريتاني، وأكلت الكسكس المغربي في أحد المطاعم التي يملكها صديق مغربي في نواكشوط".


وكان مستثمرون وتجار من دول عربية أول من افتتحوا مقاهي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، قبل أن يلتحق بهم آخرون من جنسيات مختلفة. التونسي رؤوف، مالك "قهوة تونس" قدم إلى موريتانيا منذ 2006، ونسج شبكة علاقات واسعة ساهمت في تطور وشهرة مقهاه، ومثله تجار لبنانيون وعرب يمتلكون أغلب المقاهي والمطاعم، وبعضهم يعمل في موريتانيا منذ عقود.

قبل سنوات، كان غالبية رواد مقاهي نواكشوط من الجاليات العربية المقيمة في موريتانيا، ومع بداية أحداث الربيع العربي 2011، شهدت المقاهي حضوراً كبيراً من الشباب الموريتاني، وتشكلت أول حركة شبابية ثورية من خلال جلسات المقاهي، وهي حركة 25 فبراير، وأطلقت عدة ملتقيات ومبادرات سياسية ومجتمعية خلال هذه الجلسات، ومن أبرزها "ملتقى 21 أغسطس" ومبادرة "اقرأ معي".

ويصف بعض الرواد مقاهي نواكشوط بأنها "فضاء اجتماعي"، لأن خدمة الإنترنت المجانية أغرت الشباب والمدونين بالجلوس فيها حتى وقت متأخر من الليل، للسمر وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد ولد الحسن، مدون وناشط موريتاني، يعتبر أن الثورات العربية حفّزت الشباب الموريتاني على التفاعل مع الأحداث في الدول العربية وتقليدها، فأصبح الإنترنت والجلوس في المقهى من "شروط الفتوة" الجديدة- إن صح التعبير- فـ"الفتى" في الثقافة الاجتماعية الموريتانية يرمز إلى الشاب الأديب (شاعر بالشعبي أو الفصيح) والخبير بالموسيقى الشعبية، لكن حالياً الجلوس في المقهى وتصفح مواقف التواصل الاجتماعي هو شرط الفتوة الجديد".

ويفسّر ولد الحسن، ذلك لـ"العربي الجديد"، بـ"التغييرات التي شهدها المجتمع الموريتاني خلال العقد الماضي، وثورة الاتصالات الحديثة، والتفاعل مع الجاليات العربية التي نقلت تجربة المقاهي إلى موريتانيا، فالمجتمع الموريتاني لم تكن هذه المقاهي جزء من ثقافته ولم يكن بحاجة إليها لأنه مجتمع مفتوح، وبالتالي كانت اللقاءات تتم في البيوت والصالونات وبشكل عفوي، أما اليوم فالأمر تغير ولم تعد المنازل المكان الأفضل للقاء الأصدقاء لأن ذلك يضيف أعباء اقتصادية أكبر".

أصبحت المقاهي جزءاً من ثقافة الموريتاني (العربي الجديد)