يحتلّ عدد كبير من المقاهي الشوارع الرئيسية في مختلف المحافظات المصرية، خصوصاً العاصمة القاهرة، خلال شهر رمضان. ويضع أصحابها الكراسي والطاولات على الأرصفة والطرقات، ما يؤثّر على سير الحافلات وحتى المارة. وغالباً ما يعاني المواطنون الذين يقطنون على مقربة من شوارع منطقة الحسين والأزهر وبورسعيد بسبب ازدحام السيارات، إذ يعجز أصحابها عن المرور بسبب هذه المقاهي. ويتوقّع أن يزداد الأمر سوءاً قبل أيام من حلول عيد الفطر.
احتجاجاً على مقاهي الشارع، تقدّم عددٌ من الأهالي بشكاوى إلى المسؤولين في المحافظات، علّهم يجدون حلولاً لتعطّل حركة المرور والدخان الصادر عن الشيشة، عدا عن الضجيج الذي يُحدثه الساهرون في تلك المقاهي، علماً أن روادها يبقون فيها حتى ساعات الفجر. ولم تتحرّك الأجهزة المعنية في محافظتي القاهرة والجيزة، الأكثر تلقياً للشكاوى من الأهالي، حتى في ظل حديث السكان عن انتشار البلطجة والفوضى في محيط تلك المقاهي.
ويؤكّد عدد من الأهالي أن تلك المقاهي باتت مصدراً لـ"البلطجة"، ما دفع آباء إلى منع أولادهم من النزول إلى الشارع لشراء احتياجاتهم خوفاً عليهم. ويُحكى أن البعض يستغلّ هذه المقاهي لخطف الأطفال من الشارع في مقابل طلب فدية، بالتعاون مع أشخاص آخرين، علماً أن أولئك الذين يتردّدون على المقاهي يعرفون جيداً العائلات التي تسكن في المناطق المحيطة بالأسماء، ما يسهّل عمليات الخطف وغيرها. ويشير عدد من الأهالي لـ"العربى الجديد"، إلى أن "أصحاب تلك المقاهي يحتمون بالبلطجية، ويستعينون بهم لاحتلال الشارع للتخلص من غضب الأهالي". وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من هؤلاء البلطجية يفرضون إتاوات على المقاهي والمحال المجاورة.
كذلك، يشير الأهالي إلى أن الكثير من هؤلاء البلطجية شكّلوا بمثابة "قوة" في هذه المقاهي، حتى أن عناصر الشرطة لا تستطيع التعامل معهم. أحياناً، في هذه المقاهي، تتم صفقات بيع المخدرات وغيرها، وبعلم الجميع، في ظل غياب الأمن.
في هذا السياق، يقول محمد السعدي، من منطقة الجمالية في القاهرة، إنه خلال أوقات الذروة، تتعطل حركة المرور في حي الحسين وحي الأزهر، علماً أن هذا الازدحام يستمر إلى ما بعد صلاة الفجر بسبب احتلال المقاهي للشوارع. ويؤكد أن "معظم الأهالي قدّموا شكاوى إلى القائم بأعمال محافظ القاهرة، إلا أنّنا نحصل على وعود وهمية بحل المشكلة من دون أن يتحقّق أي شيء". ويشير إلى أن المنطقة تحولت إلى "وكر للبلطجية الذين يمارسون العنف ويفرضون الإتاوات، ولا يكاد يمر يوم من دون شجار بين الأهالي وأصحاب المقاهي. أما صاحب المقهى، فيحتمي بشلّته من البلطجية".
من جهته، يقول شاكر محمد، الذي يملك محلاً تجارياً في حي السيدة زينب في القاهرة، إن عدداً من البلطجية والعاطلين من العمل أصبحوا يلجأون إلى هذه المقاهي التي تحتل جزءاً كبيراً من الشارع والرصيف الخاص بالمارة. يضعون الطاولات والكراسي والشيشة، ويبقون حتى ساعات الفجر، من دون أي اعتبار للأهالي الذين يرغبون في النوم، أو حتى الأطفال. وكان لافتاً طلب عدد من ضباط الشرطة من الأهالي عدم الاقتراب من المقاهي بسبب البلطجية.
من جهته، يقول علي محمد، الذي يقطن في منطقة فيصل في الجيزة، إن المشكلة تكمن في دخان الشيشة، علماً أن المقاهي موجودة أسفل المباني. ويشير إلى أن الكثير من الناس عمدوا إلى تحويل الطوابق الأرضية إلى محال تجارية، موضحاً أن احتلال تلك المقاهي لشارع فيصل أدى إلى ازدحام مروري غير مسبوق، فضلاً عن كثرة الضجيج والكلام البذيء.
في ظل واقعٍ كهذا، لا يبدو أن الأجهزة الأمنية تنوي أن تفعل شيئاً وما على الأهالي إلا التأقلم مع هذا الواقع الجديد.
علاقة خفية
يخشى مصريّون "العلاقة الخفية" بين أجهزة الأمن وأصحاب المقاهي الموجودة في شوارع القاهرة، خصوصاً أن معظم المقاهي يسيطر عليها "بلطجية"، من دون أن يكون هناك تواجد لقوات الأمن في الشوارع. واقعٌ يطرح علامات استفهام في ظلّ الازدحام الشديد الذي تشهده المدينة، ويشير إلى عدم حل الأزمة في وقت قريب.