لم يكن كلامه غامضاً، أو حمال أوجه كما هي عادة اللغة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، فقد أشار وبشكل واضح إلى محاولات العديد من الدول تقويض "الحظر القانوني المطلق للتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبات القاسية أوالمهينة عن طريق التهرب، أو الحد من المسؤولية عن الأفعال المتجاوزة للحدود الإقليمية لبلد ما، أو الآثار الناجمة عن عملائها".
وضمن المقرر الخاص للأمم المتحدة، في حديثه عن الممارسات، تلك التي تتجاوز الحدود الإقليمية، وتلك التي تحدث خلال عمليات عسكرية عبر الحدود، أو احتلال الأراضي الأجنبية، وعمليات مكافحة الهجرة، وحفظ السلام وغيرها.
ويؤكد في هذا الصدد أن معايير حقوق الإنسان "وضعت بداية لتنظيم سلوك الدولة تجاه الأشخاص داخل أقاليمها وتجاه أي شخص يخضع لولايتها القضائية، وهو مفهوم يغطي بشكل لا لبس فيه بعض الأفعال، والحالات التي تتجاوز الحدود الإقليمية".
ويشير خوان منديز، في توضيح حول مفهوم الولاية القضائية أنها "تُحمل مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان عندما تكون الضحية خاضعة للسيطرة الفعلية للدولة، أو عندما تتضرر تلك الضحية ممن يتصرفون باسم الدولة".
وعن الأسباب وراء التركيز في هذا التقرير على مسألة التعذيب خارج حدود الدول، قال منديز في مؤتمر صحافي عقده: "لقد قررنا كتابة التقرير، لأن عدد الدول الفاعلة خارج حدودها آخذ بالارتفاع في الفترة الأخيرة، وعلى سبيل المثال العمليات العسكرية، الاحتلال العسكري، ومحاولات منع الهجرة، وأحيانا فقط عن طريق التعامل مع أطراف ليست دول فاعلة في مناطق أخرى، ولهذا فمن المهم أن نؤكد أن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة محظور".
ويشير في هذا الصدد، إلى أن بعض الدول حاولت الالتفاف على القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأخذت تفسيرات ضيقة، وتحدثت عن أن هذه القوانين لا تنطبق على وكلائها الذين يعملون خارج حدودها.
اقرأ أيضا:جدل حول عودة التعذيب في تونس بعد وفاة موقوف
ولعل أشهر تلك الأمثلة معتقل غوانتنامو أو برنامج التسليم الاستثنائي، والاحتجاز السري الذي نفذته وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وتعاونت الدول في إطاره، وساعدت بعضها بعضاً مما يخالف المعايير الدولية المراعية لحقوق الإنسان عن طريق اختطاف الأفراد، ونقلهم واحتجازهم خارج نطاق القضاء وتعريضهم للتعذيب.
وفيما يخص الولايات المتحدة، والتقرير الصادر عن لجنة الكونغرس، قال: "لقد كانت هذه خطوة مهمة، وطالبت بأن يتم نشر جميع التقرير، ولكني خيرت أن أقول الحقيقة كواجب من واجبات الدولة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتعذيب فإن الدول ملزمة كذلك بمحاكمة المسؤولين، وهذا الجزء لم تقم الولايات المتحدة بتنفيذه".
وأشار إلى أنه يتفاوض مع الولايات المتحدة للسماح له بزيارة السجون تحت شروط يمكنه قبولها، وذكر مثالا على الدعوة التي قدمتها له الولايات المتحدة لزيارة معتقل غوانتناموعام 2012، ورفضه لها لأن الأخيرة اشترطت عليه ألا يتحرك داخل المعتقل كما يريد أو يتحدث مع أي من المعتقلين.
وتحدث عن السجون الأميركية العادية، والشروط المعيشية فيها إلا أن السلطات الأميركية لم تمنحه حتى الآن إمكانية زيارتها بشروط مقبولة له كما قال.
وقال ردا على سؤال للـ"العربي الجديد" حول التحقيق في قضايا تعذيب السجناء الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، "لقد طلبنا في الماضي واستفسرنا حول عمليات تعذيب للفلسطينيين في السجون، أو مراكز التوقيف الإسرائيلية عندما تم لفت انتباهنا، ونشرنا مواد حول أكثر من حالة في السنوات الأخيرة".
وأضاف أن المقرر الأممي لم يقدم طلبا رسميا إلى السلطات الإسرائيلية، للدخول والتحقيق في السجون الإسرائيلية حول التعذيب، معتبرا أنه لا يوجد سبب معين لعدم الطلب من السلطات الإسرائيلية حتى الآن الذهاب والتحقيق.
وأوضح أن هناك 193 دولة في العالم، وأكثر من 30 دولة طلب الدخول إليها وما زالوا ينتظرون أجوبة.
وفيما يتعلق بقضية المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا، اعتبر أن الأمر معقد، وفق نطاق صلاحياتهم وأن ما يقومون به هو التحقيق في القضايا التي تصل إليهم، أو تلفت انتباههم.
وأكدّ أن الدول المضيفة، أو تلك التي تقع على أراضيها مراكز توقيف كتلك التي في اليونان أو إيطاليا وغيرها، مسؤولة عن سلامتهم، وعليها التأكد أن حراستها لحدودها تأتي ضمن احترام حقوق الإنسان، واحترام كرامة المهاجرين، واللاجئين ومنع التعذيب.
اقرأ أيضا: "حريتهم حقهم" تدعو إلى دعم سجناء الرأي العرب