يعرض وزير المال البريطاني، فيليب هاموند، الأربعاء، ميزانية، يُتوقع أن تعكس، رغم اقتصاد نشط، تقشفاً كبيراً يهدف إلى تشكيل احتياطات، تحسبا لعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويغادر هاموند حاملا حقيبته الحمراء المعهودة التي تحتوي على خطابه، مقر رئاسة الحكومة متوجها إلى وستمنستر، حيث سيكشف، في وقت لاحق، أمام النواب، الخطوط العريضة لعائدات ونفقات الحكومة، فضلا عن توقعات اقتصادية.
وبعد "إعلان خريفي" شكّل تقريرا مرحليا لحسابات البلاد السنوية، في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، سيكون خطابه أول خطة مالية حقيقية لهذا المحافظ الذي عُين على رأس مالية المملكة في تموز/يوليو، في خضم العاصفة السياسية القصيرة التي عرفتها البلاد بعد الاستفتاء.
وتكشف الميزانية، قبل أيام من تفعيل المادة 50 الذي وعدت الحكومة البريطانية به بحلول نهاية آذار/مارس، الشروع في مفاوضات تستغرق سنتين بين لندن وبروكسل لترتيب الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويأتي ذلك في وقت تسجل بريطانيا، منذ الاستفتاء، وضعا اقتصاديا مواتيا، في ظل نشاط لم يشهد التباطؤ الذي تكهنت به السيناريوهات الكارثية التي انتشرت مع تنظيم الاستفتاء.
وبالتالي، فإن الأنظار لن تسلط على الميزانية نفسها بقدر ما ستسلط على توقعات النمو التي تستند إليها، بعد أن يصححها "مكتب المسؤولية عن الميزانية"، المعهد الرسمي شبه المستقل.
وكان المكتب أثار صدمة بين المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي، في تشرين الثاني/نوفمبر، حين خفض بشكل صارم توقعاته لنمو إجمالي الناتج الداخلي إلى 1.4% للعام 2017، في ضوء عدد من العواقب السلبية المتوقعة لعملية بريكست، مثل ركود القدرة الشرائية وغموض مضرّ لاستثمارات الشركات.
وقد يعمد المعهد هذه المرة إلى رفع هذه التوقعات، مستفيدا من متانة استهلاك الأسر، خلال الأشهر الأخيرة، بالرغم من الزيادة في التضخم.
وقامت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، كغيرها من الهيئات التي تُصدر توقعات اقتصادية، أمس الثلاثاء، برفع توقعاتها لنمو الاقتصاد البريطاني إلى 1.6% للعام 2017، بعدما كانت تقدّر النمو بـ1.2%.
وحذّر الوزير، في المقابلات العديدة التي أجريت معه والمقالات التي نشرها في الأيام الماضية، من أن البلاد تعيش طبقا لإمكاناتها، مضيفاً "يطالب البعض بقروض كثيفة لتمويل خطط إنفاق واسعة النطاق، هذه المقاربة ليست غير منطقية فحسب، بل هي تنطوي على مجازفة على المدى القريب، وغير منصفة للشبان الذين سيتحملون عواقبها".
وقال المحلل في شركة إي تي إكس كابيتال، نيل ويلسون، إن مهمة هاموند بسيطة، وهي أن يثبت أنه يمسك بدفّة القيادة بشكل حازم. غير أنه من المتوقع أن يقوم ببادرات، فقد يزيد، بشكل طفيف، الأموال المخصصة للهيئات الاجتماعية للعناية الطبية والتربية، ويعالج عواقب تعديلات للضريبة المهنية، ويخفض هامش ضريبة الدخل. لكنه سيبقى، بصورة إجمالية، متمسكا بهدفه القاضي بخفض العجز في الميزانية العامة إلى ما دون 2% من إجمالي الناتج الداخلي، بحلول نهاية الولاية الحكومية الحالية في 2020.
ورأى المحلل لدى كابيتال إيكونوميكس، جوناثان لوينس، أن هذه الميزانية قد تكون اعتيادية، موضحاً أن وزير المال قد يبقى وفيا لسمعته ويدخّر القسم الأكبر من الأموال التي نتجت عن قروض أقل من التوقعات، عوضا عن كشف خطط إنعاش اقتصادي كثيفة بواسطة إجراءات جديدة.