تصوير ــ حسين بيضون
تبدّلت الصورة في مكتب وزير الإعلام اللبناني، داخل مجمع الوزارات في منطقة الصنائع بالعاصمة بيروت. غاب اللون الأسود الباهت عن صالون الانتظار الذي تم تجديده بألوان زاهية، وحلت رائحة الطلاء الجديد في المكان.
يتزاحم الزوار على مكتب الوزير، ملحم رياشي، منذ الصباح وحتى ساعات بعد الظهر. إعلاميون محليون وأجانب، طلاب من كليات الإعلام وأساتذة المهنة، وخبراء قانونيون ونقابيون يعملون مع رياشي على الورشة التي أطلقها منذ توليه الوزارة قبل شهرين، وهو القادم من تجربة إعلامية حزبية تولى خلالها إدارة "جهاز الإعلام والتواصل" في حزب "القوات اللبنانية"، قبل اختياره وزيراً للإعلام. وساهم الدور السياسي في تصدره لقائمة الأسماء الوزارية التوافقية خلال تشكيل الحكومة، فحجز مقعده باكراً.
واجه رياشي، ولا يزال، جملة مشاكل يعاني منها قطاع الإعلام في لبنان، وليس آخرها اعتداء أنصار "حركة أمل" ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على مقر قناة "الجديد" في العاصمة بيروت، احتجاجاً على تناول شخصية مؤسس الحركة، الإمام موسى الصدر.
يؤكّد رياشي، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أنّ "ملف الاعتداء أصبح بيد القضاء، ووزير العدل سليم جريصاتي يتابعه شخصيا".
ورشة قوانين
ينطلق رياشي في حديثه من ضرورة تكريس حرية التعبير في لبنان وتحديث القوانين والقطاع نفسه، ليس من خلال التصريحات فقط، وإنما من خلال مجموعة مراسيم وقوانين ترعى العمل الإعلامي وتنظمه، وضرورة مشاركة أساتذة المواد الإعلامية في الجامعات في ورشة القوانين هذه. "طلاب الإعلام هم الركن الأساسي في توجهات الوزارة حالياً"، يقول الوزير، والذي يشير إلى "فتح مكاتب الإذاعة والتلفزيون الرسميين لكل الطلاب للتدرّج والتدرب، كما أننا ندرب فريقاً طلابياً في الوكالة الوطنية للإعلام". ويشارك الأستاذة الجامعيون تحديداً في صياغة "قانون للآداب الإعلامية"، يحلّ محل ميثاق الشرف الذي وافقت عليه معظم وسائل الإعلام اللبنانية المرئية والمسموعة والمطبوعة دون أن يجد تطبيقاً فعلياً. ويقول رياشي إن "إقرار هذا القانون ليس بدعة أو اختراعاً، إنما هو قانون لآداب مهنة لا يختلف عن قانون آداب مهنة الطب مثلاً".
تتفرع ورشة رياشي لتطاول كافة أشكال وسائل الإعلام اللبنانية التي ناهز عددها 50 وسيلة بين تلفزيون وموقع وصحيفة وإذاعة. ويشكل تحويل الدولة إلى رب عمل للمحررين والمراسلين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ولكل العاملين في وسائل الإعلام المطبوعة، أحد أبرز خطط وزارة الإعلام لتخفيف العبء عن كاهل مالكي هذه المؤسسات "من خلال تولي الدولة دفع بدلات الضمان الاجتماعي عن الموظفين".
اقــرأ أيضاً
مع معاناة الصحافة الورقية من أزمات حادة، يواصل وزير الإعلام اللبناني الجديد العمل على
مشروع مرسوم وضعه الوزير السابق رمزي جريج لـ"دعم كل عدد ورقي مُباع من الصحف بمبلغ 500 ليرة لبنانية (ثلث دولار أميركي) لمدة سنتين". وهو مشروع مرسوم وضعه جريج بعد توالي الأزمات المالية التي ضربت الصحف المحلية المطبوعة في لبنان، ولا سيما أزمتي صحيفتي "السفير"، التي توقفت عن الصدور، و"النهار"، التي تبتز إدارتها الموظفين لدفع مستحقاتهم مقابل توقيع استقالاتهم. ويأمل رياشي أن "تخضع مدة السنتين لنقاش في مجلس الوزراء على أمل إطالتها بهدف منح الصحف فترة كافية تسمح بخضرمتها ونقلها إلى الحالة الإلكترونية مع الاكتفاء بعدد أسبوعي ورقي مثلاً". ولا يرى الوزير أن "زمن الصحافة الورقية قد انتهى، إنما لكل زمان أدواته، ولكل أداة زبون".
كما يدفع رياشي باتجاه "حسم نسبة 70 في المئة من قيمة مستحقات وسائل الإعلام المرئية والمسموعة للدولة اللبنانية والبالغة 11 مليار ليرة (7.5 ملايين دولار أميركي)، وتقسيط المبلغ الباقي، أي حوالي 3 مليارات ليرة (حوالي 2.5 مليون دولار)"، ومساعدة وسائل الإعلام في دفع رسوم وبدلات إيجار مترتبة عليها لمساعدتها مادياً.
ويولي الوزير أهمية لدعم التلفزيون الرسمي، "تلفزيون لبنان"، وأولى الخطوات "تعيين مجلس إدارة جديد خلال أسبوعين، ليكون لدينا فريق جديد في التلفزيون يواكب مرحلة العمل الحالية". ويطاول التجديد أيضاً المجلس الوطني للإعلام الذي خاطب الوزير رياشي رئيس الحكومة سعد الحريري، للطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، تحديد جلسة لانتخاب الأعضاء المُنتخبين في المجلس، وهي تعيينات "ستمنح جسم الوزارة أطرافاً إضافية للعمل على تحقيق نهضة متكاملة في مُختلف المديريات والأقسام".
اقــرأ أيضاً
نقابتا المحررين والصحافة
وفي استكمال لخطوات تصحيح مسار القطاع الإعلامي، يعمل رياشي بالتعاون مع نقيبي الصحافة والمُحررين على تعديل الأنظمة الداخلية فيهما "لأن ما لا يواكب العصر، سيدهسه العصر، وعلينا تحضير نقابات ليست صالحة فقط لتدير القطاع خلال العام الحالي وإنما لمواكبة المستقبل أيضاً".
وأهم البنود التطويرية لنقابة المحررين هي: عدم التجديد للنقيب الذي سيبقى لولاية واحدة فقط
مدتها 3 سنوات، وعدم اشتراط طائفة معينة لتولي منصب النقيب، وتمويل النقابة من الرسوم والاشتراكات، وإصدار طابع المحرر لدعم صندوق النقابة، ومنح الحصانة النقابية لكل محرر، وتوحيد أصول التعاقد مع كل المحررين، وإنشاء صندوق تعاضد صحي وتعاضد مهني للعاطلين من العمل، بالإضافة إلى إنشاء صندوق تقاعد.
ويجمل رياشي أهمية هذه التعديلات في "بقاء المحرر الصحافي حُراً من أي وصاية أو سلطة لرجل سياسة أو مال، وهو مقدمة لتحرير الرأي العام وحماية الديمقراطية والمهنة في لبنان"، وبإبقاء صفة الديمومة على عطاء الصحافي، لأن "الصحافة مهنة لا تموت وعلى الكتاب الكبار في السن أن يواصلوا الكتابة لتثقيفنا، ومن واجبنا عليهم ألا تكون كتابتهم من أجل لقمة العيش فقط". كما ستسمح التعديلات على نظام نقابة المُحررين بعدم تخصيص أي طائفة بمقعد النقيب وبوقف الاستدعاءات إلى مراكز الشرطة دون التواصل مع النقابة. وبعد معاناة قانونية ومهنية طويلة بسبب تخلف القوانين اللبنانية وعدم إمكانية تصنيف المواقع الإلكترونية الإخبارية ضمن أي خانة من خانات وسائل الإعلام، سيؤدي تعديل شكل نقابة الصحافة لتصبح نقابة أصحاب وسائل الإعلام، إلى ضم المواقع إلى قائمة الوسائل الإعلامية المعترف بها رسمياً. وهو ما يوقف الاستنسابية في النظرة القانونية إلى مواقع التواصل الاجتماعي وإلى المواقع الإخبارية التي ستصبح مرخصة.
"رسالة تواصل وحوار"
رغم العمل بوتيرة سريعة على متابعة مشاكل القطاع الإعلامي في لبنان، إلا أن رياشي يأمل ويريد أن يكون آخر وزير للإعلام في لبنان. وينطلق في ذلك من رؤية شخصية لدور الوزارة ودور لبنان في المنطقة. ويعتبر الوزير أن "ثروة لبنان الحقيقية ليست في المجال النفطي
المُستجد أو في أي مجال اقتصادي آخر، إنما في قدراته على الحوار وهو الثروة الحقيقية للبنانيين الذين أسسوا عيشهم المُشترك من خلال الحوار".
يُسقط الوزير تورط أطراف لبنانية عديدة في جولات الاقتتال الطائفي في سورية، ويؤكد قدرة لبنان على استضافة حوار سوري - سوري بدل أستانة وجنيف. ويدعو العراق للتحاور مع تركيا في بيروت، وإيران والسعودية أيضاً، واليمنيين في حوارهم الداخلي. ويُعول رياشي بشكل أساسي على فريق الوزارة "المؤهل ليكون بنية تحتية صلبة لتحويل لبنان إلى مركز حوار لكل المتنازعين حول العالم". كما يُفترض بالوزارة الجديدة أن "تستقبل طلبات واستفسارات وشكاوى المواطنين على أداء أي وزارة من وزارات الحكومة".
واجه رياشي، ولا يزال، جملة مشاكل يعاني منها قطاع الإعلام في لبنان، وليس آخرها اعتداء أنصار "حركة أمل" ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على مقر قناة "الجديد" في العاصمة بيروت، احتجاجاً على تناول شخصية مؤسس الحركة، الإمام موسى الصدر.
يؤكّد رياشي، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أنّ "ملف الاعتداء أصبح بيد القضاء، ووزير العدل سليم جريصاتي يتابعه شخصيا".
ورشة قوانين
ينطلق رياشي في حديثه من ضرورة تكريس حرية التعبير في لبنان وتحديث القوانين والقطاع نفسه، ليس من خلال التصريحات فقط، وإنما من خلال مجموعة مراسيم وقوانين ترعى العمل الإعلامي وتنظمه، وضرورة مشاركة أساتذة المواد الإعلامية في الجامعات في ورشة القوانين هذه. "طلاب الإعلام هم الركن الأساسي في توجهات الوزارة حالياً"، يقول الوزير، والذي يشير إلى "فتح مكاتب الإذاعة والتلفزيون الرسميين لكل الطلاب للتدرّج والتدرب، كما أننا ندرب فريقاً طلابياً في الوكالة الوطنية للإعلام". ويشارك الأستاذة الجامعيون تحديداً في صياغة "قانون للآداب الإعلامية"، يحلّ محل ميثاق الشرف الذي وافقت عليه معظم وسائل الإعلام اللبنانية المرئية والمسموعة والمطبوعة دون أن يجد تطبيقاً فعلياً. ويقول رياشي إن "إقرار هذا القانون ليس بدعة أو اختراعاً، إنما هو قانون لآداب مهنة لا يختلف عن قانون آداب مهنة الطب مثلاً".
تتفرع ورشة رياشي لتطاول كافة أشكال وسائل الإعلام اللبنانية التي ناهز عددها 50 وسيلة بين تلفزيون وموقع وصحيفة وإذاعة. ويشكل تحويل الدولة إلى رب عمل للمحررين والمراسلين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ولكل العاملين في وسائل الإعلام المطبوعة، أحد أبرز خطط وزارة الإعلام لتخفيف العبء عن كاهل مالكي هذه المؤسسات "من خلال تولي الدولة دفع بدلات الضمان الاجتماعي عن الموظفين".
مع معاناة الصحافة الورقية من أزمات حادة، يواصل وزير الإعلام اللبناني الجديد العمل على
كما يدفع رياشي باتجاه "حسم نسبة 70 في المئة من قيمة مستحقات وسائل الإعلام المرئية والمسموعة للدولة اللبنانية والبالغة 11 مليار ليرة (7.5 ملايين دولار أميركي)، وتقسيط المبلغ الباقي، أي حوالي 3 مليارات ليرة (حوالي 2.5 مليون دولار)"، ومساعدة وسائل الإعلام في دفع رسوم وبدلات إيجار مترتبة عليها لمساعدتها مادياً.
ويولي الوزير أهمية لدعم التلفزيون الرسمي، "تلفزيون لبنان"، وأولى الخطوات "تعيين مجلس إدارة جديد خلال أسبوعين، ليكون لدينا فريق جديد في التلفزيون يواكب مرحلة العمل الحالية". ويطاول التجديد أيضاً المجلس الوطني للإعلام الذي خاطب الوزير رياشي رئيس الحكومة سعد الحريري، للطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، تحديد جلسة لانتخاب الأعضاء المُنتخبين في المجلس، وهي تعيينات "ستمنح جسم الوزارة أطرافاً إضافية للعمل على تحقيق نهضة متكاملة في مُختلف المديريات والأقسام".
نقابتا المحررين والصحافة
وفي استكمال لخطوات تصحيح مسار القطاع الإعلامي، يعمل رياشي بالتعاون مع نقيبي الصحافة والمُحررين على تعديل الأنظمة الداخلية فيهما "لأن ما لا يواكب العصر، سيدهسه العصر، وعلينا تحضير نقابات ليست صالحة فقط لتدير القطاع خلال العام الحالي وإنما لمواكبة المستقبل أيضاً".
وأهم البنود التطويرية لنقابة المحررين هي: عدم التجديد للنقيب الذي سيبقى لولاية واحدة فقط
ويجمل رياشي أهمية هذه التعديلات في "بقاء المحرر الصحافي حُراً من أي وصاية أو سلطة لرجل سياسة أو مال، وهو مقدمة لتحرير الرأي العام وحماية الديمقراطية والمهنة في لبنان"، وبإبقاء صفة الديمومة على عطاء الصحافي، لأن "الصحافة مهنة لا تموت وعلى الكتاب الكبار في السن أن يواصلوا الكتابة لتثقيفنا، ومن واجبنا عليهم ألا تكون كتابتهم من أجل لقمة العيش فقط". كما ستسمح التعديلات على نظام نقابة المُحررين بعدم تخصيص أي طائفة بمقعد النقيب وبوقف الاستدعاءات إلى مراكز الشرطة دون التواصل مع النقابة. وبعد معاناة قانونية ومهنية طويلة بسبب تخلف القوانين اللبنانية وعدم إمكانية تصنيف المواقع الإلكترونية الإخبارية ضمن أي خانة من خانات وسائل الإعلام، سيؤدي تعديل شكل نقابة الصحافة لتصبح نقابة أصحاب وسائل الإعلام، إلى ضم المواقع إلى قائمة الوسائل الإعلامية المعترف بها رسمياً. وهو ما يوقف الاستنسابية في النظرة القانونية إلى مواقع التواصل الاجتماعي وإلى المواقع الإخبارية التي ستصبح مرخصة.
"رسالة تواصل وحوار"
رغم العمل بوتيرة سريعة على متابعة مشاكل القطاع الإعلامي في لبنان، إلا أن رياشي يأمل ويريد أن يكون آخر وزير للإعلام في لبنان. وينطلق في ذلك من رؤية شخصية لدور الوزارة ودور لبنان في المنطقة. ويعتبر الوزير أن "ثروة لبنان الحقيقية ليست في المجال النفطي
يُسقط الوزير تورط أطراف لبنانية عديدة في جولات الاقتتال الطائفي في سورية، ويؤكد قدرة لبنان على استضافة حوار سوري - سوري بدل أستانة وجنيف. ويدعو العراق للتحاور مع تركيا في بيروت، وإيران والسعودية أيضاً، واليمنيين في حوارهم الداخلي. ويُعول رياشي بشكل أساسي على فريق الوزارة "المؤهل ليكون بنية تحتية صلبة لتحويل لبنان إلى مركز حوار لكل المتنازعين حول العالم". كما يُفترض بالوزارة الجديدة أن "تستقبل طلبات واستفسارات وشكاوى المواطنين على أداء أي وزارة من وزارات الحكومة".