لا يتعلق الأمر بدراسة التاريخ، أو محاولة الوقوف على أخطاء الماضي تلافياً لتكرارها، إنما بالمكايدة، والفراغ، والرغبة في التشاغل المتعمد تجنباً لمواجهة ما يتوهم أنه الأقوى والأخطر..
عن استدعاء الإخوان، وأخطائهم طوال سنوات الثورة الثلاث أتحدث، وهم بدورهم يتحدثون، من هم؟ بالتأكيد ليسوا فلول مبارك، أو "مطبلاتية" السيسي، إنما نوع آخر من المتعاونين، مجاناً.
كيف نتحالف مع الإخوان وقد باعونا في محمد محمود، لن ننسى أنهم تحالفوا مع العسكر، وعدونا في فيرمونت، أين النائب القبطي، والمرأة؟ قالوا كذلك عن الشرطة، امتدحوا طنطاوي وعنان، جاءوا بالسيسي، ولم يسمعوا الكلام، كانوا إصلاحيين، لا ثواراً، كأننا اكتشفنا إصلاحيتهم فجأة، وعدوا بعدم الترشح ثم ترشحوا، وقفوا في الاستاد وسمعوا شتيمة وتكفير الثوار، (باعتبار 30/6 ثورة) وسكتوا، ولم ينطقوا، إلى آخر هذا "الهري".
لا تقف حدود جريمة اجترار هذه المرارات عند رفاهية ممارسة المراهقة السياسية في ظلمة ما نعيشه ساعة بساعة في مصر الآن من حكم العصابات المسلحة التي تختطف خصومها، من الآنسات، طالبات الجامعة، والشباب، وتلاميذ الثانوي، في ظروف غامضة، وتقتلهم وتلقي بجثثهم في الصحراء، فيما يبحث صديقنا المتثور عن "محمد محمود"، وربما عن حقه في دماء "عثمان بن عفان" بالمرة، إنما تتجاوزه لجملة من الإجراءات الرخيصة، المزرية، والتي يتعمدها أصحابها حيناً، بينما يسوقهم إليها غيرهم أحياناً كثيرة.
هو دائماً يخبرك بالحكاية ناقصة، من طرف واحد، وعود فيرمونت من ناحية الإخوان، لا من ناحية طرف الحوار الآخر، محمد محمود هو خيرت الشاطر وتصريحاته، لا أسماء البلتاجي ومشاركتها، الاتحادية هي إخوان سمحوا لأنفسهم بممارسة العنف مع ثوار، لا ثوار سمحوا لفلول مبارك بمجاورتهم، والاشتراك معهم في قتل أكثر من تسعة شهداء من الإخوان، التحالف مع العسكر من أجل مواصلة السير، على خطاه، جريمة، أما التحالف معهم في عملية انقلابية على الثورة والمسار كله فهي ثورة مجيدة على الإخوان وسقوط لمشروع الإسلام السياسي، العنف الإخواني إرهاب، ومولوتوف الأحزاب المدنية 30/6 عمل ثوري، وهكذا..
يتعمد صاحب الاستدعاءات المعطلة، إغفال كل ما مر علينا من تسريبات، والتعامي عن كل ما وصلنا من شهادات بشأن الترتيب لثورة مضادة، والتعامل مع كل الشهادات والمكالمات المسجلة، والقرائن، بل والنتائج التي تلت ذلك باعتبارها تداعيات حدث لم يصنعه سوى الإخوان ولم يتسبب فيه سواهم، مدعيا أنه لو حكمنا غيرهم ما انقلب عليه عسكر مبارك، وهو ادعاء يجافي مع منطق العقل وجريان الأحداث منذ موقعة الجمل، حتى يومنا هذا..
يتجاهل صاحب الادعاءات المجانية الذي يعيش خارج الزمن، ما تأكد لدى الجميع عبر تسجيلات أثبتت أكبر معامل تحليل الصوت في العالم صحتها، فضيحة التمويل الإماراتي المخزي لحركة تمرد، بعلم عسكر السيسي، ومدير مكتبه، يتجاهل صوت مدير مكتب الجنرال وهو يطلب مائتي ألف دولار من حساب تمرد، في عز حكم الإخوان، يتجاهل شهادات متواترة على مواقع التواصل، وفي منتديات الحوار المختلفة منذ 3/7 حتى الآن عن استئجار مجاميع الفقراء، والمعوزين، فضلاً عن البلطجية، وجهود سماسرة انتخابات الحزب الوطني، والحسابات المفتوحة تحت أيديهم لتحريك آلاف من البشر، يتصور أن سذاجته حالة عامة، واستخدامه من قبل الثورة المضادة شأن يشاركه فيه كل من نزل، والأدهى: يطالبنا باستحقاقات هذه السذاجة، ويقف حائلاً بمشاركاته وكتاباته، من دون إتمام اتفاق يضمن استمرار الحراك، ويحسمه لغير صالح العسكر!!
حقيقة الحال أننا أمام خطاب "انبطاحي"، مرتعد، يتخفى وراء مشاعر غضب وكراهية مفتعلة من جماعة لم تحكم يوماً واحداً، ولم تسيطر، ولم يكن معها أو لها ما يسوغ جلدها، أو حتى مكافأتها على شيء، نحن في 2015، هذه معلومة، والعسكر انقلبوا على الثورة كلها، والثوار في السجون، من دون تمييز، يحتاج الواحد من هؤلاء "البهاليل" لمن يؤذن في أذنه، منبهاً إياه بتاريخ اليوم، ربما وقف على سؤال اليوم وأجّل سؤال الأمس إلى حصة الرسم!!
(مصر)