كشفت المسيرة التضامنية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء المغربية، صباح الأحد، للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي "حراك الريف" الذين حُكموا بعشرات السنوات سجناً، على رأسهم الناشط ناصر الزفزافي بـ20 عاما، عن توتر جديد في العلاقة بين يساريين وإسلاميين في البلاد.
وحضر المسيرة التي لم يصل عددها إلى العدد الذي كان يرجوه منظموها والداعون إليها، خاصة من التيار اليساري المعارض، والذي قدَّر عددها بألفي مشارك، قياديون من فيدرالية اليسار (تحالف يضم أحزاباً يسارية) خصوصا، وناشطون حقوقيون من التيار ذاته، فيما غابت عنها "جماعة العدل والإحسان" (الإسلامية المعارضة).
وتقدمت المسيرة وجوه من اليسار، على رأسهم زعيمة "الحزب الاشتراكي الموحد"، نبيلة منيب، والأمين العام لحزب "النهج الديمقراطي"، مصطفى براهمة، كما حضرت فعاليات حقوقية معروفة بتوجهها اليساري، لكن غاب إسلاميو "الجماعة"، كما لم يحضر أي وجه معروف من باقي الأحزاب.
منيب قالت في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "المهم ليس في الأعداد رغم حضور المئات الكثيرة لهذه المسيرة، ولكن الأهم هو ترسيخ التضامن مع معتقلي حراك الريف في وجدان كل مواطن مغربي، خاصة في الظروف الحالية التي يعيشونها بعد أن تم الحكم عليهم بالعديد من السنوات".
وأفادت القيادية اليسارية بأن "مسيرة الدار البيضاء هي بالأساس لنصرة معتقلي حراك الريف، ونصرة باقي المعتقلين بسبب باقي الاحتجاجات"، مضيفة أن "المسيرة أكبر من أية اصطفافات أو دعوات سياسية، لأنها تروم أساسا إشعار المعتقلين وعائلاتهم بأن هناك مغاربة يقفون بجانبهم في هذه المحنة".
ومقابل مشاركة يساريي المعارضة في مسيرة الدار البيضاء، امتنع قياديو "جماعة العدل والإحسان" عن المشاركة فيها باعتبار أنهم لم يتلقوا أية دعوة إلى ذلك، فيما رد عليهم يساريون بأن "المسيرة لا تحتاج إلى دعوات مسبقة، وأن الشارع لا يمتلك مفاتيحه أحد، بل هو متاح للجميع".
إلا أن الجماعة كان لها موقف معين من المسيرة عكسه تصريح عضو دائرتها السياسية، حسن بناجح، الذي اتهم أطرافا بمحاولة احتكار بعض القضايا، في تلميح إلى اليسار، وقال "الجماعة لم تتلق أي دعوة للتنسيق في المسيرة، ومن اختار صيغة أخرى للانفراد فذلك شأنه والأمر يخصه".
وتمسكت الهيئات التي دعت إلى تنظيم مسيرة الدار البيضاء بالوسط، عندما طالبت جميع الأطراف والتيارات بنسيان مواجهاتهم واختلافاتهم، وعدم الخلط والتشويش على نجاح المسيرة، وبأن رفض الأحكام الصادرة في حق معتقلي الريف هو متاح للجميع، وتشترك فيه الكثير من الفعاليات والتيارات بمختلف أطيافها.