ودعا الشيخ تميم، في المنتدى الذي يستمر ليومين، إلى البحث عن مواطن الخلل التي جعلت الكثيرين يفقدون إيمانهم بنجاعة النظم والآليات الأممية القائمة، بما في ذلك ازدواجية المعايير، وإلى تكثيف الجهود المخلصة لوضع تصورات جديدة للمرحلة المقبلة، ولا سيما بعد أن بانت عواقب التخلي عن الشرعية والقانون الدوليين في أكثر من مكان، بما في ذلك منطقتنا. وقال: "ليس واضحاً بعد إذا كان ما جرى منذ تلك المرحلة انتقالاً من أحادية القطب إلى تعدد الأقطاب، أو هو حالة من التشظي وتنصّل الدول الكبرى من مهامها ومسؤولياتها". واعتبر أنه لو كان الوضع مُجرد تعدد للأقطاب، لما كان ثمة مشكلة، فتعدد الأقطاب لا يمنع التكامل في الأدوار، وقد يُغني العلاقات الدولية بزوايا نظر مختلفة، أما إذا ترجم إلى مجرد صراع على النفوذ بين محاور من دون مسؤوليات كونية متفق عليها ورؤى لمصلحة العالم، فإن ذلك يعد تراجعاً، حتى عن مرحلة القطبين، حين تنافس تصوران لعالم أفضل في ظل ردع متبادل.
العقوبات غير شرعية
وكان رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، الذي كرّمه أمير قطر في منتدى الدوحة، كمثال يحتذى به في الحكم الرشيد، قد رفض العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران. وقال، في كلمته أمام منتدى الدوحة، إن "من غير المقبول استخدام العقوبات لإجبار الدول على تغيير مساراتها، لأن ذلك يؤدي إلى إيذاء الدول التي تتعامل معها". ووصف مثل هذه الخطوات بأنها "من أشكال الديكتاتورية" التي تمارسها الدول الكبرى، مضيفاً أن العقوبات على إيران غير شرعية ولا تتوافق مع القانون الدولي، ويجب أن تفرض فقط من قبل الأمم المتحدة.
وأعلن رئيس الوزراء الماليزي أن بلاده لا تبحث عن محاور، بل عن شراكات، والعالم اليوم متعدد الأقطاب، معتبراً أن الانعزال أصبح مستحيلاً، والثورة التكنولوجية جعلتنا جميعاً جيراناً، مضيفاً أن "أولئك الذين يبحثون عن الهيمنة سيؤدون (بالعالم) للفرقة والتوتر". واعتبر أن صعود الوطنية في الولايات المتحدة أمر جيد، لكن يجب ألا يكون على حساب الآخرين، قائلاً: "يجب أن نتعلم العمل معاً". وقال إن القمة الإسلامية المقرر عقدها في بلاده ستحاول الإجابة عن الأسئلة الآتية: ما أسباب ما يحدث للعالم الإسلامي؟ ولماذا لا ينمو ولا يتقدم؟ ولماذا تحارب دوله بعضها بعضاً؟ ولماذا يهرب المسلمون من العالم الإسلامي؟ واعتبر أن إيجاد التفاهم بين العدد الكبير لدول منظمة التعاون الإسلامي بشأن القضايا الإسلامية يبدو صعباً، ولهذا ينبغي مناقشة مشاكل العالم الإسلامي على مستوى عدد محدد من الدول.
وفي جلسة "الحكومة في عالم متعدد الأقطاب"، قال نائب رئيس الوزراء، وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن الدوحة استطاعت من خلال المبادرات والمنتديات المختلفة أن تكون وجهة للحوار المفتوح، لافتاً إلى أن "التماسك الإقليمي غائب عن منطقة الشرق الأوسط، وأن هذا يقود المنطقة من مشكلة إلى أخرى". ونقلت عنه وكالة "رويترز" قوله، رداً على سؤال عمّا إذا كان قد تحقق أي تقدم خلال قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الرياض أخيراً، إن "تقدماً طفيفاً (تحقق). مجرد تقدم طفيف".
وقال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ بريندا: "لقد انتقلنا من الحرب الباردة إلى السلام الحار. يجب ألّا نتسول من الجيران، فالتجارة ليست سلاحاً، بل مفتاح الرخاء إذا نجحت". ونوقش في الجلسات العامة للمنتدى عدد من القضايا الهامة، كالقضية السورية، حيث اعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن "جميع مؤسسات الدولة في سورية انهارت وتحولت إلى قبضة المؤسسات الأمنية، بما فيها الكردية". واعتبرت خبيرة الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط رندا سليم، أن "الانتصار الذي حققه النظام السوري فارغ، وأن مؤسسات الدولة خارج القطاع الأمني غير قادرة على تقديم شيء للسوريين". وقالت إن "النظام يحاول الآن شرعنة انتصاره العسكري بالتفاوض ضمن اللجنة الدستورية".