منخفض جويّ يهدّد نازحي غزّة وسكان بيوتها المدمّرة

20 أكتوبر 2014
تسكن عشرات الأسر خياماً بعد تدمير منازلها (العربي الجديد)
+ الخط -

يسعد كثير من الناس بالمطر، خفيفاً كان أم كثيفاً. أما في غزة، فلا تجد الأمطار سوى استقبالٍ قلقٍ متوجّس.

إن كنت من سكان قطاع غزة، أيّاً كانت المنطقة التي تسكن فيها، فعليك التفكير مرتين قبل الخروج من منزلك، فإما أن تقع في حفرة أو أن تأتي سيارة مسرعة فتغرقك بالماء الموحل. لكن هذه المواقف البسيطة لا تستدعي منك خوفاً أو قلقاً، بيد أن النازحين، وأصحاب المنازل المدمرة أو حتى نصف المدمرة، هم مَن يعيشون هاجساً دائما يدفعهم لانتظار الغرق.

مع انتشار نسمات الصباح الباردة، بدأت أم نضال نشر قطع الملابس فوق سطح منزلها. بصعوبةٍ نزلت كما صعدت، أصبح المنزل بعدما قصفته الطائرات الحربية الإسرائيلية، بضعة أعمدة وسطحاً ليعود كحالته الأولى قبل اكتمال بنائه.

أم نضال النجار، والتي تسكن في خيمة صنعتها بيديها، مع أبنائها الستة، من الأغطية التي تبقت بعد انهيار منزلهم، تقول لـ"العربي الجديد": حاول أبنائي تغطية الخيمة بالنايلون من الخارج حتى لا تغرقنا المياه، لكن دون جدوى، فبعد الساعة الأولى من هطول المطر غرقت خيمتنا وملابسنا وطعامنا.

فقد فارس سكر (40 عاماً)، منزله الواقع على الحدود الشرقية لحي الشجاعية، بالقرب من السياج الفاصل مع إسرائيل، ولم يحتمل العيش في خيمة بجوار ركام المنزل كغيره من الجيران والأقارب، وفضّل أن يسكن وعائلته في أحد مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وإن كان على مضض، لتكون مأوى لعائلته من برد الشتاء وليالي البرد القارس.
يقول سكر: أسكن وعائلتي المكوّنة من 15 فرداً داخل إحدى غرف المدرسة، ونعاني من نقص في الأغطية اللازمة للأطفال، شاكياً من أنه لن يستطيع تحمّل استمرار العيش داخل مدرسة التي تفتقد لكل ما يحتاجه وأطفاله.

في الساعات الأولى لموسم الشتاء، كانت غزة تختنق ما بين الازدحام المروري الصباحي، واختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي في شوارعها، وفي اللحظة التي كان الناس يتساءلون فيها عن الاستعدادات، كان الدفاع المدني الفلسطيني يحذرهم من المنخفض الجوي المتوقع حدوثه الأسبوع المقبل، ويدعو المقيمين منهم في مناطق منخفضة ومَن قُصفت منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير لاتخاذ كافة إجراءات السلامة للوقاية من آثار المنخفض.

يقول مدير الدفاع المدني في قطاع غزة، محمد الميدنية، لـ"العربي الجديد": أرسلنا إرشادات وتحذيرات لسكان مناطق قطاع غزة، خاصة المتضررة منها بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير، والمناطق التي شهدت حالات غرق وكوارث خلال المنخفض الجوي العام الماضي.

وأكد الميدنية أن طواقم الدفاع المدني على استعداد للتعامل مع المنخفض الجوي المتوقع وصوله خلال الأسبوع الحالي، واشتكى من ضعف إمكانيات طواقم الإنقاذ وسوء الأدوات المتوفرة لديهم والتي فشلت في التقليل من كارثية المنخفض الجوي في العام السابق.
وأضاف: أرسلنا مناشدات لحكومة الوفاق الفلسطينية لمساعدتنا ومدّنا بالمعدات والآليات اللازمة لتفادي حدوث مشاكل، خاصة في المناطق المدمرة كلياً مثل الشجاعية وخزاعة وبيت حانون.

ومن جانبه، أشار عماد حمادة، مدير العطاءات في وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، إلى أن الوزارة تسعى جاهدة وبالتعاون مع الدفاع المدني وبلديات قطاع غزة، ممثلة بوزارة الحكم المحلي، لتقديم المعونة للمتضررين جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وقال حمادة: جرى إنشاء لجنة حكومية عليا للطوارئ لإغاثة المتضررين وترميم منازل ما يقارب 8 ألاف عائلة في مدة تمتد من شهر إلى ستة أشهر فور إدخال مواد البناء بكميات كافية ومواعيد محددة، الأمر الذي ما زالت إسرائيل تتلكأ فيه.

وأضاف أن هنالك تخوّفات كبيرة من المنخفض الجوي المتوقع والذي سيجعل الأمر يتداعى ولن نستطيع سوى الوقوف مكتوفي الأيدي، موضحاً أن جُل ما تستطيع الوزارة القيام به هو تقديم المساعدات العاجلة وهدم المباني التي تشكل خطراً على المواطنين، لكن المعدات والآليات ليست كافية لاستقبال كارثة كالمنخفض الجوي.

دلالات