دانت سبع منظمات حقوقية مصرية كافة الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها السلطات المصرية بحق الطفل عبدالله بومدين نصر الدين (12 عاماً) خلال عام كامل، بدأت بالقبض عليه من منزله بالعريش، وإخفائه قسريًا، والتحقيق معه بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية والمساعدة في زرع مفرقعات على ذمة القضية رقم 570 لسنة 2018 حصر أمن دولة، وصولاً إلى الحبس الانفرادي.
وأكدت المنظمات في بيان مشترك، اليوم الثلاثاء، مخالفة هذه الإجراءات قانونَ الطفل المصري والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وطالبت بضرورة التدخل السريع لإيقاف هذا الانتهاك الفج وإنقاذ الطفل.
ويشار إلى أن قوات تابعة للجيش ألقت القبض على الطفل عبدالله بو مدين من منزله بالعريش، يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2017، سبقه القبض على أبيه، ليختفي بعدها مدة 7 أشهر، انتقل خلالها من قسم أول العريش إلى الكتيبة 101، حتى عرضه على نيابة أمن الدولة للمرة الأولى في 2 يوليو/تموز 2018. ومثُل أمام التحقيق دون محامٍ، ووجهت له النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية والمساعدة في زرع مفرقعات. وأخيرًا صدر قرار بإيداع عبدالله قسم شرطة الأزبكية ليقضي هناك ما يقرب من 100 يوم في الحبس الانفرادي، تعرض خلالها لانتهاكات مضاعفة، وتعاملت معه السلطات بنديّة وتعسف لا يتماشيان مع عمره. كما يعاني عبدالله من أوضاع حبس متردية، وأحوال معيشية سيئة للغاية.
وقالت المنظمات: "عصفت السلطات المصرية بقوانين الطفل، وباشرت التحقيقات مع عبدالله دون انتداب محامٍ، ثم احتجزته بقسم شرطة الأزبكية، ممتنعة عن تنفيذ الأمر الصادر بإيداعه إحدى دور الرعاية، وذلك بالمخالفة للمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل الملزِمة لمصر، والتي تنص على ضرورة ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية، وعدم احتجاز الأطفال إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة. وأنه لكل طفل محروم من حريته الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من سبل المساعدة المناسبة، فضلاً عن الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى، على أن يتم البتّ بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل".
وأضافت: "كما خالفت النيابة المادة رقم 2 من قانون الطفل، التي تنص على أن سن الطفل تثبت بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر، وهو ما لم تقم به النيابة، فضلاً عن احتمالية أن تكون الوقائع محل الاتهام قد وقعت قبل أن يكمل عبدالله عامه الـ12، ومن ثم تمتنع مساءلته جنائيًا وفقًا للمادة 94 من قانون الطفل التي تقرر امتناع المسؤولية الجنائية على الطفل الذي لم يجاوز 12 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، على أن تتولى محكمة الطفل دون غيرها الاختصاص بالنظر في أمره، الأمر الذي يقطع بعدم شرعية تولي نيابة أمن الدولة التحقيق مع عبدالله، التي لا يجيز لها القانون التحقيق مع طفل إلا إذا تجاوز عمره 15 سنة، وكان قد ارتكب جريمته مع بالغين".
وأكدت المنظمات في بيانها: "عانى الطفل عبدالله في محبسه الانفرادي بقسم الأزبكية- الذي كان ينكر وجوده- لأكثر من ثلاثة أشهر من ظروف احتجاز بالغة السوء أسفرت عن ظهور دمامل في كافة أنحاء جسده، وإصابته بحكة شديدة نتيجة منعه من الاستحمام لعدة أشهر، فضلًا عن تدهور حالته الصحية نتيجة اقتصار غذائه على الخبز والجبن، علمًا بأنه يعاني من حساسية مزمنة في الصدر، وإعاقة في اليد اليمنى تستلزم العلاج الطبيعي العاجل، بالإضافة إلى انقطاعه عن الدراسة، وهو طالب بالصف الأول الإعدادي".
وسبق للمحامي الذي تولى الدفاع عن عبدالله أن تقدم بشكوى على الخط الساخن لنجدة الطفل التابع للمركز القومي للطفولة والأمومة يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلا أن المجلس لم يتعامل مع البلاغ باعتباره حالة طارئة، وجاء الرد بعد 6 أيام بأنه تم التواصل مع مكتب حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، ولم يتم التواصل مع الطفل.
كما تقدم المحامي بالبلاغ رقم 17479 عرائض النائب العام، بخصوص إيداع الطفل في إحدى دور الرعاية، لإيقاف ما يتعرض له من انتهاكات.
وأبدت المنظمات الموقعة على هذا البيان بالغ قلقها وتخوّفها بشأن سلامة الطفل عبدالله بومدين، وحمّلت السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن ذلك. وأكدت شجبها واستنكارها أن "ترى الدولة المصرية في طفل في الصف الأول الإعدادي خطرًا يستدعي حبسه احتياطيًا دون الفصل في أمره لما يقرب من عام كامل، مفضّلة الحل الأمني والحبس الانفرادي مع طفل لم يتجاوز عمره 12 عامًا".
وطالبت المنظمات بضرورة نقل عبدالله فورًا لمكان أكثر أمنًا من قسم شرطة الأزبكية، وتحويل التحقيق معه إلى المسار الصحيح بعرضه على نيابة الطفل، وسرعة الفصل في أمره، فضلًا عن فتح تحقيق في ما تعرض له من انتهاكات ترتقي إلى التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وما وقع بحقه من مخالفات للقانون.
المنظمات الموقعة هي الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز بلادي للحقوق والحريات، ومركز النديم، وكومتي فور جاستس، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير.