استنكرت 47 منظمة وجمعيّة غير حكوميّة مغربيّة اليوم الثلاثاء تصريحات لوزير الداخليّة محمد حصاد، اتهمها فيها بتلقي تمويل أجنبي من أجل اتهام القوات الأمنيّة بـ"ارتكاب التعذيب ضد المواطنين"، وذلك خدمةً "لأجندة خارجية".
وقالت هذه المنظمات والجمعيات في بيان مشترك إن هذه التصريحات غير المسؤولة تهدف إلى تبخيس العمل الحقوقي وعمل الجمعيات.
وطالبت وزير الداخليّة بـ"الاعتذار عن هذه الاتهامات"، معتبرة أن كلامه "ليس مجرّد خطأ معزول أو زلة لسان، بل يندرج في سياق مخطط سلطوي يستهدف الحقوق والحريات الأساسيّة في المغرب تحت ذريعة مواجهة التهديدات الإرهابيّة".
وكان وزير الداخليّة المغربي محمد حصاد، قد اتهم في خطاب نقله التلفزيون الرسمي في 15 يوليو/تموز الجاري أمام أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، ما وصفه بـ"الكيانات الدخيلة" بـ"خدمة أجندة خارجيّة" وذلك في "استغلالٍ لأجواء الانفتاح والحريات السائدة في المغرب".
وجاء كلام حصاد في سياق حديثه عن التهديدات الإرهابيّة الآتية من العراق وسورية عبر المقاتلين المغاربة في صفوف تنظيم "داعش" والذين يقارب عددهم ثلاثة آلاف مقاتل. وقد لفت إلى أن جهود القوات الأمنيّة "تصطدم بسلوكيات جمعيات وكيانات داخليّة تعمل تحت غطاء حقوق الإنسان". وشدّد على أن اتهام الجمعيات لـ"أفراد المصالح الأمنيّة بارتكاب التعذيب ضد المواطنين"، ترتّب عنه "إضعاف للقوات الأمنيّة وضرب لها وخلق تشكيك في عملها".
وتأتي تصريحات وزير الداخلية المغربي، في وقت عبرت فيه الرباط عن قلقها الشديد من تهديدات المقاتلين المغاربة في صفوف "داعش" بالعودة إلى المملكة المغربيّة وتنفيذ أعمال إرهابيّة فيها. كذلك تتزامن هذه التصريحات مع استعداد الرباط لاستقبال آلاف الحقوقيّين والحقوقيات في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الذي من المنتظر أن تستقبله مدينة مراكش في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واعتبرت الجمعيات الموقّعة على البيان أن على الحكومة أن تستعدّ لهذا الحدث بـ"تصفية الأجواء الحقوقيّة وإطلاق سراح معتقلي الرأي والكفّ عن قمع حريّات التنظيم والتعبير والتظاهر، بدلاً من التمادي في التحامل على التنظيمات الحقوقيّة وتصنيفها مع الإرهاب والتطرّف".
ويفرض القانون المغربي على جمعيات المجتمع المدني التي تعمل في شراكة مع منظمات أو مؤسسات دوليّة، تقديم كل المعلومات والمعطيات حول هذه الشراكات إلى الأمانة العامة للحكومة.
وكانت منظمة العفو الدوليّة قد حثّت السلطات المغربيّة في بداية مايو/أيار الماضي في إطار حملة دوليّة تستمرّ لسنتَين، على "وضع حدّ للإفلات من العقاب شبه التام" لمرتكبي جرائم التعذيب.
وعلى الرغم من أن المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي أشادت بجهود الرباط لتحسين حقوق الإنسان في خلال زيارتها للمغرب نهاية مايو/أيار، إلا أنها دعت إلى مكافحة "العادات القديمة" وعلى رأسها التعذيب، مشيرة إلى أن وفوداً دوليّة أعربت مؤخراً عن "قلقها".
وكشفت بيلاي أن "الملك قال لي إنه لا يمكن أن يتسامح مع التعذيب، لكنه لم يستبعد وجود حالات نادرة" داعية إلى التحقيق المنهجي في حال توجيه اتهامات.