اتهمت منظمة "أطباء لحقوق الإنسان"، أمس الأربعاء، قوات النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، عبر قتلها أكثر من 600 طبيب وعامل في المجال الطبي، في عمليات قصف وقنص وتعذيب خلال النزاع المستمر منذ أربع سنوات.
وحملت المنظمة، ومقرها نيويورك، في بيان لها أمس، قوات الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية استهداف المستشفيات والعيادات، والعاملين في المجال الطبي "بشكل منهجي" وعلى نطاق غير مسبوق في تاريخ الحروب الحديثة، واصفة ذلك بالجرائم ضد الإنسانية.
وجاء في تقرير المنظمة، الذي صدر في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، نقلته وكالة فرانس برس، أنه خلال السنوات الأربع الماضية قتل 610 من العاملين في المجال الطبي، من بينهم 139 تعرضوا للتعذيب أو أعدموا.
وحمّل التقرير قوات الأسد مسؤولية 97 في المائة من عمليات قتل العاملين الطبيين. ووثق التقرير أيضاً 233 هجوماً ضد 183 مستشفى وعيادة جرت في الفترة الأخيرة بواسطة البراميل المتفجرة.
وقالت أرين غالاغر مديرة التحقيقات في المنظمة إن "الحكومة السورية لجأت إلى كل الوسائل، الاعتقالات داخل غرف الطوارئ، وقصف المستشفيات - بما فيها بالبراميل المتفجرة - وحتى التعذيب وإعدام الأطباء الذين يحاولون معالجة الجرحى والمرضى".
وتعتبر الاعتداءات التي تستهدف العاملين الطبيين انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، ولكن المنظمة لفتت أيضاً إلى أنه "حين تكون الاعتداءات منهجية ومنتشرة بالشكل الذي هي عليه في سورية، فإنها تشكل جرائم ضد الإنسانية".
وأوضحت ويدني براون مديرة برامج المنظمة أنها تلقت تقارير عن "مئات" الأطباء تم احتجازهم أو فقدوا بكل بساطة، غير أنه ليس بوسعها التثبت من هذه الأنباء.
والتقرير بعنوان "أطباء أمام التقاطعات: أربع سنوات من الاعتداءات على العناية الصحية في سورية" هو نتاج معلومات تم جمعها من "مصادر ميدانية" داخل سورية.
وأدت الهجمات على الفرق الطبية والمستشفيات إلى تدمير البنية التحتية الطبية، لا سيما مع إرغام حوالى 15 ألف طبيب يمثلون أكثر من نصف مجموع الأطباء في سورية على الفرار من البلاد منذ اندلاع النزاع في 2011.
واعتبرت مديرة السياسة الدولية في المنظمة سوزانا سيركين أن " الهجوم الذي تشنه الحكومة السورية على القطاع الصحي والعاملين فيه غير مسبوق بنطاقه ومداه".
وأشار التقرير إلى أن الحكومة السورية مسؤولة عن 88 في المائة من مجموع الهجمات على المستشفيات.
وقال الطبيب السوري ماجد أبو علي من الغوطة الشرقية، إنه لم يعد هناك سوى عشرة أطباء في المنطقة المحاصرة من أصل مائة قبل أربع سنوات، بمن فيهم طبيب لتقويم العظام أصيب بحروق في وجهه وذراعيه، حين سقط صاروخ الشهر الماضي على المستشفى الذي يعمل فيه.
وتابع الطبيب الذي يستخدم اسماً مستعاراً خوفاً على سلامة عائلته، أنه تم توقيفه مرتين وواجه صعوبات حين حاول تجديد جواز سفره بعدما أقام مستشفى ميدانياً.
وقال: "إن كنت طبيباً في سورية، فهذا يعني أنك ستقضي كل لحظة من حياتك وأنت تحاول إنقاذ أرواح، لكن حياتك أنت ستكون في خطر، ويمكن أن تستهدف في أي لحظة داخل مستشفاك".
وبحسب التقرير، قتل 287 طبيباً وعاملاً طبياً في عمليات قصف استهدفت المستشفيات، وقتل 165 آخرون بالرصاص معظمهم برصاص قناصة.
واتهمت المنظمة الحقوقية مجلس الأمن الدولي بالفشل "بشكل كامل" في الاضطلاع بواجباته في فرض القانون الدولي، وأشارت بالاتهام إلى روسيا والصين لعرقلتهما قراراً يحيل سورية إلى المحاكم الخاصة بجرائم الحرب.
وقالت سيركين: "هذه الجرائم تستوجب الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية".
ودعت المجموعة مجلس الأمن إلى ضمان محاسبة المسؤولين عن الهجمات على العاملين الطبيين، مبدية مخاوفها من أن تصبح مثل هذه الهجمات الهادفة "المعيار الجديد" في مناطق النزاعات.
اقرأ أيضاً: لاجئون سوريون يبحثون عن السلام في البرازيل
اقرأ أيضاً: اللجوء السوري في تونس.. قصص المعاناة والحنين