وقال المصدر في مكتب الادعاء: "أول تحقيق تم صباح اليوم، لكنه كان لفترة وجيزة. حتى الآن يرفض التحدث إلى المحققين"، وفق ما نقلت "رويترز".
وكان المحققون الفرنسيون يأملون أن يبدأوا بإجراءات التحقيق مع المشتبه فيه بعد أن خرج من دائرة الخطر، ولكنه لا يزال تحت المراقبة الطبية والأمنية في المستشفى.
ويشدد محققون فرنسيون على أن اعترافات المهاجم ضرورية، بسبب ندرة المعلومات التي في حوزتهم، وبالتالي صعوبة تحديد صورة لهذا المعتدي.
وحتى الساعة لم تستطع السلطات الفرنسية ضبط أي اتصال له في فرنسا مع أي كان، ولكن مع ذلك يصرّ كثير من الباحثين في شؤون الإرهاب على أن فرضية الذئاب المنفردة غير واردة، ويَعزون الأمر إلى السهولة (القانونية) التي استطاع بها عبد الله أن يدخل فرنسا، وأن يجد غرفة في حي باريسي راقٍ، وأن يستأجر سيارة، ثم يعثر على ساطورين في محل بيع في منطقة الباستيل، من دون إغفال الوضعية المالية التي سهلت عليه إقامته وتنقلاته، خاصة أن ثمن الغرفة في الفندق في الأسبوع الواحد يصل إلى 1700 يورو.
ويحاول المحققون رسم صورة أقرب للحقيقة لهذا المهاجم، الابن الأصغر لعائلة ميسورة تعمل في الشرطة، فالوالد يحتل منصباً رفيعاً في الشرطة، كما أن أخويه الحاصلين على شهادات جامعية ضابطان في الشرطة أيضاً، وهو ما أتاح له إكمال دراساته الجامعية في القانون في جامعة المنصورة، ثم السفر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ليشتغل مديراً تجارياً في إمارة الشارقة، بعد أن عمل لبعض الوقت في مكتب محاماة محلي.
وازداد الغموض حين اكتشف المحققون أن عبد الله تزوج سنة 2014، وله ابن، يوسف، في الشهر السابع، وأن زوجته حامل وهي في المملكة العربية السعودية، فيما تعمل أخته في الإمارات.
ولمّا كانت هذه المعلومات لا تكفي لرسم صورة عن المهاجم تبيّن أسباب قيامه بهذا الاعتداء، اطلع المحققون على أنشطته في شبكات التواصل الاجتماعية (فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها)، ولكن الغموض يلفها أيضاً، فإلى جانب رسائل وخطابات ذات بعد ديني، يعبر فيها عن تألمه لما يجري لإخوانه السوريين، ويسمح لنفسه بإظهار شغفه بفريق بايرن ميونيخ لكرة القدم، وأيضاً ببعض الأفلام الغربية، كما أن المحققين لم يكتشفوا لدى جميع أصدقائه، على الشبكة، ميولاً نحو قراءة متشددة للإسلام.
والخطاب الوحيد الذي عثر عليه في تويتر عبد الله، هو الذي حيّر بعض المحققين وجعلهم يستحضرون خطاباً ربما يكون قد ألقاه في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أبو محمد العدناني، والذي شغل منصب الناطق باسم العمليات الخارجية لتنظيم "داعش"، قبل أن يعلن التنظيم عن موته في الصيف الماضي، نقرأ فيه: "لا تفاوض ممكناً، لا حل وسطاً.. وبالتأكيد لا رجوع ممكناً. لا يوجد سلام في الحرب".
وإذا كان المحققون الفرنسيون يستعيدون عمليات إرهابية سابقة ترك فيه أصحابها وصايا مكتوبة أو مصورة أو في أجهزة حواسيب، فهم، حتى الساعة، لا يزالون عاجزين عن العثور عليها، باستثناء سفرتين للمهاجم إلى تركيا، سنتي 2015 و2016، وهي تنقلات يفسرها والده بأسباب تتعلق بالوظيفة.
ما الذي تبقى، إلى حد الآن، غير ما تشدّد عليه وسائل الإعلام، أي ما يقال عن تصميمه على الموت، بالمبادرة إلى إلقاء نفسه على أفراد الدورية العسكرية في هذا المكان السياسي الحساس، وباستخدام ساطورين اثنين، دون إغفال صيحات "الله أكبر".. فهل هي كافية لتوصيف الرجل ومعرفة نواياه؟ ثم ما هو سرّ وجود قنبلتي صباغة في حقيبة ظهره؟
هل كان ينوي تخريب بعض اللوحات في متحف اللوفر؟ هل كان يريد أن ينتقم لنهب بعض التراث الفني الإسلامي الذي يُعرَض، الآن، في اللوفر؟
هذا ما ينتظره المحققون والرأي العام الفرنسي والجالية العربية الإسلامية، في أقرب وقت.