آلاف المرضى في الجزائر يلجؤون إلى المستشفيات الحكومية، ويعتبرونها مهربهم الوحيد أمام غلاء أسعار العيادات الخاصة، في حين يلجأ كثيرون إلى المستشفيات والعيادات الخاصة لأسباب أهمها توفر العلاج، وعدم تضييع الوقت في الانتظار وتحديد المواعيد للمرضى، الذي تشهده المؤسسات الطبية الحكومية.
المواعيد، وغياب الأطباء، وتعطل أجهزة الطبية، مشاكل اعتاد عليها المواطن الجزائري البسيط. إذ يتحول ذهابه إلى المستشفى لأبسط الأسباب مثل أخذ حقنة، أو فحص ضغط الدم إلى رحلة شاقة تحتاج إلى صبر ونفس طويلين. ويردد كثيرون في حديثهم لـ"العربي الجديد" عبارة "للي يحبو ربي ما يمرض في الجزائر"، بسبب صعوبة العلاج، خصوصاً من ذوي محدودي الدخل.
"البيروقراطية والإهمال هي الصورة التي التصقت بوضع المستشفيات في الجزائر"، يقول المواطن جمال رابحي لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أنه واجه عراقيل عدة في مستشفى مصطفى باشا الجامعي في قلب العاصمة الجزائرية، وظل أياماً يتنقل بين مختلف الأقسام حتى إنجاز التحاليل وغيرها.
ويتحسر رابحي على وضعية العلاج، واستقبال المرضى في المستشفى الحكومي، مؤكداً أن عشرات المرضى يعانون من "بعض الممارسات" التي تُتعب المريض قبل بدء العلاج، مضيفاً أن المصحات الخاصة باهظة الثمن في إجراء التحاليل، والعلاج، والمتابعة.
ويشير أحد المرضى لـ"العربي الجديد"، لم يذكر اسمه، إلى انتشار كلمة "المعريفة" بين الجزائريين أثناء قضاء مصالحهم المرتبطة بإدارة ما، والتي تعني أن من يعرف شخصاً مسؤولاً أو قريباً في إحدى المؤسسات، ومنها المستشفيات الحكومية يتمكن من قضاء مصلحته مباشرة، ويجد فرصة للعلاج. ويضيف أن "الزوالي" أي الفقير باللهجة الجزائرية، يعدّ الأيام من أجل الحصول على موعد للعلاج، الذي يحين بعد أسابيع.
"بسبب انعدام الخدمات في المستشفيات الحكومية، يلجأ الآلاف إلى العلاج في المشافي الخاصة، فالموجوع يريد توقيف ألمه قبل كل شيء"، تقول المواطنة حسينة لعلام لـ"العربي الجديد"، مضيفة أن "الخدمات التي تؤمنها العيادات الخاصة تجعل الكثيرين يدفعون كلفتها رغم ارتفاعها، بدل المعاناة مع المماطلة حتى الوصول إلى العلاج المجاني".
ورغم إصلاحات وزارة الصحة الجزائرية، وما رصدته الحكومة الجزائرية من أموال لتحسين وتوفير الخدمات في المستشفيات الحكومية، إلا أن دراسة ميدانية، نفذتها مصالح البحث في وزارة الصحة، ونشرت اليوم الأحد بيّنت أن 64 من المائة من الجزائريين يتوجهون إلى الأطباء في العيادات الخاصة، مقابل 36 في المائة منهم يزورون مؤسسات الاستشفاء الحكومية.
ويرى أهل الاختصاص أن "إقبال المرضى على العيادات الخاصة راجع إلى الخدمات الطبية المتوفرة لديها، بدءاً من تحديد المواعيد، ووسائل الكشف والأشعة"، بحسب المختص في مخبر للأشعة، الدكتور معمر رحمون لـ"العربي الجديد"، مضيفاً بأن "الجزائريين يعانون كثيراً في المستشفيات الحكومية، رغم أنها توفر الخدمات المجانية".
ويتخوف المواطن من الأخطاء الطبية التي تشهدها المستشفيات الحكومية، نتيجة الاكتظاظ والإهمال، وهي بحسب رحمون من أسباب توجه المرضى إلى المستشفيات الخاصة.