من تعريب الأكراد إلى تكريد العرب
انقلبت جل الموازين، بعد الاستفتاء بإقليم كردستان العراق وموافقة نيف و92% من المستفتين على الانفصال عن العراق، بداية لتأسيس دولة يعتبرها الأكراد حلمهم وحقهم التاريخييّن، فبدأ تراخٍ بموقف هذه الدولة وربما قبول بالأمر الواقع من تلك، مع تشجيع وتحريض، وإن بالخفاء، ممن يهمهم إبقاء شعوب المنطقة برمتها، غارقة في الحروب وتدور بفلك أحلام الحرية والعيش كمواطنين.
وبدأت الاصطفافات الكردية، في المنطقة والمهجر، إلى جانب مسعود البرزاني، رئيس الإقليم الحالي، حتى ممن كان قبل الاستفتاء يراه متهوراً أو ديكتاتورياً، استأثر بحكم الإقليم منذ أكثر من عقدين، ووزع المناصب على أولاده وأقربائه، وأعطى للموارد والثروات، وبمقدمتها صادرات أكثر من 300 ألف برميل نفط يومياً، هالة من السرية والأمن الوطني، في سلوك، رآه كثيرون، يتشابه مع الديكتاتوريين العرب الذين يعتبرون زيت الصحاري هبة الطبيعة لأسرهم الحاكمة، يمنون ببعض عائداته على الشعوب والمشاريع التنموية.
بداية القول: لا يحق ربما لأي مطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية أن يقف بوجه حلم الأكراد، بجغرافيا ودولة تلملم شعبهم وتاريخهم، بعد عقود من النضال والظلم والسعي لوطن واحد موحد.
بيد أن ثمة خلطاً بالأمر، على نحو ما نعتقد، فأن يسعى الأكراد لحقهم المشروع من نظر كثيرين، فهذا لا يعني أن يهضموا حقوق الآخرين، إن بمناطق "كردستان العراق" التي اتسعوا برسم جغرافيتها، لتطاول مناطق تركمان وعرب ومسيحيين، وكانت حتى الأمس القريب خارج الحلم الكردستاني، أو متنازعاً عليها على أقل تقدير، وكأن منابع النفط هي الدليل الوحيد على حدود "كردستان التاريخية".
أو أن يتغاضوا، وهم طلاب الحرية، عن التغيير الديموغرافي وقضم الأراضي السورية، في شمال شرق البلاد، وإخضاع السكان والجغرافيا لمنطق الاستقواء، بعد دعم الولايات المتحدة، والمراهنة عليهم وإن إلى حين.
وبواقع الاستفتاء والمشاريع الانفصالية، وإن التمهيدية التي لاحت بسورية، ربما جدير بالذكر والتذكير، أن نسبة الأكراد بسورية، وكما تقول الكتب والمؤرخون، وحتى عام 1925، لم تكن تزيد عن 5%، والتي تعاظمت بعد انتفاضة الزعيم الكردي سعيد بيران في تركيا على نتائج الدولة التركية ومؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، وقت فرّ من تركيا زهاء 300 ألف كردي لسورية "عين العرب وعفرين" وزادت نسبتهم جراء ذلك لنحو 10% من السكان.
وإن أتينا على القامشلي التي يسميها الإخوة الأكراد "قامشلو" والتي كانت حتى عام 1933 موطن السريان والآشوريين والأرمن، وقت دخلها الأكراد مرحباً بهم من سكانها التاريخيين، وكذلك من خلاف واختلاف، لما يتعلق بعين العرب التي يقال إن الأرمن من بناها عام 1892 ودخلها الأكراد بالتزامن مع تأسيس الجمهورية التركية، أو منبج وعفرين والمالكية.
قصارى القول: ربما لا استدامة لحدود يتم رسمها بالدم، بحسب وصف رئيس إقليم كردستان العراق، لأن التداخل الجغرافي والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين مكونات دول المنطقة، تجعل من حدود الدم سطحية، يمكن أن تتلاشى بعد أول فلاحة للأرض أو محاكمة عقلاء يرون باستعداء دول الإقليم سجناً ترتفع جدرانه كلما زادت الأطماع وتأجج الصراع.
وقد يكون الأهم بالمسألة، وفضلاً عن تخلي الإخوة الأكراد عن مطالبهم السابقة بتحصيل الحقوق والمساواة ضمن دول ديمقراطية، والسعي لدولة على اعتبار قومي، بواقع بطلان هذا المبرر والتأكد أن مقومات استمرار الدول وغناها، يتأتى عبر التعددية وسيادة القانون، لا صفاء العرق والدم.
إن الأكراد يردون على مظلمة التاريخ والحكام لهم بظلم سكان المنطقة الذين كانوا إلى جانبهم في الظلم وفي النضال، إذ لم يكن للسوريين من قرار بفرض العربية على الأكراد وسلبهم حقوقهم بالتجنيس والملكية والوظائف، حتى يرد الأكراد، وفي أول منعطف، على السكان وحقوقهم بالجغرافيا والعيش، فيفرضون قانونهم وتحالفاتهم ولغتهم على سكان المنطقة، ويتغافلون ربما عن ظلم الحكام.
على الأرجح، أرّخ 25 سبتمبر/ أيلول لمرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط برمتها، فإن تغلب الأكراد في العراق على الحصار ومعارضة دول الجوار لاستفتائهم وإعلان الدولة، وهذا من الصعوبة وربما من الاستحالة بمكان، بعد اجتماع "الخصوم" على مشروع الأكراد، فسيفتح هذا التاريخ لحروب وخصومات وربما تفتيت، إن أتى بالتزامن مع إنهاء "فزاعة داعش" فلن تكون كمثلها، لجهة استدامة الصراع وربما دفع الأثمان التي سيتكبدها الشعب المتطلع للحرية، من عرب وأكراد.
نهاية القول، مرة أخرى، من أبسط حقوق الأكراد، بل أي شعب بالعالم، أن يسعى للحرية والمواطنة والعدالة، وخاصة أن الحكام الديكتاتوريين بالمنطقة العربية سلبوا حقوق الأكراد كمواطنين، عبر عقود من الزمن، فحولوا أحلامهم من الحكم الذاتي إلى الفيدرالية وأخيراً للانفصال وتأسيس دولة كردستان العراق تمهيداً لكردستان الكبرى.
وربما بتغافل حكومة بغداد المركزية عن مطالبهم التي نص عليها القانون، بل وبتحكم أنصار طهران وبيادقها في بغداد، بمصير العراق والعراقيين، يعطى مبرر إضافي لسعي الأكراد إلى اقتناص فرصة ومرحلة تاريخية قد لا تتكرر. بيد أن كل ذلك لا يبرر للبعض على الأقل، الشوفينية التي بدأنا نراها ونلمسها، وهم من يعيبون تاريخياً على "البعث القومي" أو التنكر لحقوق الشعب العربي وحريته، وهم طلاب حقوق وحرية على مدى التاريخ.
بداية القول: لا يحق ربما لأي مطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية أن يقف بوجه حلم الأكراد، بجغرافيا ودولة تلملم شعبهم وتاريخهم، بعد عقود من النضال والظلم والسعي لوطن واحد موحد.
بيد أن ثمة خلطاً بالأمر، على نحو ما نعتقد، فأن يسعى الأكراد لحقهم المشروع من نظر كثيرين، فهذا لا يعني أن يهضموا حقوق الآخرين، إن بمناطق "كردستان العراق" التي اتسعوا برسم جغرافيتها، لتطاول مناطق تركمان وعرب ومسيحيين، وكانت حتى الأمس القريب خارج الحلم الكردستاني، أو متنازعاً عليها على أقل تقدير، وكأن منابع النفط هي الدليل الوحيد على حدود "كردستان التاريخية".
أو أن يتغاضوا، وهم طلاب الحرية، عن التغيير الديموغرافي وقضم الأراضي السورية، في شمال شرق البلاد، وإخضاع السكان والجغرافيا لمنطق الاستقواء، بعد دعم الولايات المتحدة، والمراهنة عليهم وإن إلى حين.
وبواقع الاستفتاء والمشاريع الانفصالية، وإن التمهيدية التي لاحت بسورية، ربما جدير بالذكر والتذكير، أن نسبة الأكراد بسورية، وكما تقول الكتب والمؤرخون، وحتى عام 1925، لم تكن تزيد عن 5%، والتي تعاظمت بعد انتفاضة الزعيم الكردي سعيد بيران في تركيا على نتائج الدولة التركية ومؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، وقت فرّ من تركيا زهاء 300 ألف كردي لسورية "عين العرب وعفرين" وزادت نسبتهم جراء ذلك لنحو 10% من السكان.
وإن أتينا على القامشلي التي يسميها الإخوة الأكراد "قامشلو" والتي كانت حتى عام 1933 موطن السريان والآشوريين والأرمن، وقت دخلها الأكراد مرحباً بهم من سكانها التاريخيين، وكذلك من خلاف واختلاف، لما يتعلق بعين العرب التي يقال إن الأرمن من بناها عام 1892 ودخلها الأكراد بالتزامن مع تأسيس الجمهورية التركية، أو منبج وعفرين والمالكية.
قصارى القول: ربما لا استدامة لحدود يتم رسمها بالدم، بحسب وصف رئيس إقليم كردستان العراق، لأن التداخل الجغرافي والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين مكونات دول المنطقة، تجعل من حدود الدم سطحية، يمكن أن تتلاشى بعد أول فلاحة للأرض أو محاكمة عقلاء يرون باستعداء دول الإقليم سجناً ترتفع جدرانه كلما زادت الأطماع وتأجج الصراع.
وقد يكون الأهم بالمسألة، وفضلاً عن تخلي الإخوة الأكراد عن مطالبهم السابقة بتحصيل الحقوق والمساواة ضمن دول ديمقراطية، والسعي لدولة على اعتبار قومي، بواقع بطلان هذا المبرر والتأكد أن مقومات استمرار الدول وغناها، يتأتى عبر التعددية وسيادة القانون، لا صفاء العرق والدم.
إن الأكراد يردون على مظلمة التاريخ والحكام لهم بظلم سكان المنطقة الذين كانوا إلى جانبهم في الظلم وفي النضال، إذ لم يكن للسوريين من قرار بفرض العربية على الأكراد وسلبهم حقوقهم بالتجنيس والملكية والوظائف، حتى يرد الأكراد، وفي أول منعطف، على السكان وحقوقهم بالجغرافيا والعيش، فيفرضون قانونهم وتحالفاتهم ولغتهم على سكان المنطقة، ويتغافلون ربما عن ظلم الحكام.
على الأرجح، أرّخ 25 سبتمبر/ أيلول لمرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط برمتها، فإن تغلب الأكراد في العراق على الحصار ومعارضة دول الجوار لاستفتائهم وإعلان الدولة، وهذا من الصعوبة وربما من الاستحالة بمكان، بعد اجتماع "الخصوم" على مشروع الأكراد، فسيفتح هذا التاريخ لحروب وخصومات وربما تفتيت، إن أتى بالتزامن مع إنهاء "فزاعة داعش" فلن تكون كمثلها، لجهة استدامة الصراع وربما دفع الأثمان التي سيتكبدها الشعب المتطلع للحرية، من عرب وأكراد.
نهاية القول، مرة أخرى، من أبسط حقوق الأكراد، بل أي شعب بالعالم، أن يسعى للحرية والمواطنة والعدالة، وخاصة أن الحكام الديكتاتوريين بالمنطقة العربية سلبوا حقوق الأكراد كمواطنين، عبر عقود من الزمن، فحولوا أحلامهم من الحكم الذاتي إلى الفيدرالية وأخيراً للانفصال وتأسيس دولة كردستان العراق تمهيداً لكردستان الكبرى.
وربما بتغافل حكومة بغداد المركزية عن مطالبهم التي نص عليها القانون، بل وبتحكم أنصار طهران وبيادقها في بغداد، بمصير العراق والعراقيين، يعطى مبرر إضافي لسعي الأكراد إلى اقتناص فرصة ومرحلة تاريخية قد لا تتكرر. بيد أن كل ذلك لا يبرر للبعض على الأقل، الشوفينية التي بدأنا نراها ونلمسها، وهم من يعيبون تاريخياً على "البعث القومي" أو التنكر لحقوق الشعب العربي وحريته، وهم طلاب حقوق وحرية على مدى التاريخ.