أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قراراً في وقت متأخر مساء يوم أمس الاثنين بإقالة الأمير فريق ركن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود من قيادة القوات المشتركة، وإحالته للتقاعد مع ابنه الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي آل سعود نائب أمير منطقة الجوف، والتحقيق معهما ومع عدد من الموظفين بسبب وجود "تعاملات مالية مشبوهة" في وزارة الدفاع.
لكن إقالة الأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز، وابنه نائب أمير الجوف عبدالعزيز بن فهد بن تركي، وإحالتهما للتحقيق مع أربعة موظفين آخرين لا ترتبط بقضايا الفساد فحسب، بل بموقع الأمير فهد بن تركي في القوات العسكرية السعودية، ومنصبه كقائد للقوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، وأحد أكثر القادة العسكريين احتراماً داخل الدوائر العسكرية السعودية التي تعاني بشدة في حربها الطاحنة مع مليشيات أنصار الله الحوثية، إضافة إلى ارتباط الأمير فهد بجناح أبناء العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن طريق زوجته عبير، التي حصلت على جزء كبير من ثروة والدها الراحل، والتي يلاحقها الأمير محمد بن سلمان.
وولد الأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز في العاصمة السعودية الرياض عام 1961، لوالده الأمير تركي الثاني الابن الـ21 لمؤسس الدولة السعودية عبدالعزيز بن سعود، حيث كان الأمير تركي نائباً لوزير الدفاع والطيران حتى عام 1983، وهو ذات العام الذي التحق به ابنه الأمير فهد بن تركي في الخدمة العسكرية، حيث حصل على شهادة الدبلوم من مدرسة المشاة التابعة للجيش الأميركي في قاعدة فورت بيننج بولاية جورجيا الأميركية، التي أتم تدريبه فيها.
وترقى الأمير فهد في المناصب العسكرية مساهماً في عدد من الحروب التي خاضتها السعودية، وأبرزها حرب تحرير الكويت عام 1991، حيث عمل في وحدات المظليين وقوات الأمن الخاصة، والتي تعتبر أحد نخب التشكيلات العسكرية في الجيش السعودي، قبل أن يعيّن كنائب لقائد القوات البرية وقائداً لوحدات المظليين وقوات الأمن الخاصة في مارس / آذار عام 2013.
ترقى الأمير فهد في المناصب العسكرية مساهماً في عدد من الحروب التي خاضتها السعودية
لكن الأمير فهد اكتسب سمعته العسكرية، بعد انطلاق عملية "عاصفة الحزم" التي استهدفت دعم الشرعية في اليمن والقضاء على مليشيات أنصار الله، حيث انتقل الأمير فهد الذي كان لواءً في ذلك الوقت للحدود اليمنية، وقاد تشكيلات من النخب العسكرية للجيش السعودي للقيام بعمليات ضد مليشيات أنصار الله الحوثية.
وفي عام 2017 حصل الأمير فهد على رتبة فريق ركن، وعين قائداً للقوات البرية قبل أن يرقى مرة أخرى ليصبح قائد العمليات المشتركة الخاصة وقائد القوات المشتركة لدعم التحالف في اليمن.
وصورت مقاطع عديدة للأمير فهد وهو يتواجد في الخطوط الأمامية للجبهات القتالية للجيش السعودي على الحدود اليمنية السعودية، أو وهو يشرف على القوات اليمنية التي تدعمها السعودية في مأرب وصعدة وميدي، وهو أمر نادر بالنسبة لقائد عسكري من الأسرة الحاكمة، حيث يفضل أغلب القادة العسكريين المنتمين لآل سعود التواجد في مناطق بعيدة عن مواطن القتال والصراع.
وزادت شعبية الأمير فهد عقب ظهور مقاطع فيديو له في عام 2016 وهو يتجول في مناطق الصراع العسكري داخل اليمن، في وقت وفاة والده الأمير تركي.
وطوال فترة الحرب التي امتدت لأكثر من خمس سنوات، اكتسب الأمير فريق ركن فهد بن تركي زخماً عسكرياً كبيراً في أوساط الجنود السعوديين الذين كونوا عقيدة قتالية خاصة بهم في ظل الحرب الطاحنة والمستعرة، والخسائر الكبيرة التي يعانيها الجيش السعودي بسبب وعورة الجغرافيا الحدودية مع اليمن، ورفض السعودية لأي حل سياسي لإنهاء الحرب، وهو أمر قد يمثل خطراً على الأمير محمد بن سلمان، الذي يرى في كل أمير سعودي يملك شعبية أو يحظى برضا دولي خطراً كبيراً عليه.
مرتبة موازية لبن سلمان
كما أن الأمير فريق ركن فهد بن تركي له صلة قرابة مع جناح أبناء العاهل السعودي السابق الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث إنه متزوج من عبير ابنة العاهل السعودي الراحل، والتي ورثت ثروة ضخمة عن أبيها، وهي الثروة التي استطاع بن سلمان مصادرتها من أخويها الأمير متعب الذي سجن في الريتز كارلتون في أواخر عام 2017 قبل أن يفرج عنه، والأمير تركي بن عبدالله الذي لا يزال مغيباً حتى هذه اللحظة، بعد وفاة مدير مكتبه اللواء علي القحطاني تحت التعذيب.
ويعد الأمير فهد واحداً من أمراء الصف المتقدم، أي المرتبطون مباشرة بمؤسس البلاد الأمير عبدالعزيز، وهو في ذات الرتبة التي يقع فيها الأمير محمد بن سلمان مباشرة، أي أنه نظرياً يملك فرصة للصعود والحصول على مناصب أكبر، كما أن والدة والده هي حصة السديري، وهي ذاتها والدة الملك سلمان، ووالدة "السديريين السبعة" الذين أداروا مقاليد البلاد لأكثر من 50 عاماً.