من يُرقِّع ثقوب الحوثي؟

07 يناير 2015
+ الخط -

لم ير الدكتور، عبد الكريم الإرياني، وهو يصف الوضع الراهن، أصدق تعبيراً من كلمة "شاذ" التي باتت قريبة الى الواقع الذي نعيشه، وسط كومة رماد من تدهور الأوضاع، وكمّ هائل من الانتقادات، وفتح ثغرات للصراع، مع تصاعد سخونة المشهد، وتزايد ممارسات الحوثي الخبيثة.

أصبح الحوثي اللاعب الوحيد على الساحة، غير مدرك بتاتاً أن ذلك قد يدق به وتر التراجع والسقوط الوشيك. بل إنها بداية النهاية لتصرفاته السلبية، وهو ما أبرمت عليه الجماعة من خلال لغات متفاهمة، ورسائل شبه واضحة للرجوع إلى بنود السلم والشراكة، والتفاهم مع مختلف القوى، بعد ما بدأت وحيداً في خلوة الوضع، والمشهد الساخن.

قبل أيام، هاتفني والدي وكثيرون، بعد قراءتهم مقال العزيز علي البخيتي، أحد أبرز قيادات أنصار الله "الحوثيين"، في صحيفة الأولى بعنوان "تركت وحيداً والآن ندفع الثمن جميعاً"، وتناقشت معهم بخصوص ما تناوله المقال الذي أحدث تأثيراً كبيراً واستغراباً ملحوظاً لدى الجميع، كونه يتناقض مع انتمائه الفكري والسياسي، ويتناسب مع روحه الأخلاقية والمُشرَّفة والشفافة على السطح في الموقف الذي اتخذه، ورواه في مُجمل سطوره في التصدي للجماعة، عندما أقدمت على اقتحام منزل زوجة الشيخ حميد الأحمر السابقة. وظل باسطاً وماكثاً هناك برفقة الزميل العزيز نائف حسان ومحمود ياسين .

قرأتُ المقال مراراً وتكراراً، كما سبق أن قرأت لمحمد المقالح وغيرهم الذين أصبحت مقالاتهم تتناقض، أيضاً، مع ميولهم الفكرية والسياسية، في ظل ممارسة جماعة أنصار الله السلبية الفظيعة. وصلتُ فجأة الى حالة من التفكير، وتراجعت قليلاً إلى الوراء. ونبشت الذاكرة، لأتذكر سر حديث لي من أحد الزملاء الإعلاميين والمقربين من الجماعة بقوله "هناك حالة من الانقسام داخل الجماعة، هناك ممارسات تقوم بها خلايا موغلة داخل الحركة. وليست القيادة العليا على علم بممارسات بعضهم، وعلى هذا الأساس، هناك حالة الصمت بشأن بعض الخروقات والاقتحامات باسم الجماعة".

استناداً إلى ذلك، وما سبقه من امتصاص لشعبية الحركة، من خلال ممارساتها التي أظهرت حسن النيات، ووضحت أهدافها، في اتساع رقعة الفوضى التي تنعكس سلبيّاً على الحركة. خصوصاً بعد ما أصبحت اللاعب الوحيد في الساحة بطريقة غير شرعية، وبعقلية متخلفة، وغير مقبولة، وهذا دليل على وجود ثغرات داخل الحركة، وبداية النهاية التي ستسقط تلك الجماعة الشاذة في سرعة انتشارها، وانهيارها كما نهضت. وهذا ما تم ترجمته في مقالات وتصريحات بعضهم.

أصبحت أعمال الحوثي مصدر قلق لدى الجميع، فقد ظهرت جليةً على السطح، بعد أن كانت غامضة لدى بعضهم، وتقلصت شعبيته مع نشاطاته وخطواته السلبية، وتراجع قوته القتالية في أثناء المعارك التي خاضها وخسرها في رداع وإب وغيرهما.

بات الرئيس، عبد ربه منصور هادي، ومع مرور الوقت، ضائعاً تائهاً في عالم آخر، وكأنه يبدو في صحراء قاحلة، تتعطش من ماء الرجوع، للملمة الوضع، في ظل السكوت المخزي والغموض الذي يحوم حوله إزاء تدهور الأوضاع، بل وتساقط الأوراق والحلول، بعد التخاذل الفظيع الذي اتخذه تجاه جماعة الحوثي.

يتعطش اليمن لرحيق الأمن، يلهث بعبء وبطء نحو الاستقرار، يبحر في شاطئ النجاة متيقناً، ومتأملاً خروجه من المأزق المؤلم الذي اندرج فيه من دون جدوى. ما زال الوضع في حالة من الغليان المُتصاعد على نار العنف، ولا تزال بعض القوى تنخر على جسد الوطن لإعاقته، بل نجحت في ذلك. وتغلغلت بعمق في خلاياه، ما بلورت حركة نهوضه من خلال ما مارسته من فوضى ودمار.

اليمن على كف عفريت، والحوثي يمر بمرحلة صعبة، وحالة من الهذيان والتخبط. أدرك، أخيراً، أنه يرتكب خطأ فادحاً، ويميل شيئاً فشيئاً نحو إحراق الحركة وتشويه صورتها في المجتمع، لما ترتكبه من خروق وخطوات متسارعة، أدت إلى حدوث صراع وخلاف داخل المطبخ الخاص، كما بدا لنا المشهد كذلك مع وجود احتمال في تقسيم أدوار بين القيادة الحوثية.

فمن يرقع ثقوب الحوثي؟ ويسد ثغراته التي نخرت على جسد اليمن؟ من يتحمل مسؤولية تلك الأحداث المؤلمة التي عصفت على الشعب؟ ما الخطوة التي سيقدم عليها الحوثي في ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها. ليدفع ثمن الأخطاء التي ارتكبها؟ ويعود مجدداً إلى المشهد بطرق أخرى، ولغات واضحة وشفافة عكس الماضي؟

ستحمل الأيام القليلة المقبلة لنا الأجوبة عن تلك التساؤلات، وباتت الساعات الجارية تعطينا نماذج أجوبة لملامح تلك التساؤلات.

 

 

CB59BB83-CDAC-4C33-81B8-A68DBAFDF14C
CB59BB83-CDAC-4C33-81B8-A68DBAFDF14C
راكان عبد الباسط الجُبيحي
راكان عبد الباسط الجُبيحي: مدوّن من اليمن.
راكان عبد الباسط الجُبيحي